الآثار الاقتصادية لقرار السعودية منع الحج من الخارج للعام الثاني على التوالي وبسبب التحديات الصحية التي فرضتها جائحة كورونا ذهبت السلطات السعودية إلى إتاحة التسجيل للراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام على المواطنين والمقيمين داخل المملكة فقط، بإجمالي 60 ألف حاج.
وجاء القرار السعودي بهدف الحفاظ على الحالة الصحية للحجاج ومنع تفشي فيروس كورونا بينهم، رغم حصول عدد من المسلمين على اللقاحات المضادة للفيروس، وهو ما لاقى إشادة من عدد من الدول الخليجية.
وقالت وزارة الحج إنه سيُسمح لحوالي 60 ألف شخص فقط بتأدية مناسك الحج هذا العام، وستتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً، وجميعهم تلقوا التطعيم، وستكون الأولوية لمن لم يحج سابقاً.
وشهد 2020 موسماً استثنائياً للحج، ومراعاة لجائحة “كورونا”؛ إذ اقتصر عدد الحجاج آنذاك على نحو 10 آلاف من داخل السعودية فحسب، مقارنة بنحو 2.5 مليون حاج في 2019 من كل أرجاء العالم.
خسائر متوقعة
وأمام القرار السعودي الجديد لاقتصار الحج على المواطنين والمقيمين تتوقع شركات السياحة السعودية أن تصل خسائرها إلى الملايين، خاصة أن إيرادات الحج والعمرة كانت تبلغ حوالي 12 مليار دولار سنوياً، وفق تقرير لـ”بي بي سي”.
ويضعف اقتصار الحج على المواطنين والمقيمين من تطبيق خطة الإصلاح التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن
سلمان وهي “رؤية 2030″، التي تشمل تطوير السياحة الدينية التي تدر مليارات الدولارات.
وتأمل المملكة في استقبال ستة ملايين حاج و30 مليون معتمر بحلول 2030، حيث كان من المتوقع أن تتجاوز
عائداتها 50 مليار ريال سنوياً مع تحقيق أهداف الرؤية.
وسيحرم إلغاء استقبال حجاج الخارج المملكة من عائدات كبيرة، حيث يبلغ متوسط إنفاق الحاج في الداخل 7 آلاف
ريال سعودي (1866 دولاراً)، فيما يبلغ إجمالي تكلفة الحج بالنسبة للشخص الواحد من حجاج الخارج بين 4 و5
آلاف دولار في المتوسط.
وسيفقد قرار اقتصار الحج على المواطنين والمقيمين الخزينة السعودية قيمة استصدار التأشيرة، التي تبلغ 300 إلى
500 ريال سعودي (80-135 دولاراً).
وأظهرت دراسة لمركز “السجيني” للاستشارات الاقتصادية والإدارية أن 40% من إنفاق الحجاج يذهب إلى السكن
وأماكن الإقامة التي تمثل عدة شرائح ومستويات متباينة، فيما يذهب 31% لصالح النقل والمواصلات، أما الهدايا
فتبلغ نسبة الإنفاق عليها 14% من إجمالي الإنفاق، يليها الغذاء بنسبة 10%، في حين يتذيل القائمة بقية أوجه الإنفاق
الأخرى التي تمثل 5% من الإجمالي.
حجيج الخارج
وينعش حجيج الخارج قطاعات عدة أبرزها تجارة اللحوم (ذبح الهدي)، والمواصلات، والمطاعم، وغيرها من
المجالات التي تدر إيرادات كبرى للبلاد، كما يسهم هؤلاء الحجاج في رفع الطلب على الريال السعودي بقوة في
مختلف بلدان العالم؛ وهو ما سيفقده العام الجاري.
وسيتسبب غياب حجاج الخارج في خسارة 200 ألف فرصة عمل وفق تقديرات غير رسمية، تشمل قطاع الخدمات
مثل مرافقة الحجاج، وحراسة المخيمات، وقيادة المركبات، وأعمال النظافة، وكذلك قطاعات النقل، والضيافة، والتغذية، والتجارة، والتسويق.
ووفق تصريحات صحفية لعضو لجنة الحج في الغرفة التجارية والصناعية بمكة المكرمة، محمد سعد القرشي، فإن
العوائد المالية لـ300 شركة نقل داخل مكة فقط تعمل في نقل الحجيج وصلت إلى 900 مليون ريال (ما يعادل 240
مليون دولار) خلال موسم حج 2019، قبل تفشي الجائحة.
وسبق أن أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن موسم الحج، الذي ينظم كل عام ويستمر خمسة أيام،
والذي توافق بدايته هذا العام أواخر يوليو المقبل، يمثل مصدراً لهيبة السعودية على الصعيدين السياسي والديني، علاوة على أنه يساعدها على جني إيرادات سنوية تقدر بنحو 8 مليارات دولار.
وتمتد الآثار الاقتصادية لإلغاء استقبال حجاج الخارج إلى دول أخرى كانت تستفيد مكاتبها السياحية من رحلات
الحجاج، ففي مصر قال أحمد البكري، عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، ومالك شركة سياحة تعمل في الحج
والعمرة، إن القرار السعودي “جاء بهدف الحفاظ على الأنفس البشرية، لكن في ذات الوقت شركات السياحة تلفظ
أنفاسها الأخيرة من جراء توقف عمل القطاع بشكل كامل منذ ظهور الجائحة”.
وأشار البكري، في تصريحات لموقع “مصراوي”، إلى أن الخسائر كبيرة للغاية، ومتفاوتة، حيث من المتوقع أن تصل إلى 400 مليون جنيه (6.2 ملايين دولار)، وهو ما تواجهه أيضاً معظم الدول الإسلامية التي اعتادت إرسال
حجيجها للمملكة.
المصدر: مواقع اخبار