رغم اكتساب المرأة السعودية لبعض من حقوقها مثل إنهاء حظر القيادة وتمكين المرأة من التقدم بطلب للحصول على جواز سفرها الخاص وتسجيل ولادة طفلها
إلا إن التركيز على المكاسب الاقتصادية للمرأة يحول الانتباه بعيدا عن استمرار العقبات الاجتماعية أمام تمكين المرأة.
كما أن استمرار قوة الشبكات الاجتماعية في المملكة التي يهيمن عليها الذكور، مع انخفاض مستويات تمثيل المرأة في المناصب القيادية في القطاع العام
يثبت أن تأثير النساء أضعف من نظرائهن الذكور، وعدم وصول النساء للواسطة سيواصل الحد من مكاسبهن.
وتنظر سلطات آل سعود إلى المعايير الدولية على أنها أفضل معيار للإصلاح داخل المملكة، لكن الواقع أن المعايير التي طُوّرت لأجل سياقات أخرى سوف تغفل محاذير السياق المحلي.
فبالرغم من مشاركة المزيد من النساء في سوق العمل، إلا أن بطالة الإناث لا تزال مرتفعة بنسبة 24.4%، مقارنة
بمعدل بطالة الذكور البالغ 7.1%.
والأهم من ذلك، أن النساء لا تحتل إلا 2.5% فقط من المناصب القيادية في الحكومة (تمثل 25.6% من الناتج
المحلي الإجمالي)، وهو أقل من الهدف المحدد البالغ 5%.
ويستمر هذا المستوى المتدني على الرغم من إدخال التدريب على القيادة والحوافز لتشجيع توظيف المزيد من النساء.
وتتركز النساء القياديات في الحكومة في القطاع العام، وتحديدا في التعليم والرعاية الصحية.
وفي حين لا يمكن تجاهل الإنجازات، فإن التمثيل في القيادة الحكومية حتمي للنهوض بالنساء، ويشير عدم التمثيل
الكافي إلى عجز كبير في رأس المال الاجتماعي للنساء.
وحاليًا يحتاج الوصول إلى شبكات القوة والدعم إلى الاستناد إلى العلاقات بالرجال، وتعتمد شبكات النساء ووصولهن
إلى السلطة في مكان العمل على أقاربهن الذكور غالبًا، والذين قد يترددون في تسهيل تقدم المرأة.
حتى عندما تبحث النساء عن الواسطة من داخل دوائر الصداقة، فإن القرارات التي ستتخذ بشأن توظيفهن والمقابلات
والعروض، غالبا ما تكون في أيدي الرجال في نهاية المطاف.
وبالتالي، فإن الطبيعة الجنسانية للوظائف ومقاومة أفراد الأسرة للسماح للمرأة بالعمل، يزيد من الحاجة إلى شبكات داعمة في أماكن العمل.
نساء بلا واسطة
تؤكد الدراسات أهمية وجود الواسطة والشبكة الاجتماعية القوية للوصول إلى الوظائف والتقدم في الحياة المهنية،
وتختلف الخبرات بناء على الطبقة والوضع الأسري وغيرها من المؤشرات الاجتماعية
لكن بشكل عام، تظل أنماط التوظيف مختلفة وفق الجنس، ويهيمن القبول الاجتماعي في كثير من الأحيان على اتخاذ القرارات.
وبالتالي، فإن الجهود المبذولة لتعزيز بيئات العمل من خلال مرافق رعاية الأطفال وسياسات مكافحة التمييز، تقوم بتخفيف مقاومة عمل النساء.
ومع ذلك، لا تزال الضغوط الاجتماعية لتحقيق الأدوار المحددة لكلا الجنسين، أقوى.
تواجه النساء قيودًا منهجية على اختياراتهن، وهذه القيود ليست مؤسسية فحسب، بل ترتبط ارتباطا وثيقا باستمرار
المعايير الاجتماعية والثقافية، مما يحدد أدوارهن بطرق قد لا تتماشى مع تصوراتهن الخاصة.
ومع استمرار ثقافة الواسطة، وتطورها في الوقت ذاته لتتجاوز علاقات القرابة إلى الصداقات، فإن من الأهمية بمكان
أن تحصل النساء على مناصب قيادية لمواجهة محسوبية شبكات الذكور.
ولن يتحقق بعض التمكين الحقيقي للنساء في سوق العمل إلا من خلال إرادة سياسية من أعلى الهرم، حيث ستحتاج
النساء إلى احتلال المواقع القيادية، لتحقيق تغيير حقيقي ومستدام.