سياسةمجتمع

القتال في محافظه مأرب.. بؤرة صراع استعصت على الحوثيين وعلى الحل الأممي

تثير المعارك الدائرة غرب مدينة مأرب مشاعر القلق والخوف لدى فارس عادل، من مصير مماثل يعيد له مأساة نزوحه من العاصمة صنعاء قبل 6 أعوام، حين أحكم الحوثيون سيطرتهم على معظم محافظات ومدن اليمن.

وعبر تطبيق واتساب، يتابع فارس الأخبار عن انفجارين هزا المدينة يوم الثلاثاء، “الانفجارات أصبحت دائمة”، وإن الحوثيين “يقصفون الأحياء بالصواريخ الباليستية، ولا ندري إلى متى سيظل الوضع على هذه الحال”

ووفق بيان لمحافظة مأرب، فإن الانفجارين نجما عن سقوط صاروخين باليستيين أطلقهما الحوثيون، وأسفرا عن مقتل 3 مدنيين بينهم طفل، وإصابة 10 آخرين.

ودوى الانفجاران بينما كانت معارك عنيفة تجري بين القوات الحكومية المسنودة بالقبائل ومقاتلات التحالف السعودي الإماراتي من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، في شمال وغرب مأرب، إذ يصر الحوثيون منذ 5 أشهر على إحراز تقدم نحو المدينة.

وتعد محافظة مأرب معقلا للقوات الحكومية، وهي تحوي حقول النفط والغاز، ويسكنها أكثر من 2.5 مليون شخص.

لكن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع قال في تغريدات على تويتر الليلة الماضية، إن الصاروخين استهدفا معسكر صحن الجن ومعسكر المنطقة العسكرية الثالثة التابعين للقوات الحكومية، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات ممن وصفهم بـ”المرتزقة”، مشيرا إلى أن سقوط المدنيين “ادعاء لا أساس له من الصحة”.

واقع ميداني جديد

وتحولت المعارك في مأرب إلى حرب استنزاف للحوثيين، إذ دفعوا بالمئات من مسلحيهم في معارك صارت بؤرة من القتال العنيف، حسب ما يقول الضابط في القوات الحكومية جواد الغفوري.

ويقول الغفوري للجزيرة نت إن الحوثيين يسعون إلى تحقيق خرق في الدفاعات المحكمة للقوات الحكومية في مناطق المشجح والكسارة ورغوان غرب مأرب.

ويسعى الحوثيون لفرض واقع ميداني عسكري يرون أنه قد يساعدهم في التخفف من وطأة الضغوط الدولية المطالبة بالانخراط الجاد في وقف إطلاق النار، حسب ما يقول محمد موسى العامري مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي.

ويضيف العامري، وهو عضو في فريق الحكومة المشارك في المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة إن اشتداد حدة
المواجهات “جاء في أعقاب تصريحات أميركية بالاعتراف بالحوثيين كمكوّن شرعي. وهو أمر ربما فهمه الحوثيون بمثابة ضوء أخضر لتحقيق مكاسب عسكرية في مأرب”.

وكان المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيموثي ليندركينغ قال إن الولايات المتحدة تعترف بجماعة الحوثي طرفا
شرعيا في اليمن، قبل أن تعود الخارجية الأميركية للقول إن تصريحاته فهمت خطأ، وإن واشنطن تعترف بحكومة
اليمن حكومة شرعية وحيدة.

وحدد العامري المعضلة في مفاوضات وقف إطلاق النار، وقال إن “المشكلة تتعلق بأن الحوثيين يفسرون رغبة

الحكومة اليمنية والتحالف العربي والمجتمع الدولي في إنهاء الحرب بأنه نوع من الاستجداء الناجم عن الضعف أو
الهزيمة التي يمكن استغلالها للتوسع عسكريا”.

معركة مستعرة

لكن عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي محمد البخيتي، يقول إن المعركة في مأرب مستمرة منذ بداية تدخل
التحالف في اليمن، ولن تتوقف إلا بوقف ما أسماه بالتدخل العسكري الخارجي وانسحاب القوات الأجنبية.

وبحسب حديث البخيتي فإن تجدد القتال “تحرير للمدينة -التي تحوي أكبر حقول النفط والغاز- من دول العدوان التي
حرمت اليمن من ثرواته، فضلا عن أن قيادة قوات تحالف العدوان موجودة في مأرب”.

ويقول إن الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار في مأرب مع استمرار الغارات الجوية وإغلاق مطار صنعاء وميناء
الحديدة، “لا تعبر عن رغبة حقيقية في تحقيق السلام”، بل عن رغبة في “شرعنة الاحتلال على حقول النفط والجزر
اليمنية والهيمنة على المنافذ البرية والبحرية والجوية”.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، قال في آخر إحاطة لمجلس الأمن الدولي إن الأطراف اليمنية “غير
قادرة” على تجاوز خلافاتها، بعد أن فشلت جهوده لوقف إطلاق النار في مأرب بالتزامن مع فتح مطار صنعاء وميناء
الحديدة، إذ يصر الحوثيون على تنفيذ الشق الأخير أولا قبل وقف المعارك.

لكن البخيتي يقول إن تلك الجهود صارت جزءا من المشكلة، لكون الولايات المتحدة “شريكة في التحالف، بينما تنحاز
الأمم المتحدة له”. ويؤكد البخيتي أن رؤية جماعة الحوثي لتحقيق السلام “تتمثل بوقف العدوان ورفع الحصار
وانسحاب القوات الأجنبية”، مقابل وقف الحوثيين عملياتهم العسكرية في ما سماه “عمق العدو”.

الطرف الأقوى

وقالت ندوى الدوسري الباحثة اليمنية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن إن الحوثيين “يريدون السيطرة على مأرب،
ويعلنون ذلك صراحة، ولم يتحدثوا عن العكس، كونهم فرضوا واقعا على الأرض كطرف أقوى عسكريا ولديه إستراتيجية واضحة”.

وترى أن الحوثيين “يتعاملون بذكاء مع مفاوضات الحرب، إذ يفهمون أن غريفيث يريد حلا ويريد موافقتهم، كما أن
فرصه في وقف إطلاق النار ضئيلة”.

وأضافت أن الحوثيين “يدركون أن السعودية أصبحت تريد أن تنهي تدخلها العسكري، لذا يتحدثون من موقف قوة ويفرضون شروطهم”.

ووفق الدوسري، فالمجتمع الدولي والتحالف والأمم المتحدة ليس لها تأثير على الحوثيين في تغيير اتجاههم بالسيطرة
على مدينة مأرب، مشيرة إلى أن غريفيث “يعمل وفق ما يتمنى أن يحدث وليس وفق قراءة للواقع على الأرض”

المصدر :مواقع اخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى