التوتر يتزايد في تونس مع استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية
أدى تأخر الرئيس التونسي قيس سعيد في الإعلان عن خارطة طريق للفترة القادمة بعد عشرة أيام من إمساكه بزمام السلطة التنفيذية إلى زيادة حالة التوتر بين التونسيين، مع انتظار الأصدقاء والخصوم بفارغ الصبر لرؤية خطوات تخرج البلاد من حالة الشلل السياسي والاقتصادي.
وعزل سعيد في 25 يوليو تموز رئيس الوزراء هشام المشيشي وعلق عمل البرلمان، وقال إنه سيحكم جنبا إلى جنب مع رئيس وزراء جديد. ودفعت هذه الخطوة المنتقدين إلى اتهامه بالانقلاب، كما أنها تثير المخاوف بشأن مستقبل النظام الديمقراطي في البلاد.
وعلى الرغم من أن حلفاء سعيد ما زالوا يتوقعون منه الإعلان عن اسم رئيس للوزراء في وقت قريب، فإنه لا يوجد أي مؤشر على خارطة طريق للتعامل سواء على المدى الطويل أو خلال فترة الطوارئ الراهنة التي حددها لمدة شهر في بادئ الأمر لكنه قال إنه من الممكن تجديدها.
وقال سامي الطاهري القيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل “الوضع حساس وهناك مخاوف حقيقية من عدم وجود نقاشات تشاركية في القرارات وخطة الفترة المقبلة”.
وسواء كان تدخل الرئيس المفاجئ سيُنظر له في نهاية الأمر على أنه انقلاب، مثلما وصفه رئيس البرلمان، أو لحظة
تجديد لعملية ديمقراطية انحرفت عن مسارها، فإن ذلك سيعتمد على ما سيفعله سعيد مستقبلا.
وتقول مصادر مقربة من القصر الرئاسي في قرطاجة إن سعيد يريد رئيسا للوزراء من بين صناع السياسات الاقتصادية.
ويتوقع خبراء سياسيون في تونس الآن أن يعمد سعيد إلى سن قانون جديد للانتخابات ووضع دستور يركز السلطة في
قبضة الرئيس ويلغي ترتيبا لمشاركتها مع البرلمان، وهو ما يعتبر على نطاق واسع سبيلا يؤدي للتعثر والفساد.
لكن لم يتضح بعد كيف سيبدو الدستور الجديد، وإلى أي مدى سيكون ديمقراطيا وما الدور المتوقع للبرلمان بموجبه
وما إن كان سيحظى بدعم من بقية الأطراف الرئيسية الأخرى وما هي السبل المستخدمة لإقراره.
ليست حملة
يقول سعيد إن خطواته دستورية، على الرغم من أن الكثير من خبراء القانون التونسيين وحزب النهضة الإسلامي،
أكبر أحزاب البرلمان، يرفضون ذلك.
ورغم اعتقال القليل من أعضاء البرلمان بتهم قديمة بعد رفع الحصانة الدبلوماسية فإن الرئيس سعيد لم يشن حملة
كبيرة على معارضيه أو منتقديه.
ويحظى سعيد على ما يبدو بشعبية واسعة في بلد تسببت جائحة كوفيد-19 في تفاقم الركود الاقتصادي والسياسي الذي
يعاني منهما منذ أعوام، ولاقت خطواته تأييدا من الشعب.
وقال ماهر بن علي، وهو بائع فاكهة في حي باب الخضراء الشعبي بالعاصمة تونس “نحن راضون عن الرئيس… لكني أقول له لا تتأخر. سيدي الرئيس امضي بسرعة ونحن نريد أن نرى الأفعال الآن”.
وقام سعيد بتغيير عدة وزراء على نحو مباشر، مما يعزز الانطباع بأنه سيلعب الدور الرئيسي في الحكومة.
وفي حزب التيار، الذي وصف خطوات سعيد في البداية بأنها انتهاك ثم خفف نبرته بعدما تبين أن الرئيس يحظى بدعم
واسع النطاق، قال مسؤولون إنهم يريدون رؤية خارطة طريق.
وقال نبيل حجي المسؤول في الحزب “كل يوم يمر يفل في آمال التونسيين في تنقية المناخ السياسي ويستثمره مجرمو
التحالف السياسي المالي القذر في إعادة التموقع وتوسيع شبكة الابتزاز والتهديد”.
وفي حزب النهضة يسعى بعض كبار المسؤولين إلى التراجع عن موقف الحزب الذي يصف خطوات الرئيس بأنها
انقلاب، وهو الموقف الذي قد يُناقش في اجتماع من المرجح أن يكون صعبا لمجلس الحزب الأعلى ويتوقع عقده في
وقت متأخر يوم الأربعاء.