سياسة

المشهد التاريخي لهروب الأمريكيين المُذل من أفغانستان… هروب بطعم الهزيمة

مثَل الخروج المُذل للقوات الأمريكية من أفغانستان، هروباً مصبوغاً بطعم الهزيمة، على غرار الانسحاب المهين
للقوات الأمريكية من سايغون في فيتنام عام 1975 عندما كان بايدن حينها لا يزال عضواً في مجلس الشيوخ
الأمريكي، خصوصاً بعد أن سيطرت حركة “طالبان” على أجزاء كبيرة من أفغانستان بما فيها العاصمة كابول.

ولم يكن هذا الخروج المذلّ للقوات الأمريكية يحدث، لولا (اتفاق الدوحة)، والذي خرجت بموجبه هذه القوات من
الأراضي الأفغانية، نظراً للكلفة الباهظة لهذه الحرب منذ العام 2001، حين غزاها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج
بوش الابن بذريعة محاربة تنظيم “القاعدة” بقيادة أسامة بن لادن.

وأعلنت حركة طالبان انتصارها بعد هروب الرئيس الأفغاني أشرف غني وانهيار حكومته تماما الأحد الماضي.. وكانت العاصمة كابول آخر مدينة رئيسية تسقط في حملة الحركة التي بدأتها منذ عدة أشهر، لكنها تسارعت في الأيام
القليلة الماضية، لتسيطر على الكثير من الأراضي على نحو أدهش الكثير من المراقبين

وتعتبر عودة الحركة إلى الحكم بمثابة إعلان بنهاية الوجود الأجنبي، بقيادة الولايات المتحدة، الذي استمر 20 عاما.. وهو ما شكل هزيمة مدوية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بامتياز.

وقال النّاطق باسم حركة (طالبان) ذبيح الله مجاهد في مؤتمر صحفي له أمس: إنّ “أفغانستان تمكّنت بعد مقاومة شديدة
من طرد المحتلين”.. معتبرًا أنّ الشعب الأفغاني كلْه شريك في الإنجاز الذي تحقّق بتحرير البلاد من المحتلّين.

وتابع: إنّنا “سنعمل على تأمين العاصمة وضواحيها والسفارات والبعثات الدبلوماسية، ودخلنا كابول لحفظ الأمن
وحكومة غني خذلتنا وأخلت المواقع الأمنية دون تنسيق”.. مضيفاً: “نطمئن العالم وخاصة الولايات المتحدة بأنّ الأراضي الأفغانية لن تستخدم ضدّ الآخرين”.

%D8%B9%D9%88

ويبدو أن الولايات المتحدة لم تتعلم الدرس من الاتحاد السوفياتي سابقاً، حين خرج من أفغانستان بعد حرب دامت 10
سنوات، ولم يحقق شيئاً على الأرض، وبقيت أفغانستان أرضاً عصيّة على كل محتلّ، مهما كانت قوته وعظمته.ولفت إلى أن الأمريكيين أخرجوا التجهيزات وحتى الكلاب البوليسية من أفغانستان ولم يُخرجوا من تعامل معهم.. قائلاً: إن بايدن قال إنّه ليس من واجب الأمريكيين القتال عن أحد وهذه رسالة لمن ينتظرهم ليقاتلوا عنه”.

حرب فيتنام

فيما رأت صحيفة بوليتيكن الدنماركية، أن الولايات المتحدة لم تتعرض لإذلال بهذا الشكل منذ حرب فيتنام.. قائلة: “أفغانستان هي أكبر هزيمة للولايات المتحدة منذ ذلك الحين (حرب فيتنام) وهي نهاية مُذلةٌ تماما لأطول حرب
خاضتها القوة العظمى في كل العصور.. ومثلما أدت الهزيمة في فيتنام إلى إعادة التفكير في السياسة الخارجية
للولايات المتحدة، يجب أن تقود الهزيمة في أفغانستان كلاً من الولايات المتحدة وحلفائها إلى إعادة التفكير فيما يمكن
تحقيقه من خلال التدخل العسكري”.

وشبّه مغردون مشاهد إخلاء سفارة واشنطن في كابول بمشاهد إخلائها في سايغون سنة 1975.. فمنذ عام 1975
وحتى اليوم اختزنت الذاكرة البشرية، لمن عاصر تلك الأيام، أو لمن رآها كصور فيما بعد، ذلك المشهد الذي وثّق
الهزيمة الأمريكية النكراء في فيتنام، حين تصور الغزاة أنهم باقون، لكن دخول مقاتلي الشعب الفيتنامي لسايغون،
أجبر الولايات المتحدة الأمريكية على إجلاء رعاياها ودبلوماسييها وعملائها بالطائرات السمتية، من على سطوح
مباني سفارتهم في المدينة، بعد أن فاجأتها إرادة الشعب الفيتنامي.

وكان مشهدا مهينا وهم يتراكضون للحصول على فرصة التعلق بالطائرات، قبل أن يلقي الثوار القبض عليهم.

خسارة حرب فيتنام

وتشير التقارير الإحصائية الصادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية، إلى أن إنفاقها على حرب فيتنام بلغ نحو 168 مليار
دولار، أي ما يعادل 1.17 ترليون دولار بقيمته الحالية.. ما يعني أن الولايات المتحدة أنفقت نحو 168 ألف دولار
لقتل كل جندي فيتنامي، وتعني أن كل أمريكي كان على قيد الحياة عام 1969 كان يتعين عليه العمل بدوام كامل لمدة
تتراوح ما بين 5 و12 شهراً لدفع ثمن الحرب على فيتنام.

ولأن الغزاة لا يمكن أن يعترفوا بهزائمهم، ولا بالإهانة التي يتلقوها على أيدي الشعوب، التي لا تقبل بالاحتلال، فقد
راح الرئيس الأمريكي بايدن يُفنّد مقارنة الهروب الأمريكي من أفغانستان بالهروب من فيتنام قائلا: “لن يكون هنالك
من يجب إجلاؤه جوا من على سطح السفارة الأمريكية في أفغانستان.. لا يمكن المقارنة على الإطلاق”.

وأضاف بايدن: “إذا كان هناك من شيء يمكنني التعليق عليه، فهو أن التطورات الأخيرة على مدار الأسبوع الماضي
تعزز وجهة النظر التي تتضمن أن إنهاء الوجود الأمريكي في أفغانستان الآن هو القرار السليم”.

وتابع قائلا: “لا يجب ولا ينبغي أن تقاتل القوات الأمريكية وأن تضحي بحياة أفرادها في حرب ليس لدى القوات
الأفغانية استعداد للقتال بأنفسهم فيها”.. مبيناً أن مهمة الولايات المتحدة لم تكن لها علاقة على الإطلاق ببناء الأمة في ذلك البلد.

وواجه بايدن ردود أفعال سياسية عنيفة بسبب طريقة الانسحاب وبسبب الفوضى في كابول التي أعقبت قراره في
أبريل بسحب جميع القوات الأمريكية بحلول 11 سبتمبر – وهي الذكرى الـ20 للهجمات الإرهابية التي شهدتها
الولايات المتحدة وكانت سببا وراء الغزو الأمريكي.

المصدر:مواقع اخبارية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى