تعاني البحرين، الدولة الخليجية الأقل إنتاجاً للنفط، ارتفاعاً في معدل البطالة، وتراجع الوظائف بين فئة الشباب، مقابل توفر فرص عمل لعدد من الأجانب، وهو ما يشكل ضغطاً على السلطات المحلية لتوفير العمل للشباب والخريجين.
وتعود أسباب ارتفاع البطالة بين الشباب في البحرين إلى التداعيات الاقتصادية التي تركتها جائحة فيروس كورونا المستجد على المنامة، إضافة إلى إجراءات الإغلاق للأنشطة التجارية، والمؤسسات.
وأدت الجائحة إلى تباطؤ عمليات التوظيف بين البحرينيين الذين يشكلون ما نسبته 45% من عدد السكان، في حين تصل نسبة السكان الأجانب إلى 55%، وفقاً لبيانات هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية البحرينية.
كما تسبب انهيار أسعار النفط، خلال العام الماضي، في تراجع إيرادات البحرين، التي تعد الأقل إنتاجاً لجهة الموارد النفطية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يومياً.
الاقتصاد البحريني
يمر الاقتصاد البحريني بأزمة تراجع الإيرادات، خاصة بسبب ما تركته جائحة كورونا من تداعيات، حيث أظهرت بيانات رسمية انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبحرين 5.81% خلال 2020 على أساس سنوي، بضغط تداعيات جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط.
وبحسب بيانات هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، انكمش الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في 2020 إلى 12.16 مليار دينار (35.36 مليار دولار)، من 12.91 مليار دينار (37.5 مليار دولار) في 2019.
كما رصدت انكماش القطاع النفطي، خلال الربع الأخير من العام الماضي، 8.62% على أساس سنوي، فيما سجل القطاع غير النفطي انكماشاً بنسبة 4.82%.
وسبق أن توقع صندوق النقد الدولي انكماش اقتصاد البحرين 5.4% خلال 2020؛ من جراء تداعيات جائحة كورونا وتراجع حاد للاقتصاد غير النفطي.
وتظهر البيانات الرسمية ارتفاع نسبة البطالة في البحرين من 4.7% إلى ما يتجاوز 5% في عام 2020؛ إلى جانب
انخفاض معدل التسريح من العمل في عام 2021 بنسبة 25% بالمقارنة مع السنوات السابقة.
لا توازن جغرافي
وإلى جانب البيانات الرسمية، سبق أن أكد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، عبد القادر الشهابي، أن
أكثر من 14699 عاطلاً عن العمل سجلوا بياناتهم في البرنامج الوطني لتسجيل العاطلين الذي أطلقه الاتحاد.
وبلغت نسبة البطالة، وفق حديث الشهابي خلال مؤتمر صحفي، في ديسمبر الماضي، 10%، يشغل الشباب منها ما
نسبته 84%، ثلثاهم من الإناث بنسبة 63%، فيما بلغت نسبة الذكور 37%.
كما بيّنت النتائج أن لا توازن جغرافي للبطالة في البحرين، حيث بلغت نسبة العاطلين في المحافظة الشمالية 56%،
وأن العدد الأكبر من العاطلين في البحرين يتركز في مدينة حمد، فيما بلغت النسبة 23% في العاصمة، و12% في
المحرق، و9% في الجنوبية، وربط الأمين العام بين هذه النسبة ومستويات الكثافة السكانية في المحافظات.
وأظهرت النتائج أن أغلبية المسجلين لم يسبق لهم العمل بنسبة 53%، ما يعني أنه لا فرص حقيقية للعاطلين، لا من
حيث الكم ولا من حيث النوع، كما أظهرت عدم تطابق أعداد العاطلين ومن يتسلمون بدل التعطّل.
قنبلة موقوتة
ومع ارتفاع معدل البطالة في البحرين، خرجت أصوات نيابية تحذر من مواصلة عدم توظيف الشباب البحريني، وهو
ما أكده النائب الثاني لرئيس مجلس النواب البحريني علي زايد.
وأصبحت مشكلة التوظيف في الكويت، وفق تصريحات زايد، السبت 21 أغسطس، أولوية كبيرة للمجتمع، خاصة أن
عدداً كبيراً من المواطنين لا يزال بلا عمل، وهو ما يمثل قنبلة موقوتة في المجتمع.
وهناك العديد من الخريجين، حسب زايد، ينتظرون توفير فرصة عمل لفترة تصل أحياناً إلى 10 سنوات، وأحياناً
تكون الفرص المتاحة غير مناسبة لمؤهلاتهم، بحسب صحيفة “الوطن” المحلية.
وأمام زيادة البطالة، قدم عدد من نواب البرلمان، كما يوضح زايد، جملة من الأفكار والمقترحات لحلحلة أزمة
التوظيف؛ ومن بينها إنشاء مصانع وشركات للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني وتوظيف الشباب.
واعتبر النائب البحريني أن التأمين ضد التعطل “لم يعد صالحاً لحل أزمة التوظيف”، وقال إن البطالة باتت تشبه قنبلة
موقوتة في البلاد.
وإلى جانب زايد، أكد رئيس لجنة الخدمات النيابية في البرلمان البحريني، النائب أحمد الأنصاري، أن مشكلة البطالة
باتت الهم الأول للمجتمع البحريني؛ حيث لا يوجد بيت بحريني إلا وفيه عاطل أو عاطلة عن العمل ينتظرون
الحصول على وظيفة، سواء في القطاعين العام أو الخاص.
ويؤدي تفاقم مشكلة البطالة، حسب تصريحات الأنصاري، إلى انعكاسات سلبية اجتماعية وأسرية وأمنية كبيرة، حيث
إن الاعتماد على معارض التوظيف وتدريب وتأهيل الباحثين عن العمل ليس حلاً كافياً في ظل تزايد الخريجين
والباحثين عن العمل بشكل مستمر.
ولا بد أن توجد السلطات، وفق توصيات الأنصاري، حلولاً واضحة، ومنها إلزام الشركات بتوظيف البحريني في
بعض التخصصات التي يتوافر فيها العنصر البحريني ولا تمثل تخصصات نادرة، وضرورة إيجاد حلول تشريعية تلزم بتوظيف البحريني كخيار أول.
وإلى جانب توصيات النائب الأنصاري، طرح الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين رؤية لخفض معدل
البطالة؛ وتتمثل بعدة خطوات أبرزها تعزيز “بحرنة” الوظائف في القطاعين العام والخاص، وإحلال عمالة بحرينية
في 20 ألف وظيفة من مجموع 40 ألفاً يفوق أجرها 700 دينار (1856 دولاراً)، وتشغلها حالياً عمالة وافدة.
ويوصي الشهابي باعتماد 700 دينار حداً أدنى لأجر البحرينيين، والبدء في إحلال العمالة المواطنة مكان العمالة الوافدة في القطاع الحكومي.