سياسةمجتمع

وصول المرأة السعودية للقضاء.. مساعٍ تصطدم بجدار مجلس الشورى

رغم حالة الانفتاح الكبيرة التي شهدتها السعودية، وصول المرأة السعودية للقضاء خلال الفترات السابقة، وإدخال الكثير من العادات الجديدة على المجتمع، فإن المرأة لا تزال تواجه الكثير من التحديات والصعوبات، خاصة في مجال التعيين في السلك القضائي، كما حظيت المرأة الكويتية خلال الأيام الماضية.

ولم تنجح محاولات المرأة السعودية المتكررة في إقناع الجهات الرسمية والتشريعية في البلاد بالموافقة على تعيين النساء في المحاكم، وهو ما يجعل تلك الوظائف حكراً على الرجال في المملكة لسنوات طويلة.

أولى المحاولات تقدمت بها عضوة مجلس الشورى السعودي، لطيفة الشعلان، عام 2018، ولكنها قوبلت بالرفض، مع شن هجوم على مقدمة الطلب من قبل الشارع المحلي.

الشعلان استندت في طلبها المقدم سابقاً إلى نظام القضاء السعودي الصادر بمرسوم ملكي، الذي لم يشترط الذكورة فيمن يتولون القضاء، ولكن ذلك لم يكن مقنعاً لمجلس الشورى لكي يصدر الموافقة.

اشتراطات التعيين

ووفق ما وجد “” في الشروط التي يطلبها نظام القضاء السعودي، الصادر في أغسطس 2016، حول تعيين
القضاة؛ فأولها أن يكون المتقدم سعودي الجنسية بالأصل، ومع تقديمه حسن السيرة والسلوك، ويتمتع بالأهلية الكاملة للقضاء بحسب ما نص عليه شرعاً.

ويشترط النظام أن يكون المتقدم حاصلاً على شهادة إحدى كليات الشريعة بالسعودية، أو شهادة أخرى معادلة لها،
شرط أن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان خاص يعده المجلس الأعلى للقضاء، دون اشتراط الذكورية.

وحول عمر المتقدم يجب ألا يقل عن 40 عاماً (إذا كان تعيينه في درجة قاضي استئناف)، وعن 22 سنة (إذا كان تعيينه في إحدى درجات السلك القضائي الأخرى)، وألا يكون محكوماً عليه بجريمة مخلة بالدين أو الشرف، أو صدر
في حقه قرار تأديبي بالفصل من وظيفة عامة، ولو كان قد رد إليه اعتباره، حسب النظام.

تحرك ورفض

بعد خطوة الشعلان تقدم النائب عيسى الشهراني، الأربعاء (17 يونيو الماضي)، بتوصية إلى مجلس الشورى تطالب
بتعيين المرأة السعودية بمنصب قاضية في محاكم الأحوال الشخصية، ولكنه لم يحظَ بموافقة المجلس.

وأسقط المجلس المحاولة الثانية لتمرير وصول المرأة السعودية للقضاء بعد تصويت 58 موافقاً ورفض 57، حيث
كانت تحتاج التوصية على الأقل موافقة إضافية لـ20 صوتاً لنجاحها.

مجلس الشورى، وعلى لسان رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية علي الشهراني، ذهب إلى تبرير إسقاط
التوصية لكيلا يقع في إحراج من خلال قوله إن السبب في عدم قبول التوصية الجديدة “يتعلق بالشأن القضائي، وإن الشورى ليس معنياً بتعيين القضاة”.

وتزامن الحراك الجديد داخل مجلس الشورى السعودي حول محاولات الحصول على موافقة لتعيين المرأة في القضاء مع إصدر مجلس الهيئة العامة للمنافسة قراراً بتعيين أستاذة القانون، الدكتورة أروى الجلال، عضوة في لجنة
الفصل في مخالفات نظام المنافسة، كأول امرأة سعودية تتقلد منصباً شبه قضائي في المملكة.

وزارة العدل السعودية كان لديها موقف واضح من إمكانية تعيين المرأة في القضاء؛ حيث أكد وزيرها -حسب
الشعلان- أن النظام حدّد شروط القضاء بنص واضح وصريح؛ ولذلك فكل ما نص عليه النظام أو أجازه يستخدم،
والتشريع عند السلطة التنظيمية والقضاء بعامة لا بد أن يكون حريصاً على تطبيق نصوص القانون.

ويأتي التوظيف في وزارة العدل بشكل عام وبما يشمل تعيين القضاء، كما يؤكد الشعلان في تصريحات لقناة” روتانا
الخليجية”، على أساس واضح وهو الكفاءة والجدارة، بغض النظر عن أي اعتبار آخر.

تساؤلات داخلية

وفي الشارع السعودي تباينت الآراء حول رفض مجلس الشورى الموافقة على تعيين المرأة في القضاء؛ بين المندد
بالقرار، والمرحب به لكونه يتعارض مع الشريعة الإسلامية.

الكاتب السعودي علي الشريمي يرى أن الجديد في التحرك داخل مجلس الشورى لتعيين النساء في القضاء ليس جديداً، ولكن غير المألوف هو تبرير رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في المجس؛ حين أرجع سبب عدم قبول
التوصية الجديدة إلى تعلقها بالشؤون القضائية، وأن الشورى ليست معنية بتعيين القضاة.

وتساءل الشريمي في مقال له نشر في صحيفة الوطن المحلية، الثلاثاء (30 يونيو الماضي)، عن القانون الدولي الذي ينص على أنه ليس من حق الشعب والهيئات البرلمانية التي تمثلها ومجالس الشورى أن تطالب النساء بالعمل في
القضاء.

كما طرح الشريمي تساؤلاً وهو: متى كان الطلب على الحقوق الأساسية من صلاحيات سلطة على أخرى؟ وهل استقلال القضاء يمنع البرلمانيين من المطالبة بحق المرأة في العدالة؟ واصفاً ما حصل بأنه ربط غير مستساغ.

ويستدرك بالقول: “يجب التمييز بين المطالبة بحق المرأة في العمل القضائي كحق أساسي من حقوق الإنسان، من
ناحية، وآليات تنفيذه كتشريع قانوني وإداري متروك للنظام القضائي نفسه من ناحية أخرى.

ولا يحظى التباطؤ في اتخاذ القرارات الحاسمة في قضية تعيين النساء في القضاء بشعبية، وفق الشريمي، لذا يجب
على السعوديين الإثبات للعالم أن أنظمتهم القانونية والقضائية متجددة ومرنة ومنسجمة مع مسار العصر الحديث، ومتسقة مع نظام حقوق الإنسان الدولي.

عضوة مجلس الشورى إقبال درندري، رفضت استمرار رفض تعيين السعوديات في القضاء، وقالت في تصريح لها:
“الكثير من دول العالم، ومنها الإسلامية والعربية، عينت النساء قاضيات؛ بل ورئيسات قضاء، ونحن ما زلنا بانتظار تعيين قاضيات فقط!”.

بدوره اعتبر عضو هيئة العلماء السعودي، صالح الفوزان، أن تعيين المرأة قاضية لا يجوز، وفقاً لما جاء في أكثر من
دليل في القرآن الكريم؛ والأول هو “الرجال قوامون على النساء”، و”للرجال عليهن درجة”، وحديث: “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”.

ويعد ما طرح بخصوص تولي المرأة منصب القضاء، حسب تصريح الغامدي لـ”صحيفة العرب” المحلية، اجتهادات
ليست مبنية على نص قطعي، لكن ذلك لم يحل دون اقتحام النساء في السعودية للعديد من القطاعات التشريعية
والتنفيذية والعسكرية، كما عملن أيضاً في عدد من فروع النيابة العامة، وكاتبات عدل، ومحاميات، وفي عدد من
المهن الأخرى التي تندرج ضمن السلك القضائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى