الممرضة أميرة السويسي كانت من بين ألاف التونسيين الذين خرجوا ليحتفلوا باستحواذ الرئيس التونسي قيس سعيد على السلطة في 25 يوليو تموز ووعوده بمحاربة الفساد واحتواء الازمة السياسية في تونس
ولكن هذه المرأة -وهي أم لأربعة أطفال- مثل بعض التونسيين الآخرين بدأ صبرهم ينفد الآن مع ما يقولون إنه افتقاده لخطة اقتصادية لانعاش الاقتصاد العليل من انهيار وشيك.
وحاول سعيد شن حملة لخفض أسعار عدة سلع ولكن خصومه وصفوا خطواته بأنها شعوبية تهدف لحصد مزيد من التأييد الشعبي خصوصا لدى الفئات الفقيرة والمتوسطة. وهاجم سعيد في عدة مناسبات جماعات ضغط اقتصادية ومالية محلية قال إنها تنهش الاقتصاد وهدفها تكديس الارباح ولو بشكل غير قانوني.
وأوقف تدخل سعيد في يوليو تموز المحادثات التي تأخرت كثيرا مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قروض كان
من المتوقع أن يمهد الطريق أمام الحصول على المزيد من المساعدة الاقتصادية وتفادي حدوث أزمة كبرى في المالية العامة.
لكنه يرى ان الازمة السياسية في تونس الآن وغياب أي برنامج ورؤية اقتصادية واضحة يسرّعان الانهيار الكامل.
وتوقع أن خطط سعيد التركيز على السياسة يمكن أن تحوّل تونس إلى لبنان آخر والذي يعيش في خضم أزمة مالية
وصفها البنك الدولي بأنها من أعمق الانكماشات في التاريخ الحديث.
ودفعت هذه الأزمة ثلاثة أرباع سكان لبنان إلى براثن الفقر وفقدت عملته المحلية 90 في المئة من قيمتها في العامين
الماضيين.
وسعيد ، الذي أقال رئيس الوزراء وجمّد البرلمان ومنح نفسه سلطة الحكم بمراسيم، لم يعين بعد حكومة جديدة ولم
يعلن أي خطة سياسة اقتصادية شاملة ولم يصرح كيف ينوي تمويل العجز العام وتسديد الديون.
وسددت تونس أكثر من مليار دولار من الديون هذا الصيف من احتياطيات العملات الأجنبية، لكن يتعين عليها أيضا
أن تجد حوالي 5 مليارات دولار أخرى لتمويل العجز المتوقع في ميزانيتها وسداد مزيد من القروض الداخلية والخارجية
الأزمات الاقتصادية
وتشير الارقام الرسمية إلى إن معدلات البطالة بلغت 17.8 بالمئة ، وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة في البلاد ،
أدت إلى عجز مالي قياسي تجاوز 11 بالمئة في 2020.
وانكمش الاقتصاد بنسبة 8.2 في المئة العام الماضي بينما دفع عجز بنسبة 11.5٪ الدين العام إلى 87 في المئة من
الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لصندوق النقد الدولي.
لا يرى كل من الاتحاد العام التونسي للشغل ذي التأثير القوي والمقرضين الأجانب خيارات سوى استئناف التفاوض
مع صندوق النقد الدولي.
وبينما تحتاج تونس نحو أربعة مليارات دينار شهريا لدفع الأجور وتسديد الديون، فإن المبالغ في خزانة الدولة تبلغ
544 مليون دينار فقط، بحسب بيانات البنك المركزي الصادرة يوم الإثنين.
وساعد الغضب من الركود الاقتصادي، الذي تفاقم بسبب الوباء، في دفع دعم واسع النطاق على ما يبدو لتدخل سعيد
في 25 يوليو تموز.
ولكن سعيد يتعرض الآن لضغوط متزايدة لمعالجة المشاكل الاقتصادية في تونس بعد أن عرّضت الأزمة السياسية
المكاسب الديمقراطية التي فاز بها التونسيون في ثورة 2011 التي أطلقت شرارة احتجاجات الربيع العربي للخطر.
وقال سعيد إن اجراءاته ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار ولمعالجة أزمة الشلل السياسي والركود الاقتصادي والاستجابة الضعيفة لوباء كورونا. وتعهد الرئيس التونسي بالدفاع عن الحقوق مكررا أنه لا يمكن ان يكون ديكتاتوراً.