اقتصادسياسة

البنية الرقمية في الخليج.. تسعى هذه الدول إلى إحداث تغير جذري

اتجهت دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير إلى تعزيز البنية الرقمية في الخليج خلال السنوات الماضية؛ حيث
تسعى هذه الدول إلى إحداث تغير جذري على صعيد التحول الرقمي كأحد الالتزامات السياسية والاقتصادية التي تبنتها لتنويع اقتصادها.

وحاولت دول الخليج الموازنة بين أجندات التحول الرقمي ومبادرات تنموية محددة، وبدأت الأسماء الكبيرة في حقل
الصناعات التقليدية بالخليج تحولاً متزايداً نحو المنصات والتطبيقات الرقمية الجديدة؛ لتحسين قدراتهم على التكيف وزيادة الربحية.

وتشير التقارير إلى أن دول الخليج أنفقت أكثر من 30 مليار دولار على البنية الرقمية في الخليج خلال الشهور
التسعة الأولى من العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل إنفاق الدول الست على هذه البنية إلى قرابة 70 مليار دولار بحلول 2024.

وعلى سبيل المثال، توقع معهد الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، أن يصل إنفاق السعودية والإمارات وقطر خلال هذه
الفترة إلى 37 و23 و9 مليارات دولار توالياً.

ويتضمّن تسابق دول الخليج نحو اقتصادات المعرفة مدفوعة بالتكنولوجيا رهانات كبيرة على المنصات التكنولوجية
المتقدمة والتطبيقات الرقمية، بحسب معهد دول الخليج العربية في واشنطن. 

ويتطلّب تنفيذ تقنيات متقدمة في القطاعين العام والخاص تعزيز البنية التحتية الرقمية ودفع أجندات التحول الرقمي.

تقرير مركز قطر للتكنولوجيا المالية لعام 2021، الصادر عن مركز قطر للمال وشركة “ريفينيتيف”، إحدى شركات
مجموعة بورصة لندن، قال إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديداً، هما الأكثر جذباً للاستثمار في قطاع التكنولوجيا المالية.

السعودية.. حكومة ذكية

تعتبر السعودية أحد النماذج الجليّة على تمسك منطقة الخليج بتطوير بنيتها رقمياً؛ حيث بدأت في 2020 المرحلة
الثالثة من خطة بدأتها عام 2010، بهدف التحول إلى حكومة ذكية بشكل كامل بحلول 2024.

وقد أكد تقرير المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية الذي صدر مطلع سبتمبر الجاري، أن سوق تقنية المعلومات
والتقنيات الناشئة في المملكة زاد بنسبة 50%، خلال عامين (2018-2020).

كما نمت مساهمة قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 13 مليار دولار على مدى
خمس سنوات، وبات الاقتصاد الرقمي يمثل ما بين 12-15% من الناتج المحلي السعودي.

وتطمح المملكة للوصول بهذه الأرقام إلى 25% في العام 2025، كما تطمح لوصول مساهمة التقنية المالية فقط في
الناتج المحلي الإجمالي من 1 إلى 1.2 مليار دولار بحلول 2025.

قبل 3 سنوات لم تكن ضمن الـ100 الأولى في مجال الرقمنة، لكنها اليوم الأولى عالمياً في سرعات الجيل الخامس،
والثانية في الأمن السيبراني، والثالثة في توظيف التقنيات الحديثة لاحتواء جائحة كورونا.

وفي يونيو ويوليو الماضيين، رخّصت المملكة أول بنكيين رقميين، واتفقت مع “جنرال إلكتريك” على رقمنة سجلات الخطوط الجوية السعودية.

ومن المقرر أن تبدأ الرياض، في ديسمبر المقبل، تطبيق نظام الفاتورة الرقمية.

جوجل في ضيافة الكويت

تشير التقارير إلى تأخر الكويت رقمياً مقارنة بجاراتها الخليجيات، لكنها اتخذت خطوة مهمة هذا الشهر عندما اتفقت
على استضافة مركز إقليمي للبيانات والخدمات السحابية يتبع شركة جوجل الأمريكية.

ويتوقع أن يسهم هذا المركز المهم في تطوير القطاع المعلوماتي في الكويت ودول المنطقة، فضلاً عن أنه يشكل
استثماراً اقتصادياً وبشرياً مهماً للبلد الذي يعاني أزمة مالية غير مسبوقة.

وتضع الكويت ملف التحوّل الرقمي ضمن أولوياتها الاستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة في رؤية 2035.

وتأتي الكويت في مرتبة متأخرة عن بقية دول الخليج من حيث التطور الرقمي، إلا أن معظم المعاملات الحكومية في
الكويت حالياً يمكن إنجازها عبر تطبيق “هويتي” الذكي.

قطر.. مكانة عالمية متقدمة

استمراراً لتفوقها الرقمي، قال البنك الدولي هذا الشهر إن دولة قطر تحتل مركزاً متقدماً في التحول الرقمي على
المستوى العالمي، حيث حلّت في المجموعة الأولى (A) في مؤشرين؛ هما مؤشر تقديم الخدمات العامة (PSDI)، ومؤشر ممكنات التكنولوجيا الحكومية (GTEI).

وجاءت قطر في المجموعة الثانية في مؤشرين آخرين هما: الأنظمة الحكومية الأساسية، ومشاركة المواطنين، بحسب تقرير البنك الدولي.

تضم المجموعة “A” التي تُمثل الدول التي بلغت درجة “مُرتفعة للغاية” في نُضج التقنيات الحكومية وتبني التحوّل
الرقمي بالقطاع العام، أما المجموعة “B” فتمثل الدول التي حققت درجة “عالية” في نضج التقنيات الحكومية وتبني التحوّل الرقمي بالقطاع العام.

وفي مايو الماضي، أعلنت شركة “المناعي” القطرية تأسيس قسم جديد متخصص في خدمات وحلول مايكروسوفت
ضمن وحدة نظام معلومات الأعمال، بهدف تسريع وتيرة التحول الرقمي وتبني الخدمات السحابية.

في حين تقترب خدمة جوجل السحابية من افتتاح مركزها بالدوحة، الذي أعلنته العام الماضي، لتصبح قطر المركز الإقليمي
الأول للخدمة في الشرق الأوسط.

وفي يوليو 2021، قالت مجلة “إيكونوميست إنتليجنس” البريطانية، إن استثمارات قطر الرقمية تنمو بسرعة،
وخاصة في مجال الحوسبة السحابية، التي سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق.

ومن المقرر أن يوفر إطار عمل “مايكروسوفت أزور قطر” الوطني فرصاً لإيرادات جديدة تزيد على 3.1 مليارات
دولار للبلاد على مدى السنوات الخمس المقبلة، بحسب المجلة.

بعد استثمر جهاز قطر للاستثمار في شركات؛ من بينها شركة “فورسكوير”، والشركة المختصة في التكنولوجيا الحيوية
“روبيوس ثيرابوتيكس”، وشركة “هومولوجي ميديسين”، وشركة “ثوت سبوت”، وشركة “غرايل”، كجزء من توسيع وحدة رأس ماله الاستثماري.

الإمارات.. الأبرز في المنطقة

تعتبر دولة الإمارات النموذج الأبرز في المنطقة بتبني التكنولوجيا والأتمتة والتحول الرقمي على المستويين الحكومي
والخاص، حيث تولي الحكومة اهتماماً لافتاً بالتحول الرقمي.

وفي يونيو الماضي، أطلقت هيئة دبي الرقمية التي قالت إنها تهدف لرقمنة الحياة وليس رقمنة الحكومة فقط. وتدعم
الهيئة المساهمة في تنشيط الدورة الاقتصادية في الإمارة من خلال تسهيل تبادل المعاملات والبيانات بين الجهات الحكومية والخاصة بشكل رقمي.

كما تهدف أيضاً إلى رفع مستوى الفعالية والكفاءة في الأداء الحكومي؛ من خلال تمكين الجهات الحكومية من أتمتة أعمالها وأنشطتها وخدماتها، وتعزيز ثقة الجمهور بالاعتماد على الخدمات الرقمية والذكية. 

ومنتصف أغسطس الماضي، نقلت صحيفة “الرؤية” المحلية عن نائب رئيس شركة “ألتيريكس”، في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ريتشارد تيمبرليك، أن التقديرات تشير إلى أنه سيتم استبدال 85 مليون وظيفة بالأتمتة بحلول عام 2025.

علاوة على ذلك تقترب الإمارات من إطلاق قانون البيانات الجديد، الذي يهدف لجذب كبريات الشركات العالمية لتتخذ من الإمارات مقراً لها، بحسب ما نقلته صحيفة “العين” المحلية عن عمر بن سلطان العلماء، وزير الدولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي.

قال الوزير الإماراتي: “بحلول 2023، ستكون الإمارات قد أدخلت إلى اقتصادها الرقمي نحو 36 ألف مبرمج”، ضمن أهداف الدولة للتحول إلى كيان رقمي بالكامل، انسجاماً مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.

سلطنة عمان

كثفت الحكومة العمانية خطواتها لتسريع استراتيجية التحول الرقمي لاكتساب القدرة على الرؤية الفورية اللازمة لتنمية الأسواق في جميع القطاعات الإنتاجية، ومن ثم تعزيز دورها في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

والشهر الماضي، خصصت الحكومة موقعاً في منطقة الدقم لاستخدامات التقنيات الحديثة، وتجارب الذكاء الاصطناعي.

في حين قال أحمد الفارسي، المشرف على الموقع، لوكالة الأنباء العمانية: إن الحكومة “حريصة على توطين الفرص الاستثمارية في مجال الذكاء الاصطناعي وتجارب الطائرات المسيّرة وتكنولوجيا المستقبل”.

وتعمل 73 شركة وطنية وأجنبية في مجال الاقتصاد الرقمي بالسلطنة، فضلاً عن وجود 17 تطبيقاً لخدمة المتعاملين في مختلف القطاعات.

وفي ديسمبر 2020، وقَّع المركزُ الوطني للأعمال، التابع للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية (مدائن)، عقداً لاحتضان شركة تمكين التحول الرقمي؛ لتحويل المؤسسات رقمياً.

وفي يونيو 2021، قالت “إس إيه بي” للتقنية إن التحول الرقمي الذي نصّت عليه رؤية عمان 2040 سيدعم نمو سوق تقنية المعلومات والاتصالات في السلطنة إلى 2.2 مليار ريال (5.6 مليارات دولار) بحلول العام 2024.

علاوة على ذلك بلغ حجم سوق تقنية المعلومات والاتصالات في السلطنة 1.2 مليار ريال (3.2 مليارات دولار) في 2019، بحسب تقرير حديث لـ”غلوبال داتا”.

البحرين.. مركز بيانات إقليمي

احتلت البحرين المركز الـ26 عالمياً والخامس آسيوياً في تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية عام 2018، وحافظت على مكانتها ضمن الدول ذات المؤشر العالي جداً في تقرير 2020.

و قالت المنامة هذا الشهر إنها بصدد بناء مركز بيانات إقليمي جديد لتعزيز التحول الرقمي الجماعي للعالم العربي بهدف تطوير الاقتصاد المحلي وإثراء حياة الناس.

ومن المقرر أن يوفر المركز خدمات تخدم الحكومة والتجارة والصحة والرموز الرقمية الآمنة والتكنولوجيا المالية والنقل والهوية الرقمية وأنظمة تحويل الاتصالات والحوكمة والأمن السيبراني والزراعة الإلكترونية والطاقة الشمسية والمتجددة.

ومنتصف يوليو الماضي، حصدت شركة “إس تي سي” البحرين جائزة “أفضل تحول رقمي” لقطاع الاتصالات، وذلك ضمن جوائز “مجلة الاقتصاد العالمي” لعام 2021، تقديراً لجهودها الاستثنائية في عملية التحول الرقمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى