لا يتوقف المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، وحظر التظاهرات في سقطرى واتخاذ عدد من الإجراءات الأمنية الهادفة إلى توسيع سلطته على جزيرة سقطرى اليمنية، واعتبارها مدينة خارج سيطرة الحكومة اليمنية.
ولم ترهب سيطرة “الانتقالي” على الجزيرة سكانها الذين خرجوا مراتٍ عديدة رافضين وجود قواته ومطالبين بعودة محافظ الجزيرة؛ وهو ما دفع المليشيا إلى فرض إجراءات تمثلت بمنع أي تظاهرات، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين.
ومن شأن الإجراءات التي يقوم بها حلفاء الإمارات في سقطرى، أن تقوض التفاهمات النسبية المتقدمة في “اتفاق الرياض”، بعد الضغوط السعودية على الحكومة الشرعية، وعودة رئيسها إلى مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد
احتجاجات لا تتوقف
لم يكن قرار “الانتقالي” الأخير مفاجئاً، وحظر التظاهرات في سقطرى خصوصاً أنه لجأ خلال الأشهر الماضية، إلى استخدام العنف والاعتقالات ضد المناوئين له بالجزيرة؛ في محاولة لإخضاع السكان.
ومنذ سيطرة “الانتقالي” على الجزيرة في يونيو 2020، تتواصل المظاهرات الشعبية المطالبة بعودة الدولة ومؤسسات الشرعية، ورحيل قوات “الانتقالي” والقوات الإماراتية، وتحسين الوضع المعيشي والخدمي.
وضمن عمليات القمع، لجأت قوات “الانتقالي” إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى ساحة التظاهرات بالعاصمة حديبو، وإغلاق المحلات التجارية والمنافذ؛ في محاولة لعرقلة تجمُّع المتظاهرين وفرض حالة الطوارئ بين الحين والآخر.
ويؤكد المتظاهرون خلال الاحتجاجات استمرار تظاهراتهم الأسبوعية حتى رحيل قوات “الانتقالي” والقوات الإماراتية من سقطرى وعودة مؤسسات الدولة.
ولفرض قراراته عنوة، لجأ “الانتقالي” إلى استقدام قوات من خارج الجزيرة “ينتمون لمحافظات أبين، ولحج، والضالع”؛ “لترهيب السكان، ومحاولة منه لبسط سيطرته بالقوة”.
خوفاً من ثورة
يعتقد الناشط السياسي أمير السقطري، أن القرارات التي يتخذها “الانتقالي” تأتي “خوفاً من أن تكون وقوداً لإشعال ثورة ضده خصوصاً”، مؤكداً أن “حالات القمع التي يمارسها ضد المواطنين دليل على ذلك”.
ويقول إنَّ صمت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والسعودية عما يجري في سقطرى “دفع الانتقالي إلى توسيع قوته الأمنية وسيطرته”.
ويضيف “لو وُجدت نية صادقة من التحالف وعزم من الشرعية لَسقط الانتقالي في يومٍ وليلة، ولَرأينا سقطرى تعود إلى حضن الدولة”.
وأكد أن من أطلق عليهم اسم “أبناء سقطرى الأحرار سيعملون على رحيل الانتقالي، ومتى ما تطلَّب الأمر سيتحركون
وسيُسقطون الانتقالي ومن يدعمه إلى الأبد”.
حجر صلب
من جانبه قال الناشط محمد النهمي: إن “المظاهرات التي تشهدها سقطرى تعبير عن مواقف أبناء الأرخبيل المنحاز
للأمن والاستقرار ورفضاً لكل أشكال وأساليب العنف”.
وأكد أن وقوف المواطنين ضد “الانتقالي” في هذه المحافظة بموقعها الجيوسياسي “إنما هو حجر صلب في مدماك
الوطن الكبير”، مشيراً إلى أنه “من الطبيعي أن يشعر الانتقالي بالخوف من التظاهرات، لأنها تسبب له توتراً أمنياً في
جزيرة تعتقد الإمارات أنها ستكون هادئة لتنفيذ أهدافها”.
ويلفت النهمي “، إلى أن سقطرى “ستكون رقماً صعباً في صناعة التحولات الوطنية
والوفاء لتضحيات وكفاح قيادات النضال الوطني الذين دافعوا عن الوطن وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على
سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه”.
وتابع: “أي قرارات أو توجيهات يقوم بها الانتقالي لن تؤخر أو تقدم ما دام صوت الشارع ضدها”، لكنه يؤكد
“ضرورة عدم خذلانها من الشرعية، ويجب أن تكون أولوية سياسية لدى السلطة اليمنية لاستعادتها من أيدي المليشيا
وأبوظبي”.
سيطرة كلية
يشار إلى أن وسائل الإعلام التابعة لـ”الانتقالي” توجه اتهامات إلى من سمَّتهم بـ”المندسين والقادمين من خارج
الجزيرة”حظر التظاهرات في سقطرى؛ في محاولة منها لإضفاء شرعية على قمعها، وهو ما بدا واقعاً بقيامها عقب
سيطرتها على الجزيرة بإجبار كثير من العمالة المحلية من خارجها على مغادرتها، وترك أعمالهم فيها، ومنع السياحة لليمنيين.
وفي مقابل ذلك ازدادت أعداد الإماراتيين بالجزيرة، والطائرات والسفن القادمة من الإمارات، ضمن رحلات يومية،
تارة تنقل جنوداً ورجال مخابرات وتارة مليشيات.
وبدأ الحديث عن العلاقة المتخيلة بين سقطرى والإمارات منذ 2018، عندما سُرّب للمؤرخ الإماراتي حمد
المطروشي فيديو خلال لقاء جمعه بعدد من شيوخ وأفراد من أرخبيل سقطرى موالين للإمارات، قال فيه: إن سكان
سقطرى “سيكونون جزءاً من دولة الإمارات، وسيُمنحون جنسيتها”، ويضيف: إن هذا الأمر أصبح “مفروغاً منه”.
ووصل الأمر بأتباع الإمارات إلى هدم إحدى المناطق الأثرية المطلة على البحر؛ لبناء قصور شخصية لإماراتيين،
كما برز قيام مندوب “مؤسسة خليفة”، خلفان مبارك المزروعي، المكنى بـ”أبو مبارك”، بشراء أراضٍ بمساحات
شاسعة في السواحل بالقرب من الميناء وأخرى في منطقة نوجد، جنوبي الجزيرة، إضافة إلى الاستيلاء على مساحات
في محمية دكسم، المحميَّة من البناء عليها بموجب القانون اليمني.
وكشفت وسائل إعلام ومنظمات دولية، أواخر أغسطس 2020، عن إنشاء الإمارات و”إسرائيل” بنية تحتية لجمع
المعلومات الاستخباراتية في جزيرة سقطرى اليمنية، التي يسيطر عليها “الانتقالي” الموالي لها منذ يونيو 2020.
وفي سبتمبر الماضي، قالت وسائل إعلام يمنية، إن الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة الإماراتية وقعا عقد
توسعة لمطار سقطرى لشركتين إسرائيليتين هما شركة “يوسي إبرهام” وشركة “ميفرام”.