السعودية ثالث أكبر منتج للغازعالمياً في 2030.. كيف ستحقق ذلك؟
بحلول عام 2030 سيكون السعودية ثالث أكبر منتج للغاز، وهو ما تبنته رؤية المملكة وسعت إلى تحقيقه الجهات المتخصصة لا سيما شركة “أرامكو”، عملاق الطاقة العالمي.
تشهد أسواق الطاقة طلباً متزايداً على الغاز، مع وجود منتجين جدد ومستهلكين، وهو ما أظهر حالة من التنافس بين البلاد المنتجة لمصدر الطاقة الحيوي، خاصة مع التطورات الجديدة التي تدور في العالم.
الرئيس التنفيذي لشركة “أرامكو” السعودية، أمين الناصر، أكد أن المملكة العربية السعودية ستصبح ثالث أكبر منتج للغاز عالمياً بحلول 2030.
حديث الناصر كان نهاية نوفمبر 2021، في حفل توقيع عقود بقيمة 10 مليارات دولار، تمثل جزءاً من تطوير حقل الجافورة بالمنطقة الشرقية.
ذكر الناصر أن إنتاجية الحقل قد تصل إلى ملياري قدم مكعبة يومياً من الغاز بحلول 2030، وحجم موارد الغاز في الحقل 200 تريليون قدم مكعبة.
من جهته، قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن مشروع تطوير حقل الجافورة سيكلف ميزانية الدولة ستة مليارات ريال (1.6 مليار دولار).
شريك استراتيجي
وكالة “بلومبيرغ” سبق أن ذكرت، في سبتمبر الماضي، أن شركة أرامكو تتطلع إلى البحث عن شريك استراتيجي من أجل إدارة أعمال الحفر والإنتاج في حقل الجافورة، من خلال جمع تمويلات تقدر بنحو 110 مليارات دولار لتنفيذ المشروع ومساعدتها على التنويع من مبيعات النفط.
ونسبت الوكالة إلى مصادر، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأن المعلومات خاصة، قولها إن أرامكو تعمل مع مستشارين أثناء استكشافها لجمع أسهم أو ديون جديدة لموقعها الواسع في الجافورة في شمال شرق البلاد.
وأكدت المصادر أن الشركة بدأت فعلياً محادثات أولية مع المستثمرين المحتملين، ومن بينهم كبار تجار السلع. وأشارت إلى المناقشات حول المشروع في مراحله الأولى، وقد تقرر أرامكو اتباع طرق أخرى لجمع الأموال لتمويل تطوير الجافورة.
وحسبما ذكرت المصادر، فقد بدأت الشركة مراجعة أعمال المنبع في وقت سابق من هذا العام كمقدمة لمثل هذه الخطوة المحتملة، من أجل وضع السعودية التي تحوي احتياطيات من الغاز هي الأكبر في المنطقة العربية بعد قطر، كما تشير إلى ذلك بيانات شركة “بي.بي” البريطانية، على خارطة صناعة الغاز العالمية.
حقل الجافورة
يستهدف برنامج أرامكو لتطوير الموارد غير التقليدية ثلاث مناطق، فإلى جانب حقل الجافورة، تريد الشركة استكشاف مكامن الغاز الصخري في شمال البلاد وأيضاً منطقة الربع الخالي.
ولا تملك السعودية احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي الحر، ويأتي معظم إنتاجها من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، في وقت تزداد حاجتها إلى الغاز لإمداد المشاريع الصناعية الجديدة وتزويد محطات توليد الكهرباء.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن السعودية تملك نحو 600 تريليون قدم مكعبة من الغاز الصخري، وهو ما يعادل ضعف احتياطاتها من الغاز التقليدي، لكن تلك الأرقام يمكن أن ترتفع بشكل كبير مع تقدم عمليات الاستكشاف، خاصة في حقل الجافورة.
وتريد السعودية تعزيز استعداداتها للتحولات المستقبلية المتسارعة في قطاع الطاقة، رغم أن محللين يقولون إن إنتاج
الغاز الصخري قد ترتفع تكلفته في البلد الخليجي؛ بسبب ندرة المياه التي يحتاج إليها في عملية تكسير الصخور.
مخزون عظيم
حسب بيان لوزارة الطاقة السعودية، يعد حقل الجافورة الأكبر في المملكة للغاز غير التقليدي، من حيث حجم
المخزون والمساحة، إذ يبلغ طوله 170 كيلومتراً، وعرضه 100 كيلومتر.
ويبلغ مخزون الغاز في الحقل أكثر من 200 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الخام الرطب، الذي يحتوي على
الإيثان، وسوائل الغاز، والمكثفات.
ومن المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز الطبيعي من الجافورة مع نهاية 2024، وأن يصل الإنتاج إلى ملياري قدم مكعبة
قياسية في اليوم من غاز البيع، عند اكتمال تطوير الحقل.
كما سيُسهم الإنتاج من الحقل في زيادة الطاقة الإنتاجية في المملكة من غاز الإيثان بما يُعادل 40٪ من الإنتاج الحالي،
وفي إنتاج 500 ألف برميل يومياً من سوائل الغاز والمكثفات
مستقبل الجافورة؟
السعودية ثالث أكبر منتج للغاز، ولديها احتياطي ضخم من الغاز يجعلها من بين أعلى عشر دول في العالم في
الاحتياطي، لكنها لا تستطيع التوسع في إنتاجه؛ لأن هذا الغاز مصاحب للنفط، ولهذا لا يمكن إنتاجه من دون إنتاج النفط.
وعليه، بحسب ما يقول الكاتب السعودي وائل مهدي، في مقال له بصحيفة “الشرق الأوسط”، فإن أهمية الغاز دعت
“أرامكو” إلى أن تجد حلولاً.
يقول وائل مهدي إن البداية كانت مع دعوة شركات عالمية لاستخراج الغاز من الربع الخالي، وانتهى الأمر بالجميع
إلى مغادرة الربع الخالي من دون إنتاج ذرة واحدة من الغاز؛ لأن الغاز كان من النوع الحامض الذي يقع على أعماق بعيدة وكانت تكلفة إنتاجه عالية.
بعد تجارب عديدة اتجهت “أرامكو” إلى الغاز في الجافورة الذي يعدّ غازاً غير تقليدي أقرب في طبيعته للغاز
الصخري الذي يتم إنتاجه في الولايات المتحدة.
بحسب الكاتب السعودي فإن ما ساعد الشركة على الإنتاج التجاري منه هو تحسن تكلفته، وبالنسبة للمملكة فإن التكلفة
لا تقاس بالإنتاج، بل بتكلفة حرق النفط لإنتاج الكهرباء.
من هنا كان حوض الجافورة الذي يعد اليوم أكبر حوض للغاز الصخري خارج أمريكا مهماً. ولكن الأهمية الكبرى له
هي في المستقبل عندما يساعد الغاز من هذا الحقل على توفير المزيد من الدخل للمملكة في صور مباشرة، يقول مهدي.
وأضاف أن توفير الدخل بصورة مباشرة تشمل “تحرير نصف مليون برميل من النفط كان ممكناً حرقها للكهرباء، أو
من خلال التصدير المباشر لنحو 630 ألف برميل يومياً من المكثفات التي تخرج من الحقل، وهذه المكثفات وحدها مهمة جداً؛ إذ إنها من أخف أنواع النفط وأعلاه في السعر”.
أما الدخل غير المباشر فهو من خلال توفير المزيد من الوقود للصناعات أو من خلال استخدام هذا الغاز في إنتاج
الهيدروجين الأزرق، الذي سيكون وقود المستقبل وستصدره السعودية ليكون مصدر دخل إضافياً للمملكة، بحسب
الكاتب السعودي.