اخبار العالمسياسة

هل يسهم التقارب الإماراتي التركي في استقرار إثيوبيا؟

يبدو أن الثقل الذي تتمتع به التقارب الإماراتي التركي بالقرن الأفريقي من خلال علاقات وثيقة لكلا البلدين، خصوصاً مع إثيوبيا، زادت قوته كثيراً في خلال العام الجاري، ما دفع ليكون لهما دور بموازين القوى في هذه المنطقة الأفريقية.

ومع التطور الكبير في العلاقات الجانبية بين كل من أبوظبي وأنقرة، حيث أزاح البلدان مؤخراً جبل الثلج الذي أثقل علاقاتهما منذ أعوام، لا يستبعد أن تكون الإمارات وتركيا مفتاحاً لاستقرار جنوب شرقي أفريقيا.

منذ الخميس 9 ديسمبر 2021، بدأ المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، جولة تشمل الإمارات وتركيا ومصر، لبحث النزاع المسلح الدائر في إثيوبيا، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس.

أوضح برايس أن الجولة تهدف لبحث الجهود الدبلوماسية لوقف النزاع المسلّح في إثيوبيا، والذي دخل عامه الثاني.

هذه الجولة تأتي بعد أن فشلت الولايات المتحدة، خلال الأسابيع الماضية، في إقناع أطراف النزاع الإثيوبية بوقف القتال والجلوس للمفاوضات، على الرغم من زحف مقاتلي جبهة تحرير تيغراي نحو العاصمة.

الأحداث الإثيوبية

الحرب الإثيوبية الداخلية شهدت تطورات سريعة عقب اندلاعها، في السادس من نوفمبر 2020، بين القوات الحكومية الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي، التي هيمنت على إثيوبيا لعقود، وتسيطر الآن على إقليم تيغراي.

واستعادت القوات الحكومية كامل أراضي الإقليم من جبهة تحرير تيغراي، في العملية التي أطلق عليها “فرض القانون”، نهاية 2020، لكن هذه السيطرة لم تدم طويلاً.

حيث عادت جبهة تحرير تيغراي، في مايو 2021، لتسيطر على “ميكيلي” عاصمة إقليم تيغراي، ومنها تقدمت نحو أمهرة وعفر، وقطعت نحو 300 كم نحو العاصمة التي تبعد عن تيغراي نحو 550 كم.

وفي الأسبوع الثالث من نوفمبر الماضي، انقلبت موازين القوى مرة أخرى بسيطرة الحكومة وتراجع تيغراي عن مناطق في أمهرة.

وحققت القوات الحكومية تقدماً كبيراً خلال الأيام الماضية على حساب مقاتلي جبهة تيغراي، التي انسحبت من المدن التي استولت عليها في إقليم عفر بشكل كامل.

وجاء تقدم القوات الحكومية بسبب الطائرات المسيّرة الإماراتية والتركية، التي أجبرت قوات تيغراي على التراجع، بحسب شكوى تقدمت بها حكومة الإقليم للأمم المتحدة.

طاولة تركيا – الإمارات

الكاتب والباحث في الشأن السياسي ياسر عبد العزيز، تطرق في حديثه ل” إلى سياسة أمريكا، مشيراً إلى أنها تعتمد على حلفائها في بعض الملفات التي لا تريد الظهور فيها بشكل مباشر، ومن بين هذه الملفات الوضع في إثيوبيا والقرن الأفريقي.

وعلى الرغم من عدم ظهور الولايات المتحدة في هذا الملف الذي كلفت التقارب الإماراتي التركي -يقول ياسر عبد
العزيز- لكن الأمريكيين موجودون، سواء في ملف سد النهضة أو في المشاكل الأخرى داخل القرن الأفريقي.

وعليه يرى عبد العزيز أن بإمكان التقارب الإماراتي التركي، من خلال الجلوس على طاولة واحدة لبحث هذا الملف،
التوصل إلى حل للمشكلة الإثيوبية وتقديمه للبيت الأبيض. 

عبد العزيز رغم ذلك يعرب عن عدم ثقته بتوصل كل من تركيا والإمارات إلى حل، سواء كان من خلال بعض
الترضيات المالية، أو اعتماد النفوذ التركي العسكري في القرن الأفريقي، خاصة مع ما تحققه “تيغراي” من نجاحات كبيرة، وهي ترى أنها تحقق الهدف الذي تحلم به من خلال العمليات العسكرية.

لكن “يمكن أن تكون هناك مكاسب أخرى وإن لم تخرج إثيوبيا رابحة في هذه المعادلة”، وفق ما يقول عبد العزيز.

الإمارات وإثيوبيا

تعتبر العلاقات الإماراتية الإثيوبية تاريخية ومتجذرة؛ إذ بدأت في عهد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،
ورئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ملس زيناوي.

وتشهد العلاقات بين البلدين حالة من التطور النوعي، تجلت ملامحها في دعم الإمارات لإثيوبيا في شتى المجالات
لمساندة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

في نوفمبر الماضي، وصف مسؤول العلاقات العامة والدولية بحزب الازدهار الحاكم بإثيوبيا بيقيلا هوريسا،
الإمارات بأنها “شريك استراتيجي غير عادي”، بحسب صحيفة “العين الإخبارية” الإماراتية.

وقال: إن الإمارات “وقفت إلى جانب إثيوبيا في أحلك الظروف الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد خلال الفترة القصيرة الماضية”.

الدعم الإماراتي لإثيوبيا كان من بينه الدعم العسكري، فوفق ما نشرت قناة “الجزيرة” الإخبارية، في 25 نوفمبر
الماضي، كشفت صور فضائية وبيانات ملاحية عن أن الإمارات فتحت جسراً جوياً لتقديم الدعم العسكري للجيش الإثيوبي، مستعينة بشركات شحن خاصة.

وأظهرت الصور والبيانات دعماً عسكرياً إماراتياً مكثفاً لقواعد جوية إثيوبية، كما كشفت عن وجود طائرة مسيرة من
طراز “وينغ لونغ” (Wing Loong) الصينية في القواعد العسكرية الإثيوبية.

موانئ القرن الأفريقي

يقول ياسر عبد العزيز إن الإمارات موجودة في أفريقيا منذ فترة من خلال نشاطات اقتصادية عبر موانئ دبي، لافتاً
إلى أنها تبحث عن موطئ قدم في القرن الأفريقي “للسيطرة على الموانئ فيه”.

من جانب آخر فإن مشروع الطوق والطريق الصيني تعتبر فيه منطقة القرن الأفريقي جزءاً أساسياً، وهو ما تدركه
أبوظبي التي ستكون لها علاقة بشكل مباشر في الانخراط به، وفق عبد العزيز.

وأضاف: “الإمارات موجودة في جوار إثيوبيا، وقبلها في جيبوتي، وعلاقاتها موجودة بغطاء تجاري من خلال موانئ دبي، ومن ثم لها دور يمكن أن تؤديه؛ لأن أمريكا لا تريد أن تنخرط بشكل مباشر في الخلافات الدائرة لحساسية
الموقف وللوجود الصيني؛ لكيلا يكون هناك صدام مباشر في ملف مهم مثل الملف الصيني”.

تركيا وإثيوبيا

ما يكشف عن قوة العلاقات بين تركيا وإثيوبيا، التي توثقت أخيراً، تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد،
الذي زار أنقرة والتقى الرئيس رجب طيب أردوغان، في أغسطس 2021.

آبي أحمد قال في تصريحات صحفية من أنقرة: “نولي أهمية كبيرة لصداقتنا وشراكتنا مع تركيا”.

وأضاف أن العلاقات بين البلدين تقوم على أسس متينة من الاحترام والثقة المتبادلين، فضلاً عن التعاون من أجل
التطوير والتنمية المشتركة، مؤكداً أن أديس أبابا وأنقرة تواصلان العمل على تعزيز علاقاتهما وتطويرها، منذ
أبريل 2018.

وعقدت مناقشات بين رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس التركي، شملت توقيع اتفاقيات من بينها عسكرية، بحسب بيان للحكومة الإثيوبية.

وكانت مصادر أخبرت وكالة أنباء “رويترز”، في أكتوبر، أن إثيوبيا طلبت طائرة “بيرقدار تي بي2” التي تعتبر من
أهم المعدات القتالية فعالية وقوة في العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى