نهاية تعويضات حرب الخليج للكويت.. كيف ستؤثر على الاقتصاد العراقي؟
بعد إعلان العراق تسديد تعويضات حرب الخليج للكويت التي أقرتها الأمم المتحدة لصالح الكويت عقب الغزو، تطرح الكثير من التساؤلات حول أهمية ذلك وانعكاسه على واقع الاقتصاد العراقي وعلاقاته الإقليمية.
وأعلن البنك المركزي العراقي، الثلاثاء 21 ديسمبر، دفع كامل هذه التعويضات البالغة 52.4 مليار دولار، عقب تسديد الدفعة الأخيرة المتبقية منها، والتي تبلغ قيمتها نحو 44 مليون دولار أمريكي، فيما أعلنت الكويت لاحقاً أنها ستتسلم الدفعة نهاية الشهر أو في يناير القادم.
سداد التعويضات
وأوضح بيان للبنك المركزي أن “العراق قد أتم سداد كامل مبالغ تعويضات حرب الخليج للكويت التي أقرتها لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التابعة لمجلس الأمن الدولي بموجب القرار رقم (687) للعام 1991”.
وعبر البيان عن أمله في أن “يسهم إنهاء دفع التعويضات في إخراج العراق من (البند السابع)، فضلاً عن أثره في إعادة دمج النظام المصرفي العراقي بالنظام المصرفي العالمي والإفادة من الوفرة المالية التي ستتحقق”.
وحول ذلك قال مستشار رابطة المصارف الخاصة العراقية، سمير النصيري، لـصحيفة “الصباح” العراقية الرسمية، في 22 ديسمبر، إن “بيان البنك المركزي عن تسديد الدفعة الأخيرة يعني أن العراق سيطوي هذه الصفحة من الاستقطاعات من صادراته النفطية”.
وأشار إلى أن “دفع القسط الأخير هو إزالة لآخر أثر من آثار الفصل السابع من قرار التعويضات، وهذا سينعكس إيجابياً بأن يدمج فعلاً، كما أشار البنك المركزي، النظام المصرفي العراقي بالنظام المصرفي العالمي الذي كان حقيقة يعاني من آثار سلبية نتيجة لهذا القرار”.
انفراج مالي
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يسهم غلق ملف التعويضات الكويتية في استمرار تحسن الأوضاع المالية بالعراق، خصوصاً إذا ما تم استثمار الأموال التي كانت تستقطع للتعويضات بصورة صحيحة.
وأعرب مقرر اللجنة المالية النيابية السابق، أحمد الصفار، عن تفاؤله في أن “تمكن الدولة من التخلص من هذا العبء سيكون له انفراج مالي، وهذا ما يدعمه ارتفاع أسعار النفط وعملية تخفيض سعر صرف الدينار العراقي”، مبيناً أن “هذه العوامل بالتأكيد ستؤدي الى الاستدامة المالية للحكومة”.
وأشار الصفار، في حديثه لـ”الصباح”، إلى أن “العراق أصلاً وقبل سنتين خرج من (البند السابع)، كما أن عملية دمج نظامنا المصرفي بالنظام المصرفي العالمي تعتمد على العراق والسياسة المالية التي تتبعها الحكومة، كما أن الاقتصاد يعتمد على مدى قوة الناتج المحلي الإجمالي الذي يعتمد على إيرادات النفط”.
فيما ذكر الخبير القانوني، أمير الدعمي، أن “خروج العراق من الفصل السابع يعني تحرره من القيود الدولية للأمم المتحدة”.
وتابع الدعمي حديثه لصحيفة “المدى” العراقية بأن “العراق سيكون له استرجاع أمواله المحتجزة والتصرف بها وفق رؤيته وكذلك التعاقد على الأصعدة العسكرية والاقتصادية كافة دون الرجوع إلى الأمم المتحدة”.
وأكد الدعمي أهمية “رفع الوصاية الدولية المفروضة على العراق؛ لكونه يسهم في إعادة مكانته الدولية والإقليمية
بدون رقابة أو قيود، مما ينعكس ذلك على اقتصاده وشعبه”.
ترحيب كويتي
من جانبها رحبت الكويت بإعلان العراق استكمال دفع ما بذمته من تعويضات حرب الخليج للكويت واعتبرت ذلك
مؤشراً إيجابياً من شأنه أن ينقل العلاقات بين البلدين إلى آفاق أساسها الثقة والعلاقات الأخوية المتكافئة”.
وقال الإعلامي الكويتي أحمد البدري، لصحيفة “بغداد اليوم” المحلية، إن “إكمال العراق لدفع الديون التي بذمته
للكويت من شأنه أن يعزز العلاقة بين البلدين، ويفتح قنوات اقتصادية، اجتماعية، وتجارية، سترمي بالفائدة لصالح البلدين الشقيقين”.
وأضاف أن “هذا الأمر سيعزز الروابط التاريخية التي تربط العراق بالكويت، إذ إن هاتين الدولتين من أكثر الدول في
العالم تربطهم أواصر أخوة وصداقات ومصاهرة”.
بقايا الفصل السابع
وقال المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد الصالح، لـ”بغداد اليوم”: إن “العراق أنهى ملف تعويضات حرب
الكويت ودفع آخر مستحقاتها، وبهذا سدد العراق كافة التزاماته التي فرضت عليه بموجب قرارات الأمم المتحدة التي فرضت عليه عام 1991 بسبب الحرب على الكويت”.
وأضاف أن “التعويضات كلفت العراق من الناتج المحلي الإجمالي ومجهودات اقتصاده، بحوالي 52.4 مليار دولار
وهذا المبلغ ليس بالقليل، وهو كاف لبناء منظومة شبكة كهرباء تنعش العراق لسنوات طويلة، لكن هذا قدرنا بأن يتحمل الشعب العراقي نتائج حرب طائشة”.
وعدّ “إكمال العراق لملف التعويضات، هو صفحة جديدة في تاريخ العراق الاقتصادي، فهي كلفت البلد يومياً من 6 –
7 ملايين دولار، وهذا المبلغ بالقياس إلى صادرات نفط العراق الحالية، أكثر من ملياري دولار سنوياً، وهي ستضاف
إلى موازنة مجهودات العراق وستسد باباً من أبواب الصرف”، معبراً عن تمنياته أن “تذهب إلى التنمية
والمشروعات الاستثمارية المشغلة للقوى العاملة والمنتجة للنفط”.
وتابع أن “أهمية إغلاق ملف التعويضات هو بداية لإغلاق بقايا الفصل السابع، فالعراق فرض عليه قرابة 40 قراراً
من مجلس الأمن على إثر حرب الكويت، وجرى تكبيله تماماً”.
لكنه توقع أن “يصدر مجلس الأمن قراراً لإخراج العراق من الفصل السابع في بداية العام المقبل”، مبيناً أن “قرارات
مجلس الأمن اعتبرت العراق دولة معتدية بخلاف شعبها الذي يحب السلام”.
اللجنة الأممية
وتشكلت لجنة أممية تعويضات حرب الخليج للكويت في 1991، حيث ألزمت بغداد بدفع 52.4 مليار دولار
تعويضات للأفراد والشركات والمنظمات الحكومية وغيرها، ممن تكبد خسائر ناجمة مباشرة عن غزو الكويت.
وكان العراق توقف عن تسديد المدفوعات بين عامي 2015 و2017 أثناء الحرب على تنظيم “داعش”، الذي سيطر
على ثلث البلاد، لكنه استأنفه عام 2018.
ويدفع العراق مبلغ التعويضات إلى صندوق أممي أنشئ تحت اسم صندوق الأمم المتحدة للتعويضات، من خلال نسبة
من مبيعات النفط، ويعتمد العراق بنحو 95% من إيراداته السنوية على تصدير النفط.
طفرة نوعية
ويقول الخبير الاقتصادي د. صلاح عريبي العبيدي إن انتهاء العراق من كافة الالتزامات بشأن دفع التعويضات للكويت يفسح مجالاً له للخروج من تحت بنود الفصل السابع من قرارات مجلس الأمن، وذلك سيمثل طفرة نوعية
للعراق؛ لأن خروجه بشكل كامل يعني التخلص من القرارات اللي تمس سيادة العراق وأمن عودة الطبيعية الفاعل للأسرة الدولية من دون أي قيود.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن إنهاء الملف سينعكس على الاقتصاد العراقي بشكل جيد، وسيفتح آفاقاً كبيرة له، ومن
أهمها السماح للمصارف العراقية بفتح فروع ومكاتب خارج البلد وإنهاء الحظر الدولي عليها. وكذلك سيتمكن العراق
من استرداد أمواله المجمدة منذ عام 1991 في كثير من دول العالم، ويمكن أن يستفاد منها بشكل عملي في دعم
صندوق التنمية.
ويبيّن العبيدي بأن ملف التعويضات كان من الملفات الشائكة بين العراق والكويت، وغلق هذا الملف نهائياً سوف يلزم
بفتح صفحة من العلاقات السياسية والاجتماعية بين البلدين، ويحقق تقدماً إيجابياً في طبيعة علاقة جديدة في التعامل مع دولة جارة.
بدوره يرى الخبير الاقتصادي د. عبد الرحمن المشهداني بأن إنهاء ملف التعويضات الكويتية موضوع إيجابي بالنسبة للعراق، لأنها كانت تستقطع نسبة ليست بالقليلة من الإيرادات النفطية، ومن ثم فيمكن أن تسهم بجزء من سد العجز
الموجود أو تمويل مشاريع تنموية، لافتاً إلى أن المبلغ يعادل سنوياً 3 إلى 5 مليارات دولار.
ويشير، في حديثه مع “الخليج أونلاين”، إلى أن الموضوع من الناحية الاقتصادية ومن الناحية السياسية أكبر من سداد
التعويضات، لأن العراق لا يزال تحت وصاية الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي فرض عليه قيوداً كثيرة.
ويضيف المشهداني أن خروج العراق من الفصل السابع بعد إنهاء ملف التعويضات للكويت، سيؤدي إلى إعادة اندماج
المؤسسة المالية العراقية بالمؤسسات المالية الدولية وسيكون شريكاً فاعلاً في هذا الأمر.