مجتمعمنوعات

تشغيل القصور الأثرية.. السعودية تفتح دفاتر التاريخ لاستقطاب السياح

وجهة جديدة لفتت أنظار الحكومة السعودية لتعزيز قطاع السياحة في البلاد و تشغيل القصور الأثرية ضمن خططها للانفتاح على العالم، ولتنويع إيراداتها العامة والتوقف عن الاعتماد على صادرات النفط الخام كمصدر دخل رئيس.

هذه الوجهة كشفت عنها المملكة بإعلانها، الخميس 20 يناير 2022، إطلاق “مجموعة بوتيك” لتطوير وإدارة وتشغيل سلسلة من القصور التاريخية والثقافية الشهيرة في المملكة.

وحسب وكالة الأنباء السعودية (واس)، فإن المرحلة الأولى من المشروع  تهدف لتطوير ثلاث وجهات تاريخية؛ وهي قصر الحمراء في جدة، الذي سيضم 77 غرفة تشمل 33 جناحاً فاخراً و44 فيلا فاخرة.

وتشمل المرحلة الأولى أيضاً قصر طويق بالرياض، الذي سيضم 96 غرفة بـ40 جناحاً فاخراً و56 فيلا فاخرة، والقصر الأحمر في الرياض، الذي سيحتوي على 71 غرفة تشمل 46 جناحاً فاخراً و25 غرفة ضيافة فاخرة.

وستمزج “مجموعة بوتيك” أصالة القيم الثقافية والتراثية للمملكة مع نمط الحياة العصرية، لتقديم تجربة ضيافة حصرية تُثري قطاع الضيافة فائقة الفخامة في المملكة، بما يُسهم في تنمية الاقتصاد المحلي.

كما ستعمل الشركة على تقديم العديد من الخيارات المرموقة لأرقى المطاعم العالمية، وتوفير أجواء للاسترخاء في أحدث مراكز الاستجمام.

وحول هذه المجموعة قال ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة: “سيُسهم تشغيل القصور الأثرية إطلاق المجموعة في تنويع الفرص السياحية في السوق السعودي، ويعزز مكانة المملكة إقليمياً ودولياً كوجهة سياحية وثقافية رائدة”.

هذه الخطوة ستعيد تسليط الأضواء على القصور التاريخية التي ازدهرت خلال عصور مضت في المملكة، وتجذب السياح الأجانب والمحليين إليها.

القصر “الأحمر”

أبرز هذه القصور هو “القصر الأحمر”، وهو قصر تاريخي، وضمن أول المباني المشيدة بالأسمنت والحديد المسلح في العاصمة الرياض.

وشيّد القصر في عام 1942 ليكون سكناً للأمير سعود بن عبد العزيز وأسرته، بعد احتراق قصره في المربع، ومجلساً لاستقبال ضيوف المملكة من قادة وحكام الدول، وهو المقر الأول لمجلس الوزراء منذ تأسيسه حتى عام 1988.

ويتميز القصر بلونه الخارجي المائل للاحمرار، ولذلك سمي بقصر “الحمراء” أو “الأحمر”، وهو يضم 16 جناحاً وغرفة مجهزة بأجهزة التكييف والمراوح السقفية.

ويعمل على نظام إنارة نهاري يعتمد على وجود 4 مناور مربعة مفتوحة تسمح بدخول أشعة الشمس لأرجاء القصر، كما تحيط به شرفات مطلة على الحدائق الموزعة في مقدمة القصر والباحة الخلفية.

ويصنف القصر “الأحمر” من قبل هيئة السياحة السعودية كواحد من التراث العمراني السعودي الذي تجب المحافظة عليه، فهو شاهد على الجلسات الأولى لمجلس الوزراء، ومنه أُعلن قرار حظر النفط على بريطانيا وفرنسا في 1956.

وبعد انتقال الملك سعود وأسرته إلى قصر الناصرية أصبح القصر مقراً لانعقاد جلسات مجلس الوزراء في عهد الملوك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، والملك خالد بن عبد العزيز آل سعود، والملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، حتى انتقال مقر المجلس إلى قصر اليمامة في عام 1988.

وتحول القصر، مؤخراً، إلى متحف، ليشهد على مراحل تأسيس الدولة السعودية، ويكون منصة لعرض وحفظ تاريخ الملك سعود ومقتنياته، إلى جانب ملوك الدولة السعودية الآخرين، وافتتح في العام 2019.

قصر “خزام”

وضمن القصور الملكية التاريخية في السعودية كذلك قصر “خُزَام” في مدينة جدة غرب المملكة، وكان أحد القصور التي يسكنها الملك عبد العزيز آل سعود.

ويعد القصر أول بناء في السعودية يستخدم فيه الأسمنت والحديد، وقد كانت صورة بوابته على العملة الورقية السعودية.

وتعود بداية بناء قصر “خزام” إلى سنة 1928، وقد استغرق بناؤه خمسة أعوام، حيث اكتمل بناؤه سنة 1932م، وقد سمي القصر بـ”خزام” بسبب كثرة وجود نبات الخزامى في المنطقة التي بني عليها.

وشهد قصر “خزام” الكثير من الأحداث المهمة، كان أبرزها أول وأهم اتفاقية سعودية للتنقيب عن البترول.

في سنة 1981، وجَّه الملك فهد بن عبد العزيز بتحويل القصر إلى متحف، بعد أن نقل إدارته إلى وكالة الآثار
والمتاحف بوزارة المعارف، و تشغيل القصور الأثرية حيث قامت الوكالة بترميم جزء من مقدمة القصر، وافتتح في مارس 1995.

قصر “طويق”

ومن القصور التي ستشملها المرحلة الأولى من التطوير في المملكة قصر “طويق” بمدينة الرياض، الذي بني عام
1985، ويعتبر القصر من أهم أماكن إقامة الندوات والمعارض الفنية والثقافية وحفلات الاستقبال الرسمية في العاصمة.

ويتمتع قصر “طويق” بموقع متميز في الطرف الشمالي الغربي من حي السفارات، مطلاً على وادي حنيفة، ومحاطاً
بفرعين صغيرين للوادي، وقد صمم القصر على هيئة جدار ضخم مأهول يمثل جسم القصر الأساسي، ويلتف حول
حديقة داخلية حامياً إياها من الرياح والعوامل الطبيعية الأخرى.

ويتراوح سمك الجدار بين 7 و13 متراً، كما يبلغ ارتفاعه نحو 12 متراً، ويتألف القصر من بهو وقاعات استقبال
وقاعة طعام ومدرج للمحاضرات، وصالة متعددة الأغراض، ودار للضيافة، وصالة للألعاب الداخلية، وملاعب خارجية ومسابح.

كما تحيط به بعض الملاعب ومواقف السيارات وحدائق صحراوية مطلة على الوادي، ويشتمل البرنامج الوظيفي
للقصر على إقامة الندوات والمعارض الفنية والثقافية وحفلات الاستقبال الرسمية للجهات الحكومية.

وفاز قصر “طويق”، الذي يمثل أحد أبرز المعالم العمرانية الثقافية والاجتماعية في عاصمة المملكة، بجائزة “آغا
خان” للعمارة في خريف عام 1998، وسلمت الجائزة في مدينة غرناطة الإسبانية.

وإضافة إلى هذه القصور تضم المملكة عشرات القصور التاريخية والثقافية، إلا أن جزءاً كبيراً منها فقد بريقه على
مر السنين، والخطوة الجديدة للحكومة السعودية تهدف لاستعادة هذا البريق، ما يسهم بانتعاش السياحة.

تطوير السياحة.. الهدف الأبرز

وبات قطاع السياحة عنواناً بارزاً في خطط الرياض الاستراتيجية لتنويع اقتصادها في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة
المتجددة والمخاطر التي تواجه قطاع النفط الخام.

وكان وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب، قد قال في تصريحات صحفية، في أكتوبر 2021، إن المملكة تخطط

لاستثمار أكثر من تريليون دولار في قطاع السياحة، خلال السنوات العشر المقبلة.

وأشار الخطيب إلى أنها المستثمر الأكبر في هذا القطاع في الوقت الراهن، موضحاً أن المملكة تتوقع استقبال 100
مليون زائر بحلول 2030.

وفي 27 سبتمبر 2019، استحدثت السعودية، للمرة الأولى في تاريخها، تأشيرة سياحية تتيح لجميع مواطني دول
العالم القدوم إليها على مدار العام وفق تنظيمات جديدة.

وتستهدف المملكة جذب استثمارات بقيمة 220 مليار ريال (53.3 مليار دولار) في قطاع السياحة حتى 2023،
و500 مليار ريال (133 مليار دولار) حتى 2030، بحسب تصريحات سابقة لوزير السياحة.

وفي أغسطس الماضي، قالت وزارة الاستثمار السعودية إن المملكة خلقت فرصاً استثمارية كبرى في قطاع السياحة،
وجودة الحياة تصل قيمتها إلى 2.5 مليار دولار.

منافسة عالمية شرسة

وحول ذلك يقول الخبير الاقتصادي عاصم أحمد، في حديثه : إن “الدول حول العالم دخلت في منافسة شرسة لاجتذاب
السياح نظراً لأهمية هذا القطاع من الناحية الاقتصادية والثقافية أيضاً”.

وأضاف أحمد: “انتعاش وتطور قطاع السياحة يعني تحقيق عائد مادي كبير وبالعملات الأجنبية، إضافة إلى توفير
فرص عمل لعشرات الآلاف، وتشغيل قطاعات واسعة في الدولة، علاوة على الجانب الثقافي، حيث تروج الدول التي تستقطب السياح ثقافتها وتوجهاتها، ما يحقق لها سمعة جيدة بين شعوب العالم”.

ورأى أن السعودية باتت تسعى لاستغلال كل فرصة ممكنة لتعزيز ودعم قطاع السياحة لديها؛ بهدف استقطاب أكبر
عدد من السياح لتحقيق أهدافها الخاصة بتنويع الاقتصاد وخفض معدلات البطالة.

واعتبر أن الخطط المتعلقة بتطوير القصور التاريخية في المملكة مهمة جداً؛ لأن جزءاً كبيراً من السياح حول العالم
هدفهم السياحة الأثرية، فيجوبون العالم بحثاً عن المباني التاريخية والمنشآت الأثرية

وأشار إلى أن إنفاق السياح في جميع دول العالم وصل إلى 5 مليارات دولار يومياً، حيث بلغت عائدات السياحة
الدولية في العام 2019، قبل جائحة كورونا، 1،448 تريليون دولار، حسب أرقام منظمة السياحة الدولية.

ولفت المختص الاقتصادي إلى أن هذا الرقم لا يشمل نفقات النقل الجوي التي تبلغ نحو 564 مليار دولار سنوياً.

وأعرب الخبير الاقتصادي عن تفاؤله في نجاح المملكة في تحقيق خططها المتعلقة بتطوير قطاع السياحة في حال
استغلال الإمكانيات الكبيرة التي تملكها بشكل جيد والتفكير بعيداً عن الطرق التقليدية لاستقطاب السياح.تشغيل القصور الأثرية

وتتجاوز إيرادات قطاع السياحة السعودي سنوياً الـ 211 مليار ريال (نحو 56.3 مليار دولار)، حسب إحصائيات العام 2019.

ولا يمكن القياس على الإيرادات التي حققتها بالعامين الماضيين؛ بسبب تراجع السياحة عالمياً جراء جائحة كورونا.

وبلغ إجمالي عدد المنشآت السياحية في المملكة نحو 77 ألفاً و800 منشأة سياحية، حتى نهاية العام 2020، حسب بيانات رسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى