اقتصادمجتمع

“520 طناً من الذهب في الخليج”.. لماذا تحلق أسعار الذهب بالأزمات العالمية؟

الذهب في الخليج عندما تنهار جميع الاستثمارات سيصعد الذهب على ركامها”.. هذه العبارة هي اختصار لقاعدة اقتصادية مفادها أن المعدن الأصفر يعد أحد الأصول والملاذات الآمنة التي يتم التحوط بها ضد جميع المخاطر، وخاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية والصحية والحروب العسكرية.

فلا تكاد تمر أزمة إلا ونجد أن الذهب حلقت أسعاره إلى قمة جديدة لا تتوقف عندها حتى تصعد إلى قمة أخرى عند أقرب أزمة قادمة، فهذا المعدن النفيس يبقى الملجأ لجميع المستثمرين لحماية أموالهم من نيران الأزمات.

ولكن ما موقع دول الخليج العربي من هذا الصعود الجنوني لأسعار الذهب وهل ستكون من بين الرابحين؟

تؤكد البيانات أن دول الخليج العربي تمتلك احتياطياً كبيراً من الذهب في الخليج يقدر بـ520 طناً، حسب بيانات مجلس الذهب العالمي للعام 2021.

وتحتل السعودية صدارة الدول الخليجية باحتياطي الذهب بامتلاكها 323.07 طناً، ثم الكويت بالمرتبة الثانية بـ 78.9 طناً، وبالمركز الرابع تأتي قطر بنحو 58.2 طناً، والإمارات رابعاً بـ54.8 طناً، فيما تحل البحرين في الترتيب الخامس بحيازتها 4.6 أطنان من الذهب، وأخيراً سلطنة عمان بنحو 0.22 طن.

قفزات متتالية

أحدث قفزات الذهب كانت صباح الخميس 24 فبراير 2022، فبعد قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، شن عملية عسكرية واسعة ضد روسيا، صعدت أسعار العقود الفورية للذهب بنسبة تقترب من 2% إلى 1928.6 دولاراً للأونصة (الأوقية)، وهي الأعلى منذ شهر أغسطس 2020.

وفي 2014 بعد احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، ارتفعت أسعار الذهب بواقع 2.5% ليصعد إلى أعلى مستوياته في ذلك الوقت منذ سنة.

وفي نهاية العام الماضي 2021، ومع تصاعد الإصابات بكورونا وظهور متحور “أوميكرون” شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً بنسبة 0.5% عند 1814.10 دولار للأوقية.

وبالعودة قليلاً إلى الوراء إبان الأزمة المالية العالمية (2008-2009)، فإن أسعار الذهب بذلك الوقت، وتحديداً في فبراير 2009، قفزت بنسبة تاريخية وصلت إلى 25.7%.

وكانت أسعار المعدن النفيس قد وصلت آنذاك إلى مستوى 1087 دولاراً للأوقية، أي إنها صعدت بنحو 222 دولاراً من أكتوبر 2008 عندما كان سعر أوقية الذهب يبلغ 865 دولاراً وحتى فبراير 2009

أصل مضمون

وفي تحليله لأسباب ارتفاع أسعار الذهب في ظل الأزمات العالمية المختلفة، قال الخبير والكاتب والاقتصادي مصطفى
عبد السلام: إنه “عندما تزيد المخاطر في العالم يقبل المستثمرون على الأصول المضمونة أو شبه المضمونة وأبرزها الذهب”.

وأضاف عبد السلام، في حديثه”، أنه “عندما تحدث قلاقل سياسية واضطرابات اجتماعية وحتى أزمات اقتصادية أو
حروب أو أزمات مالية مثل تلك التي حدثت في العام 2008، فإن المستثمرين يهربون من الأصول الخطرة وتحديداً أسواق الأسهم والبورصات للأصول المضمونة”.

والذهب يعد من أبرز الأصول المضمونة إلى جانب الدولار مثلاً وغيره من العملات القوية، كما يرى الكاتب الاقتصادي.

ولكن لماذا يعد الذهب من الأصول المضمونة؟ يشرح عبد السلام ذلك مورداً عدة أسباب أولها أنه  يمكن بيعه وتحويله
إلى سيولة مالية في أي لحظة ومن ثم فهو يرتفع إلى مرتبة العملات الرئيسية مثل الدولار وغيره.

الأمر الثاني، من وجهة نظر الخبير الاقتصادي، هو أن الذهب عليه إقبال كبير ومتواصل بسبب ندرته، وثالثاً فإن زبونه
مضمون بداية من البنوك المركزية التي أقبلت على شراء الذهب بشكل كبير خلال جائحة كورونا لتحصين اقتصاداتها أمام المخاطر الصحية والسياسية والاقتصادية.

ولا يقتصر زبائن الذهب على البنوك والدول؛ فحتى المواطنون العاديون يلجؤون إلى الذهب لحماية أموالهم.

ومن الأسباب التي تؤدي لزيادة الإقبال على الذهب في الأزمات أيضاً، أن أسعاره ترتفع بشكل متواصل عكس العملات
أو السلع والمعادن الأخرى، بمعنى أنه حتى لو تراجعت أسعار الذهب في بعض الأوقات بسب زيادة الفائدة على
الدولار مثلاً أو تحسن أسواق الأسهم، فإن الارتفاع التالي للذهب سيكون أكبر، حسب الكاتب عبد السلام.

ورأى أن من يستثمر أمواله في الذهب هو الطرف الرابح ولو خسر فإن خسارته لن تكون كبيرة ويمكن تعويضها بسهولة.

الحرب ترفع الأسعار

وعلى الصعيد ذاته، قال الأكاديمي والكاتب الاقتصادي حسين البناء، إنه “مع بدء غزو روسيا لأوكرانيا فإن أجواء الحرب
وعدم اليقين تسود في الأسواق العالمية وهو ما ينعكس فوراً على أداء السوق المالي الروسي والأوروبي والأمريكي وبشكلٍ حاد تحت وطأة مخاوف وتوقعات توسع أعمال الحرب”.

وأضاف البناء، في حديثه “: “يتبع بالعادة كل أزمة سياسية أو اقتصادية عالمية لجوء واسع لشراء الذهب كملجأ آمن
للقيمة في ظل توقعات بانخفاض سعر صرف العملة المحلية للدول المنخرطة في الأزمات”.

ويشير إلى أن الإقبال على الذهب في الخليج يؤدي إلى رفع أسعاره لمستويات قياسية كاستجابة لآليات السوق الحرة
الخاضعة للعرض والطلب.

وفي السياق، توقع الخبير الاقتصادي أن يضطرب سوق الطاقة لتنقطع إمدادات الغاز والنفط الروسية، ولترتفع أسعار
النفط الخام فوق 150 دولاراً للبرميل.

كما ستؤدي الحرب إلى ارتباك بسوق القمح والحبوب لتشهد الأسعار قفزة قد تضاعف الأسعار، وتحت حالة الترقب
وتخوفات الحرب فإن البورصات ستدفع ثمناً باهظاً في أوروبا والولايات المتحدة على مدى شهور حتى انفراج الأزمة، حسب البناء.

ذهب

ويعتقد أن كل هذه المؤشرات والتداعيات ستجعل من توقعات النمو والتعافي العالمي لما بعد جائحة كورونا أمراً مستبعداً.

وفيما يتعلق بأسعار الذهب، وبشكل خاص ما يرتبط بالأزمة الروسية الأوكرانية، فإن روسيا تعد الدولة الثالثة عالمياً في
 عدد مناجم الذهب بعد أستراليا والصين، والخامسة عالمياً في امتلاكها لاحتياطي الذهب، كما يرى المختص الاقتصادي حسام عايش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى