على مدار الأشهر الماضية، حرب اليمن تركزت المعارك بين قوات “تحالف دعم الشرعية” والحوثيين حول مدينة مأرب، لكن خلال الأيام الماضية، توسعت لتشمل غارات جوية للتحالف على العاصمة صنعاء وضربات أخرى على شبوة، مما لا يجعل أي بوادر لإنهاء هذه الحرب المدمرة بشكل سلمي.
والأحد، أعلن التحالف عن تدمير 4 مخازن للطائرات المسيّرة ومنصات الإطلاق بمعسكر لواء النقل العسكري في العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية.
ويرى المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، أن المعارك ستستمر في العام 2022 دون وجود أي فرص سياسية للسلام.
في تقرير حديث صدر نهاية العام الماضي، ذكر مركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية والأمنية الأميركي، أن حرب اليمن “لا تزال بلا نهاية واضحة تلوح في الأفق؛ لأن أنماط الحرب الدورية والجهات العسكرية المتطابقة بالتساوي على كلا الجانبين تدفع باستمرار الصراع بعيدا عن التسوية السياسية أو وقف إطلاق النار”.
“حسم حربي”
بدأت الحرب الأهلية اليمنية عام 2014 عندما سيطر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء، مطالبين بالتوزيع العادل للموارد والأراضي والسيطرة السياسية.
وفي مارس 2015، دخل تحالف تقوده السعودية لدائرة الصراع لإعادة الحكومة المعترف بها دوليا، حيث تعمل الحكومة اليمنية من مدينة عدن الجنوبية والعاصمة السعودية الرياض على حد سواء.
لكن في الأشهر الأخيرة، تركز الصراع بشكل خاص على مأرب، آخر معاقل الحكومة اليمنية في الشمال، حيث يرغب الحوثيون بالسيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية الغنية بالنفط والتي تبعد عن العاصمة نحو 100 كيلومترا.
ويقول تقرير المركز الأميركي إنه “من غير المرجح أن تتوصل الأطراف المتحاربة في اليمن إلى تسوية سياسية خلال عام 2022. وسيحافظ الصراع المستمر بدوره على اليمن كمسرح جيوسياسي رئيسي للسعودية وإيران والجهات الخارجية الأخرى التي لها مصالح في المنطقة”.
وبعد أن دخلت الحرب في اليمن عامها السابع، خلق الصراع ما تعتبره الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى الآن
الأزمة الإنسانية الأكثر دموية في العالم.
ومع استمرار الصراع في اليمن الذي راح ضحيته 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، فإن أسوأ أزمة إنسانية في
العالم، وفق للأمم المتحدة، ستتعمق بشكل أكبر مما يعيق أي عملية تسوية سياسية في هذا العام.
في عام 2019، توقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه إذا استمر الصراع حتى عام 2022، فإن اليمن ستكون أفقر دولة
في العالم. وفي عام 2021، أفاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الصراع قضى بشكل دائم على 126 مليار دولار من
النمو الاقتصادي المحتمل الذي لن يتعافى أبدا، وأن 80 بالمئة من سكان اليمن يعتمدون الآن بشكل كامل على المساعدات المالية.
إلى ذلك، شدد المذحجي على ارتباط الملف اليمني بالملفات الإقليمية، في إشارة إلى الحوار السعودي الإيراني، لكنه
استبعد أن تكون هناك تسوية بين الرياض وطهران في عام 2022.
“توازن الكلفة”
في ديسمبر، أعلن التحالف عن عملية عسكرية “واسعة النطاق” في اليمن، بعد مقتل شخصين وإصابة سبعة في
هجوم للحوثيين على جازان جنوب المملكة يعد هو الأكثر دموية في السعودية منذ نحو ثلاث سنوات.
ردا على ذلك، توعد الحوثيون بعمليات “موجعة ومؤلمة” في الداخل السعودي. وقال المتحدث باسم الجناح العسكري
للحوثيين، يحيى سريع، في بيان نشر على قناتهم في تطبيق “تلغرام”: “نعد النظام السعودي بعمليات موجعة ومؤلمة
طالما تمادى في غيه وعدوانه وجرائمه”.
وذكر سريع أن الهجوم الحوثي الأخير تم بصواريخ بالستية، موضحا أن “القوة الصاروخية دكت مواقع هامة وحساسة جدا
في جازان بثلاثة صواريخ بالستية ذات دقة عالية وتقنية متطورة”.
وتتعرض مناطق عدة في السعودية باستمرار لهجمات بصواريخ بالستية وطائرات مسيرة مفخخة تُطلق من اليمن باتجاه مطاراتها ومنشآتها النفطية.
وقال المذحجي إن التحالف ينتهج سياسة “توازن الكلفة” بمعنى أي صاروخ أو طائرة مسيرة تستهدف السعودية سيقابله
غارات جوية في صنعاء والمدن من جانب التحالف.
من جهته، رجح آل عاتي أن “تستمر جهود التحالف في تقديم الإسناد والمجهود الحربي ومراقبة جادة لمدى صدق
اليمنيين في حسم معاركهم وإنهاء معاناة المدنيين واستمرار تقديم العون والدعم اللوجستي والسياسي ومساعدة النازحين والمحتاجين إنسانيا”.