الاخبار العاجلةسياسة

مناورات حزب الله.. هل تحمل رسائل حرب مؤجلة مع إسرائيل؟

القدس المحتلة- حملت المناورات العسكرية التي أجراها حزب الله بلبنان في طياتها رسائل تحذير لإسرائيل من أي محاولة لضرب الأراضي اللبنانية، في حالة تعكس ميزان الردع لحزب الله، وحالة التصعيد الأخيرة مع تل أبيب.

وفي الوقت الذي امتنع فيه الجيش الإسرائيلي عن التعليق على مناورات حزب الله، التي تحاكي عملية أسر لجنود، وتوغل بري للحزب في منطقة الجليل الأعلى شمال فلسطين، وصد غزو إسرائيلي للجنوب اللبناني، أجمع محللون إسرائيليون على أن ذلك بمثابة تصعيد لحزب الله ومحاولة للردع.

كما أجمع محللون إسرائيليون وتقديرات مراكز الأبحاث القومية والإستراتيجية على أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ومنذ انتهاء حرب لبنان الثانية عام 2006، امتنعت عن المواجهة مع حزب الله، وهو ما أدى إلى امتلاك الحزب ترسانة عسكرية وصواريخ يبلغ عددها 200 ألف، وفقا لتقديراتهم.

وأمام تصاعد التوتر على الجبهة الشمالية، تطرح مراكز الأبحاث الإسرائيلية تساؤلا حول احتمالات أن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة شاملة على عدة جبهات؟ ويتفق محللون وتقديرات مراكز الأبحاث على إمكانية حدوث ذلك، مع البحث عن إجابات لأسئلة أخرى مثل ما توقيت اندلاع هذه الحرب؟ وما نطاقها؟

33FQ7YX highres 1684746639
مناورات حزب الله تحاكي عملية أسر لجنود وتوغل بري في منطقة الجليل الأعلى (الفرنسية)

تقديرات وتقييمات

وعزا الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية بالشرق الأوسط بجامعة تل أبيب البروفيسور إيال زيسر المناورات على جانبي الحدود الشمالية، وكذلك التوتر على الجبهة الشمالية، إلى تقديرات وتقييمات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله للأوضاع، إذ خلصت تقديراته إلى أن إسرائيل مشغولة بأزماتها ومشاكلها الداخلية، وبالتالي ستمتنع عن الرد بشكل واسع على هجمات حزب الله.

وأوضح البروفيسور -في حديث للجزيرة نت- أن حرب لبنان الثانية خلفت حالة من ميزان ردع لحزب الله، مما ترك الحدود الشمالية هادئة لسنوات عديدة، ولكن لم يتم ردع هذا الحزب فحسب، بل تم ردع إسرائيل أيضا.

وأكد أن ردع إسرائيل والخوف من المواجهة الشاملة مع حزب الله ثبت بالجولة الأخيرة من المواجهة في أبريل/نيسان الماضي، حين أطلقت عشرات الصواريخ من لبنان باتجاه البلدات الإسرائيلية، بيد أن إسرائيل امتنعت عن مهاجمة أهداف حزب الله على الأراضي اللبنانية.

نصر الله ونتنياهو

وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أن تل أبيب التي اختارت محاربة حزب الله فوق الأراضي السورية، وتشن الهجمات لمنع التموضع العسكري الإيراني في سوريا، “وجدت الآن ذاتها في معضلة مع لبنان وما يشكله حزب الله من تهديدات إستراتيجية”.

وأكد أن نصر الله -الذي “يتمادى” بالوعيد والتهديد لإسرائيل- يحسب خطواته بعناية وبحذر، فهو يريد أن يضر بإسرائيل في الوقت الذي يستغل فيه الضعف الذي تظهره حكومتها والأزمات الداخلية، وبالتالي يهدف إلى تعزيز مكانته كرجل مقاومة، لكنه في الوقت نفسه لا يريد مواجهة شاملة قد تكلفه حياته وثمنا باهظا لأنصاره.

من ناحية أخرى، وفي الجانب الآخر، يقول الباحث الإسرائيلي إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أثبت طوال سنوات ولايته أنه حذر ويحسب خطواته بمنتهى الدقة، ويمكن القول إنه على الرغم من خطاباته الحاسمة وتهديداته، فهو دائمًا متردد في استخدام القوة “ويخشى التدهور إلى مواجهة شاملة غير مرغوب فيها”.

ردع وحرب

وتساءل الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية بالشرق الأوسط بجامعة تل أبيب: هل يمكن تغيير الواقع بشكل جذري في لبنان خاصة أن إسرائيل لم تقم بذلك طيلة العقدين الماضيين؟ فعلى ما يبدو كما يقول زيسر “لا يمكن تغيير الوضع، لكن الردع ضد حزب الله يمكن، بل ويجب استعادته وتعزيزه”.

اقرأ ايضاً
أنطون أبو عاقلة للجزيرة نت: لن يُغلق ملف شيرين قبل تحقيق العدالة وجرحنا يتعمق يوميا

ويضيف “التحدي الذي يواجه صناع القرار في إسرائيل حاليا ليس الاستعداد والجهوزية لمواجهة نوايا حزب الله بشن حرب شاملة على عدة جبهات، ولكن المعضلة هي كيفية التعامل مع الهجمات المسلحة التي قد تجبر الحكومة على خوض الحرب تحت ضغط الرأي العام، حتى لو لم تكن ضرورية وتتعارض مع مصالح إسرائيل”.

وبعد تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله عقب عملية مجدو وإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل، أصدر مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب تقدير موقف خلص من خلاله للقول إن إسرائيل مطالبة بتغيير معادلة الردع قبالة حزب الله.

تحديات وتداعيات

ووفقا لتقديرات مركز أبحاث الأمن القومي، فإن الأحداث الأخيرة تشير إلى تآكل الردع الإسرائيلي ضد حزب الله وشركائه من الفصائل المسلحة بالإقليم، وسط دعوة بالدخول في نقاش عميق وشامل للأجهزة الأمنية والعسكرية من أجل صياغة إستراتيجية لتقوية الردع ضد حزب الله الذي يعتبر التهديد الأساس لإسرائيل.

وبحسب مركز الأبحاث فإن إسرائيل -وأمام تعزيز شعور نصر الله بالأمن والثقة- تواجه تحديا معقدا بشأن كيفية تعزيز الردع ضد حزب الله وحماس في لبنان، لكن دون أن يؤدي ذلك إلى التصعيد والانزلاق إلى حرب شاملة.

وأشار تقدير موقف مراكز أبحاث الأمن القومي إلى أن لدى إسرائيل مجالا للعمل والمناورة، وهي مطالبة أن تختار مسار العمل المفضل وتوقيته والاستعداد لعواقبه وتداعياته.

رسائل ومتغيرات

وبمعزل عن طبيعة ومعاني المناورات، يعتقد المحلل العسكري بصحيفة “يسرائيل هيوم” يوأف ليمور أن إسرائيل باتت قلقة من تعزيز محور حزب الله وحماس جنوب لبنان، وهي ترى بهذه المتغيرات الميدانية خرقا للهدوء الذي ساد الحدود مع لبنان منذ العام 2006.

وأوضح المحلل العسكري للجزيرة نت أن نصر الله اعتمد سياسة الهدوء والاستقرار على الحدود الشمالية اللبنانية حيث تخطى هذه السياسة في حالات نادرة عندما كانت إسرائيل توجه ضربات في لبنان، مما ساهم بتصعيد التوتر ووصل بعض الحالات إلى الانزلاق لمواجهة عسكرية عند النقاط الحدودية مع لبنان.

ويعتقد ليمور أن حزب الله وإسرائيل حافظا منذ حرب لبنان الثانية على الهدوء والامتناع عن المواجهة العسكرية والانزلاق نحو حرب شاملة، وأتت مناورات الحزب في رسائل مبطنة لإسرائيل تحمل في طياتها تحذيرات ومعاني بشأن نهج حزب الله بأن هناك تغييرا يتعلق بسياسة الهدوء على الحدود اللبنانية.

ويعتقد أن الأزمات الداخلية التي تعصف بإسرائيل والاحتجاجات المتواصلة ضد خطة حكومة نتنياهو لإصلاح جهاز القضاء، وتعميق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي والاستقطاب السياسي، تدفع حزب الله وكذلك “الفصائل المسلحة” للعمل ضد أهداف إسرائيلية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى