حرب أوكرانيا.. اجتماع أميركي أوروبي لبحث وقف إطلاق النار وكييف تقول إنها استعادت خُمس مدينة إستراتيجية
قالت شبكة “سي إن إن” (CNN) الأميركية إن مسؤولين أميركيين اجتمعوا في الأسابيع الأخيرة مع نظرائهم الأوروبيين لبحث أطر محتملة لوقف إطلاق النار في أوكرانيا عبر تسوية متفاوض عليها، فيما تقول كييف إنها استعادت 20% من مدينة سيفيرودونيتسك الإستراتيجية شرقي البلاد.
ونقلت الشبكة الإخبارية الأميركية عن مصادر قولها إن إيطاليا اقترحت أواخر الشهر الماضي إطار عمل من 4 نقاط لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب. وبحسب المصادر نفسها، فإن المقترح الإيطالي يتضمن التزام أوكرانيا بالحياد بشأن حلف شمال الأطلسي (ناتو) مقابل ضمانات أمنية، كما يتضمن مفاوضات بين أوكرانيا وروسيا بشأن مستقبل شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا عام 2014، ومنطقة دونباس شرقي أوكرانيا.
ونقلت “سي إن إن” عن مسؤولَيْن أميركيَين اثنين أن المقترح الإيطالي لا يحظى بدعم الولايات المتحدة، وأن الولايات المتحدة لم تضغط على أوكرانيا للالتزام بخطة معينة أو تدفعها مباشرة للتفاوض مع الروس.
الغرب وكييف
كما نقلت الشبكة الأميركية عن مسؤولين في الناتو أن التحالف الغربي لا يلمس لدى الجانب الأوكراني رغبة كبيرة في التفاوض مع روسيا، في حين قال مصدر أوكراني لـ”سي إن إن” إن بعض المسؤولين الأوكرانيين ما زالوا قلقين من محاولة الغرب فرض اتفاق على بلادهم.
ولا يبدي الطرفان الروسي ولا الأوكراني أي استعداد لاستئناف مفاوضات السلام المتعثرة منذ أسابيع.
وقالت هانا ماليار نائبة وزير الدفاع الأوكراني إن المعارك الحالية مع القوات الروسية تجعل أي مفاوضات مستحيلة، مضيفة في مقابلة سابقة مع الجزيرة أن “معارك طاحنة تدور في شرق البلاد، وأن جزءا كبيرا منها تحت الاحتلال الروسي”.
وقال آندريه يرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني إن سياسة العقوبات على روسيا مهمة لإنهاء الحرب، مؤكدا رفض بلاده لأي تهديد، ودعا يرماك -في مقابلة مع الجزيرة- دول مجلس التعاون الخليجي إلى دعم العقوبات على روسيا، ومنع موسكو من الالتفاف عليها.
جبهة لوغانسك
وعلى الصعيد الميداني، قال سيرغي غايداي حاكم إقليم لوغانسك -أمس الجمعة- إن قوات بلاده استعادت السيطرة على 20% من مدينة سيفيرودونيتسك، وأحبطت محاولة القوات الروسية للتقدم من المدينة الصناعية المدمرة في اليوم المئة من الحرب الروسية على أوكرانيا.
في المقابل، يقول الجانب الروسي إن قواته وقوات الانفصاليين سيطرت على الأغلبية الساحقة من مساحة المدينة.
وأضاف حاكم لوغانسك للتلفزيون الوطني الأوكراني “في حين كان الوضع صعبا قبل ذلك، حيث كانت النسبة (التي تسيطر عليها روسيا) حوالي 70%، (لكن) قمنا الآن بدفعهم إلى الخلف واستعدنا نحو 20%”.
وذكرت وكالة رويترز أنها وصلت إلى مدينة سيفيرودونيتسك أول أمس الخميس، وتمكنت من التحقق من أن الأوكرانيين ما زالوا يسيطرون على جزء من المدينة، وأضافت الوكالة أنها عاينت في أحد مناطق المدينة قوات أوكرانية ومعها متطوعون أجانب، وهم يفرغون أسلحة من شاحنة.
وشهدت الأسابيع الماضية دفع روسيا بقوات في معركة سيفيرودونيتسك، وهي مدينة إستراتيجية يتعين على موسكو الاستيلاء عليها لتحقيق هدفها المعلن المتمثل في السيطرة على إقليم لوغانسك بأكمله.
ويتكبد الطرفان خسائر كبيرة هناك في معارك شوارع يمكن أن تحدد مسار حرب استنزاف طويلة.
مدينة سلافيانسك
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أمس الجمعة إن الجيش الروسي يحشد قواته لشنّ هجوم على مدينة سلافيانسك (80 كلم غرب سيفيرودونيتسك)، موضحة أن “هناك ما يصل إلى 20 وحدة قتالية روسية بمدرعات مشاة ومدفعية ودفاع جوي يتراوح قوامها بين 600 و800 جندي”.
وسلافيانسك هي جزء من إقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا الذي يشكل مع لوغانسك منطقة دونباس التي وضعتها روسيا نصب عينيها بهدف السيطرة عليها، بعدما فشلت قواتها في السيطرة على العاصمة الأوكرانية كييف.
وبثت وزارة الدفاع البريطانية أمس الجمعة صورا تفاعلية تظهر تغير خريطة السيطرة والمعارك خلال 100 يوم، منذ بدء روسيا حربها على الأراضي الأوكرانية. وتظهر الخريطة اتساع رقعة المناطق التي تسيطر عليها روسيا مع الانفصاليين خصوصا جنوبي وشرقي أوكرانـيا.
وتسيطر روسيا والانفصاليون الموالون لها على خُمس أراضي أوكرانيا، وتم الاستيلاء على قرابة نصف هذه المساحة في 2014، والنصف الآخر منذ أن بدأت موسكو الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي.
تحذير ميدفيديف
وفي لقاء خاص مع الجزيرة، قال ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إن قرار واشنطن تسليم كييف راجمات صواريخ بعيدة المدى يهدد الأمن الروسي، وقال إنه في حال استهداف الأراضي الروسية بهذه الصواريخ فلن يبقى أمام روسيا سوى استهدافِ مراكزِ صنع القرار في أوكرانيا.
وأضاف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي أن العالم تغير فعليا بعد بدء روسيا عمليتَها الخاصة في أوكرانيا، وأن أهداف العملية العسكرية الروسية يجب أن تقود في النهاية إلى ظهور ما وصفها بهندسة جديدة للأمن العالمي.
تجدر الإشارة إلى أن روسيا أطلقت هجومها العسكري على جارتها أوكرانيا بدعوى نزع سلاحها والقضاء على ما تسميه بالنازية، وقد تلا اندلاع الحرب فرض القوى الغربية عقوبات مشددة على موسكو، وكان للحرب الروسية الأوكرانية تداعيات عالمية من أبرزها الارتفاع الكبير لأسعار الحبوب والسماد وزيت الطهي في الأسواق العالمية، وذلك لكون روسيا وأوكرانيا من أكبر دول العالم المنتجة لهذه المواد الغذائية الأساسية.