الاخبار العاجلةسياسة

هل يمكن للعالم تجنب كارثة سيبرانية نووية؟

يقول باحث بمؤسسة كارنيغي للسلام إن العالم خلال فترة الحرب الباردة كانت تهدده الأسلحة النووية بشكل رئيسي، واليوم تحول هذا التهديد لمجالات أخرى، أبرزها الأسلحة التقليدية والسيبرانية، وإن المجال الأخير صعد تدريجيا إلى أن أصبح مهما في العلاقات الدولية، وأداة لفن الحكم، ومصدرا للاحتكاك.

وأوضح الباحث آرييل إيلي ليفيت في برنامج الشؤون الدولية والتكنولوجيا بمؤسسة كارنيغي في مقال بمجلة ناشونال إنترست الأميركية (National Interest)، أن هناك 3 اختلافات لافتة للنظر بين التهديد النووي والتهديد السيبراني وهي:

أولا: على عكس الأسلحة النووية، التي لم تُستخدم في القتال منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت بعض أشكال الهجمات الإلكترونية على الأقل جزءا طبيعيا من الحياة حتى في وقت السلم.

ثانيا: انتشرت الأسلحة السيبرانية على نطاق واسع وبعيد، ليس فقط بيد الدول ووكلائها، ولكن أيضا للعديد من الكيانات “الإجرامية”.

ثالثا: تم إنشاء الأسلحة الإلكترونية كأداة قسرية فعالة يمكنها إنتاج تأثيرات أكثر تنوعا، بدءا من الفضاء المادي مرورا بالعالم الرقمي، وصولا إلى المجال المعرفي.

ومع ذلك، وكما أوضحت الأزمة الأوكرانية الأخيرة والملاحم النووية الجارية مع كل من كوريا الشمالية وإيران بشكل واضح، فإن الأسلحة النووية لم تتلاش، بل أصبحت أجندتها تتضافر مع صعود الأسلحة السيبرانية.

الاحتمالات المشؤومة

وأضاف أن أحد الاحتمالات المشؤومة، خاصة تلك المرتبطة بالتطورات في عالم الإنترنت، هو ظهور الأسلحة السيبرانية كتهديد للعمليات النووية على المستويات الثلاثة: المادية والرقمية والمعرفية.

فالأسلحة السيبرانية يمكنها تعطيل أو الحط من أداء الأنظمة المادية المساعدة المرتبطة بالبنية التحتية للأسلحة النووية (مثل إمدادات الطاقة أو أقمار الإنذار المبكر)، أو تقويض أداء وظائف القيادة والسيطرة النووية الأساسية على جميع المستويات التراتبية، مما يؤثر في القدرة على التواصل عبر سلسلة القيادة، والحفاظ على الضوابط الإيجابية على الترسانة النووية، وإجراء المهام النووية بشكل آمن وموثوق.

كما يمكن أن تؤثر الأسلحة السيبرانية بشكل خطير على الوعي بالأوضاع التي تدعم عملية صنع القرار النووي، لا سيما في الأزمات. ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الأسلحة السيبرانية يمكن أن تحدث مثل هذه الآثار عن غير قصد، حتى ضد رغبات مرتكبي الهجوم.

جاذبية القدرات السيبرانية

وأشار ليفيت إلى حقيقة أن هناك حافزا قويا لأولئك الذين يشعرون بالتهديد من الأسلحة النووية للعدو، للحصول على فهم واضح لدور الأسلحة النووية وعملياتها ونشرها وخططها واستعدادها، مما يدفعهم للسعي بقوة للكشف عن أسرارها بتوظيف الوسائل البشرية والتقنية. وبطبيعة الحال، فإن الصفات الفريدة للقدرات السيبرانية تجعلها جذابة بشكل خاص لهذا الغرض.

اقرأ ايضاً
هيمنت عليها "عباءة الفرد".. هل تنتهي أحزاب الأردن إلى مقار فارغة تعتمد على الدعم الحكومي؟

كذلك قال الباحث إن إغراء استخدام الأسلحة السيبرانية للضربة الأولى سيكون كبيرا خاصة إذا كان من الممكن افتراض أن مثل هذا الهجوم يمكن تنفيذه بفعالية، مع تجنب الحاجة إلى التفكير في وسائل أكثر خطورة (تقليدية وخاصة نووية) لإنجاز هذه المهمة. وإن اندماج بعض الأصول النووية والتقليدية -مثل الإنذار المبكر وبنى القيادة والتحكم- يزيد من احتمالات حدوث مثل هذه التطورات المزعزعة للاستقرار.

بالإضافة إلى ضرورة النظر في سيناريو يقوم فيه طرف ثالث بتنفيذ عملية إلكترونية ضد هيكل قيادة وتحكم نووي، بهدف تأليب الأطراف الأخرى ضد بعضها البعض. لقد شهدنا بالفعل هجمات إلكترونية “مزيفة” ضد أهداف غير نووية. ومن ثم يبدو أنه من المعقول تماما أن يحدث مثل هذا السيناريو في المجال النووي أيضا، بقدر ما يمكن أن تكون عواقبه أكثر خطورة.

كيف يمكن تجنب الكارثة؟

أما بشأن الإجابة على السؤال عما إذا كان بالإمكان تجنب كارثة سيبرانية نووية؟ قال الباحث إن نقطة الانطلاق الطبيعية لمعالجة المخاطر الكامنة في الصلة بين الفضاء الإلكتروني والنووي هي الاعتراف بوجودها والتفكير في عواقبها المحتملة، مشيرا إلى أن مثل هذا الاعتراف ربما يواجه مقاومة جدية على أساس أنه قد يجذب انتباها سلبيا كبيرا إلى المشكلات التي يتم التعامل معها بشكل أفضل في السر ولا تصلح للإصلاحات السريعة، كما أن بعض الخيارات لمعالجة هذه المخاطر ستكون باهظة الثمن وتستغرق وقتا طويلا وستشمل مقايضات تشغيلية وسياسية مؤلمة.

وأضاف أنه في حين أن كل الخيارات تستحق الدراسة الجادة، فلا أحد منها يقدم نفسه بسهولة على أنه مناسب للتنفيذ الفوري والمباشر. لذلك، ومن الناحية الواقعية، قد يضطر العالم إلى نداء حقيقي لتحريك الأطراف المعنية إلى العمل وتحفيزها على التغلب على التحفظ المؤسسي والسياسي للتفكير بجدية في خطوات للتعامل مع هذه المخاطر بطرق قد تبدو غير متوقعة مسبقا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى