الاخبار العاجلةسياسة

نجا من الإقالة بأعجوبة.. تفاصيل يوم عصيب قضاه رئيس وزراء بريطانيا للبقاء في منصبه

لندن- يوم عصيب قضاه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وهو يرى أن مصيره السياسي بات مهددا بالوصول لمحطة النهاية، بعد قرار حزب المحافظين الحاكم إجراء التصويت لسحب الثقة منه اليوم الاثنين.

ومنح السير غراهام برادي رئيس “لجنة 1922” التي أجرت تصويت سحب الثقة، شهادة ميلاد جديدة لجونسون على رأس الحزب، عندما أعلن أن التصويت كان لصالحه.

وكان جونسون قاب قوسين أو أدنى من فقدان قيادة حزب المحافظين، بعد أن تزايدت أعداد نواب حزبه الغاضبين من طريقة تسييره والمصدومين من حجم الفضائح التي راكمها جونسون، خصوصا المتعلقة بخرق قواعد الإغلاق العام في البلاد وتنظيم حفلات داخل مقرّ رئاسة الوزراء.

ومنذ أشهر والنواب المعارضون لجونسون داخل حزبه يحاولون التعبئة من أجل الوصول إلى هذا اليوم، وهو يوم التصويت لسحب الثقة منه. وللوصول إلى هذه المحطة، كان من الضروري أن يراسل 54 نائبا لجنة سحب الثقة (لجنة 1922)، لكي تباشر الأخيرة أشغالها وتدعو جميع البرلمانيين الذي يمثلون الحزب إلى التصويت.

وفي أجواء من السرية التامة، صوّت 359 برلمانيا من حزب المحافظين، على سؤال: “هل ترغب في استمرار بوريس جونسون قائدا للحزب؟”، وقد منع إدخال الهواتف إلى غرفة التصويت تجنبنا لتصوير أي نائب ورقة تصويته.

“أحتاج أصواتكم”

لا تعوز بوريس جونسون الخبرة السياسية لكي يعرف أن التصويت لسحب الثقة منه غير محسوب وغير محسوم، مما دفعه لمراسلة كل نواب حزبه يدعوهم إلى التصويت لصالحه.

وقال جونسون إنه يحتاج كل صوت من أجل تأكيد دعم حكومته وتجديد الثقة في قيادته للحزب، وظهر في الرسالة لغة عاطفية تحاول أن تستميل الأصوات المترددة، مفادها أن التصويت من أجل جونسون هو تصويت لصالح الحزب وتفويت لفرصة ذهبية لخصومه.

وجاءت أكثر الانتقادات حدة لبوريس جونسون من وزير الخارجية السابق جيرمي هانت، أحد المرشحين لخلافة جونسون في حال الإطاحة به. وحذّر هانت قادة حزبه من فقدان ثقة المواطنين في حال أصروا على استمرار جونسون.

وبات جونسون يواجه صعوبات حقيقية في التنقل في الفضاء العام، بعد أن رافقته صافرات الاستهجان خلال حضوره احتفالات اليوبيل البلاتيني (70 عاما في الحكم) للملكة إليزابيث الثانية.

وهناك من يراقب من المقعد الخلفي لمعسكر المعارضين لجونسون، إنها رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي التي ما زالت تنظر إلى جونسون على أنه أحد أسباب إسقاطها من رئاسة الحكومة.

ولا تخفي ماي معارضتها لجونسون وامتعاضها من طريقة تدبيره ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وبحسب العديد من التقارير الصحفية فإنها هي من يتحرك في الخفاء للحشد من أجل إسقاطه من قيادة الحزب، وبالتالي من رئاسة الوزراء.

ولمواجهة هذه الحملة من أسماء لها وزنها في حزب المحافظين، وكلمتها مسموعة في صفوف البرلمانيين، انبرى وزراء حكومة جونسون للدفاع عنه عبر تغريدات وتصريحات مؤيدة له، وشدد داعمو جونسون على أن إسقاطه سيكون خطأ كبيرا للحزب وللبلاد.

اقرأ ايضاً
أحدث سلاح أوكراني في الحرب.. النكات الرقمية

ورغم محاولات وزراء جونسون ورجاله المقربين التأكيد على أن حزب المحافظين ما زال موحدا، فإن سمّ الانقسام بات يسري في جسم الحزب الذي انقسم إلى فسطاطين (فريقين) بات من الصعب الجمع بينهما: فسطاط مع جونسون، وآخر ضده.

بداية النهاية

“التاريخ السياسي للبلاد يخبرنا أنه حتى في حال الفوز بتصويت سحب الثقة فهذا يعني بداية”، هذه الخلاصة التي توصل إليها كريس ميسون محرر الشؤون السياسية في شبكة “بي بي سي” (BBC) البريطانية، والذي اعتبر أن فوز جونسون بثقة الحزب من جديد لا تعني أبدا أنه ضمن البقاء على رأس الحكومة إلى حين الانتخابات المتوقع تنظيمها سنة 2024.

رغم محاولات وزراء جونسون ورجاله المقربين التأكيد على أن حزب المحافظين ما زال موحدا، فإن سمّ الانقسام بات يسري في جسم الحزب الذي انقسم إلى فسطاطين (فريقين) بات من الصعب الجمع بينهما: فسطاط مع جونسون، وآخر ضده.

فالأكيد أن الأصوات المعارضة لبوريس جونسون داخل حزبه تتزايد، وأصبحت كتلة معتبرة. فبحسب بحث لوحدة الأبحاث السياسية في شبكة “بي بي سي”، فإن أكثر من ثلثي نواب حزب المحافظين باتوا معارضين لجونسون.

وكان رئيس وزراء بريطانيا يحتاج إلى 180 صوتا من أصل 359 نائبا محافظا في البرلمان للبقاء في منصبه، إلا أن ثمة تجارب سابقة في تصويت سحب الثقة، أقربها تجربة رئيسة الوزراء السابقة ماي التي حصلت حينها على تأييد ثلثي برلمانيي الحزب، ومع ذلك قدّمت استقالتها بعد 6 أشهر من هذا التصويت.

لكن العارفين ببوريس جونسون يتوقعون أن يستمر الرجل، خصوصا أن تجاوزه تصويت سحب الثقة يمنحه حصانة لمدة سنة، لا يمكن فيها إجراء أي تصويت جديد.

ويستند جونسون على سردية يقوي بها من موقفها، تقوم على أنه هو من صنع الانتصار الانتخابي التاريخي لحزب المحافظين في انتخابات 2019، والتي منحت الحزب أغلبية مطلقة، كما أنه عراب ومهندس البريكست.

إغراء الاقتصاد

وخلال الجلسة التي عقدها بوريس جونسون مع نواب من حزبه قبل بداية التصويت على سحب الثقة منه، وعدهم بالإعلان عن مخطط ضخم للتنمية الاقتصادية في الأسبوع المقبل، وكذلك وعد بإجراءات جديدة لمساعدة الراغبين في اقتناء منازلهم.

ويعرف جونسون أن أي تحفيزات اقتصادية تساعد المواطنين على تجاوز هذا الظرف الصعب سيكون لها وقعها في الرفع من شعبية الحزب، وربما تغير المزاج الشعبي الذي ما زال لم يتجاوز فضائح تنظيم الحفلات في مقرّ الحكومة، في انتهاك للإجراءات الاحترازية الخاصة بجائحة كورونا.

ولطالما كان المحافظون جيدين في اللعب بورقة الاقتصاد، إلا أن الورقة الرابحة التي يمكن أن يرمي بها جونسون ستكون التقليص من الاقتطاعات الضريبية بالنسبة إلى الطبقة المتوسطة، وحينها سيكون رئيس الوزراء كسب في صفه كتلة معتبرة من البريطانيين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى