فريد زكريا: أفضل إستراتيجية أميركية تجاه الصين هي خسارة روسيا الحرب في أوكرانيا
يقول الكاتب الأميركي فريد زكريا إن أفضل إستراتيجية لأميركا تجاه الصين الآن هي هزيمة روسيا، موضحا أن الصين راهنت بدعم روسيا بقوة عشية “غزو” الأخيرة لأوكرانيا، فإذا خرجت موسكو من هذا الصراع دولة ضعيفة ومهمشة، فسيكون ذلك بمنزلة ضربة قوية لبكين، وإذا نجت روسيا وتمكنت بطريقة ما من العودة، فسوف تتعلم الصين درسا مشؤوما، وهو أن الغرب لا يمكنه دعم نظامه القائم على القواعد ضد هجوم مستمر.
وأوضح -في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post)- أنه على الرغم من أن “روسيا فلاديمير بوتين” ليست عملاقا صاعدا، فإنها مصممة على تحدي وتقسيم أميركا وأوروبا وتمزيق النظام الدولي القائم على القواعد، مشيرا إلى حروب روسيا في جورجيا وأوكرانيا وسوريا والشيشان، و”إرساله (بوتين) فرق اغتيال إلى الدول الغربية لقتل أعدائه، واستخدامه الأموال والهجمات الإلكترونية لتعطيل الديمقراطيات الغربية، وتهديده مؤخرا باستخدام الأسلحة النووية”، ليقول إن روسيا بوتين هي أكبر مفسد بالعالم.
وقال إن الظاهرة المتمثلة في أن تصبح القوة المتراجعة هي الخطر الأكبر على السلام العالمي ليست بظاهرة جديدة؛ ففي عام 1914، الدولة التي أشعلت فتيل الحرب العالمية الأولى كانت النمسا-المجر، وكانت آنذاك إمبراطورية في حالة انحدار، ومع ذلك صممت على استخدام جيشها لتظهر للعالم أنها لا تزال مهمة.
الأولوية القصوى الراهنة
ودعا الكاتب إلى أن تكون الأولوية القصوى لأميركا الآن ضمان عدم انتصار روسيا في عدوانها على أوكرانيا، قائلا إن الأمور تسير حاليا في الاتجاه الخاطئ؛ إذ تعزز القوات الروسية مكاسبها شرقي أوكرانيا، بعد أن ضمنت موسكو أسعارا مرتفعة للنفط بلغت عنان السماء، واستمر تدفق الأموال إلى خزائن بوتين، كما تقوم موسكو بعرض صفقة على الدول النامية تقضي بأن تطالب هذه الدول بإلغاء الغرب عقوباته على روسيا مقابل مساعدتها في استيراد الحبوب من أوكرانيا وروسيا وتجنب المجاعة. كما أن قادة أوكرانيا يقولون إنهم لا يزالون يفتقرون إلى الأسلحة والتدريب الذي يحتاجونه للرد بفعالية.
وانتقد خطابا ألقاه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينيكن مايو/أيار الماضي، واصفا إياه بأنه لا يحتوي على جديد ويكرر فكرة أن الصين هي الخطر الأكبر، وأنه اختار -في منتصف أول حرب برية كبرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية (عام 1945)- عدم وضع إستراتيجية للنصر، بل قام عوضا عن ذلك بتغيير الموضوع.
عدم إدراك التغيرات المزلزلة
وأضاف أن مؤسسة السياسة الخارجية لواشنطن منغمسة في التفكير في فترة ما قبل الأزمة، لدرجة أنها لا تستطيع استيعاب أن الأرض قد تغيرت بشكل زلزالي من تحت قدميها، مستشهدا بعبارة قالها السياسي الأميركي هنري كيسنجر “نعيش حاليا في مرحلة جديدة تماما”.
وقال زكريا إن معظم الأشخاص في المناصب العليا في إدارة بايدن كانوا من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، عندما شنت روسيا أول “غزو” لها لأوكرانيا عام 2014، وضمت شبه جزيرة القرم وتدخلت شرقي أوكرانيا، ولم يتمكنوا من عكس اتجاه عدوان موسكو أو حتى جعل بوتين يدفع ثمنا باهظا مقابل ذلك.
وختم بالقول إن رجال أوباما ربما رأوا -في ذلك الوقت- أن التهديد الأكبر للنظام العالمي هو تنظيم الدولة الإسلامية، أو كانوا يركزون على آسيا والصين، أو أنهم لم يعطوا أوكرانيا الأولوية الكافية، ليجدوا أن لديهم حاليا فرصة ثانية، “لكن من المرجح أن تكون الأخيرة”.