الاخبار العاجلةسياسة

34 قتيلا وإنقاذ المئات.. الرّماد يكسو الجبال والنيران تحوّل الصّيف لرعب في المناطق الغابية بالجزائر

الجزائر– تشكل المناطق الجبلية الغابية في شرقي الجزائر وغربها موطئا للكثير من السكان الذين يتشبثون بها ويعتبرونها جزءا من هويتهم وتاريخهم على مر العصور، بيد أن الاحترار العالمي وتسجيل درجات حرارة قياسية هذا العام حوّل هذه المناطق الخلابة إلى بؤرة اشتعال للنيران لا تزال تتواصل الجهود لإخمادها.

وتتعدد القصص الإنسانية هنا، إذ أتت النيران على مساحات شاسعة، ولعل الصورة تكون أوضح عند الشاب خالد الذي أبدى تحسره على المساحات الخضراء التي تأكلها النيران. الشاب الذي يقطن في ولاية “سكيكدة” بالشرق الجزائري، وسط الجبال المطلة على البحر، تعهد بإعادة غرس الأشجار وطلاء الجدران المتفحّمة وإعادة الإعمار مجدّدا.

وتعالت الدّعوات وحملات التّضامن في الجزائر بعد الإعلان عن مقتل 34 شخصا وإصابة 40 آخرين، جرّاء الحرائق التي طالت عددا من مناطق البلاد، الأمر الذي دعا الأهالي لإطلاق هبّة شعبية غير مسبوقة للوقوف إلى جانب المتضرّرين.

تجنّب الكارثة

وفي تصريحه للجزيرة نت، يصف المدير الفرعي للحماية المدنية الجزائرية فاروق عاشور الوضع في بلاده بالقول “لولا إجلاء 1500 شخص، في وقت قياسي قبيل وصول النيران لمنازلهم لحدثت كارثة إنسانية حقيقية”، ويضيف أن الحرائق التي شهدتها بلاده هذا العام “كانت غريبة، نظرا لأن الرياح لا تسير في اتجاه واحد كما هو متعارف عليه، وإنما تضرب في كل الاتجاهات، وفاجأت أعوان الحماية المدنية بانتقال النار بطريقة مجنونة وسط الغابات، وكانت الريح القوية تحمل كتل النيران بشكل غير متوقع ولا يمكن تجنّبها”.

وأعلنت السلطات الجزائرية السيطرة على معظم الحرائق المندلعة، في الوقت الذي تم فيه إلقاء القبض على مشتبه فيهم لتورطهم في إشعال الغابات، حيث سيتم تحويل المتورّطين لدائرة مكافحة الإرهاب.

وكانت قد سجّلت الجزائر في حرائق عام 2021 أكبر خسائرها التي بلغت 100 ألف هكتار، في حين لم يتم حتى الآن حسر المساحات المتضرّرة في الحرائق التي شهدتها البلاد هذا العام، إذ -وفق المختصّين- ساهمت “الطفرة المناخية” التي مسّت البلاد في إشعال الحرائق وانتشارها بسرعة، رغم التدابير التي اتخذتها السّلطات تحسّبا لحدوثها.

وتشير السلطات الحكومية إلى أنه قد تم تجنيد ما يناهز 8 آلاف رجل إنقاذ، فضلا عن إنشاء مهابط للمروحيات وإنشاء مناطق عزل بين الجبال، إلا أن النيران -رغم الخبرة التي اكتسبها أفراد الحماية المدنية خلال السنوات الماضية- لا تزال تحصد المساحات والأرواح بالبلاد.

اقرأ ايضاً
السعودية ترفع مدة الحكم بالسجن على الناشط محمد العتيبي إلى 17 سنة

والجدير بالذكر أن حرائق الغابات في الجزائر ارتبطت منذ عام 2021 بخسائر مادية وبشرية، ويُعد اتخاذ الأهالي للمناطق الجبلية والغابات مساكن لهم واحدة من أسباب ارتفاع عدد ضحايا الحرائق بالبلاد.

حزام ناري

في ولاية بجاية بالشرق الجزائري، تظهر آثار النار في مناطق متفرقة، فتلك الجبال المعروفة بخضارها، باتت سوداء، كما أن الثلوج التي كانت على قممها قبل أشهر تحولت الآن إلى رماد بسبب الحرائق.

ولا تفارق الدموع المتضررين الذين فقدوا أهاليهم ومنازلهم وأراضيهم ومحاصيلهم، فالذهول من سرعة ما حصل بات سيد الموقف نظرا للكارثة التي حلت، ويقول إسماعيل (35 عاما) -وهو أحد المواطنين من المنطقة- إن “معظم الذين راحوا ضحية الحرائق هم من غير سكان المنطقة، أما نحن فقد تضررت منازلنا”.

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف “الأهالي يعرفون مختلف المسالك والطرق، أما الزوار فتحاصرهم النيران بسهولة، ونحن في أوج الفترات التي تستقطب فيها المدينة السائحين من داخل وخارج البلاد”، حيث شكّلت النيران المندلعة في الجزائر حزاما من ولاية بومرداس قرب عاصمة البلاد إلى الطارف الحدودية مع تونس.

 

 

أما عن حالات الوفاة، فيروي محمد سامي -وهو أحد المتطوعين الذين عاشوا مأساة الحرائق خلال السنوات الثلاث الماضية- أنهم يعثرون على الضحايا في حالة تفحّم، في حين يقول العقيد فاروق عاشور “قد يكون السّبب الأوّل للوفاة هو الاختناق أو سكتة قلبية قبل أن تصل النيران للجثة وتفحمها”.

وكانت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك قد نشرت نصائح للسّكان القريبين من مواقع الحرائق، داعية إياهم لامتلاك الأقنعة من نوع “إن-95” (N-95) أو من نوع “إف إف بي2” (FFP2)، محذّرة من السير عكس اتجاه الريح أثناء اندلاع الحرائق، مع ضرورة شرب الماء باستمرار.

كما نصحت المنظمة بالاحتماء داخل حوض مائي -إن وجد- في حال محاصرة النيران للمنزل، إلى جانب استخدام قماش جاف بدل المبلّل، كما أن الإذاعات المحلية باتت تبث توجيهات للمحاصرين ومعلومات إغاثية خلال اندلاع حرائق.

 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى