الاخبار العاجلةسياسة

عقب معركة قانونية منذ الثمانينيات.. أكبر تهجير للفلسطينيين منذ عقود يلوح في الأفق

يواجه نحو 1200 فلسطيني في منطقة مسافر يطا (جنوبي الضفة الغربية المحتلة) خطر التهجير، لإفساح المجال لمنطقة إطلاق نار لقوات الاحتلال بعد معركة قانونية استمرت عقودا، وانتهت مايو/أيار الماضي في المحكمة العليا الإسرائيلية.

وفتح الحكم القضائي الطريق أمام واحدة من أكبر عمليات النزوح منذ احتلال إسرائيل الضفة الغربية في حرب 1967، غير أن سكان مسافر يطا يرفضون ترك أراضيهم، على أمل أن يمنع صمودهم والضغط الدولي تل أبيب من تنفيذ عمليات الطرد.

وتقول وضحة أيوب أبو صبحة، إحدى سكان قرية الفخيت في منطقة مسافر يطا، “البلاد هاي بدهم يأخذوها منا، عشان يبنوا مستوطنات”، وأضافت وضحة “مش رايحين نطلع من هون”.

منطقة عسكرية مغلقة

وفي ثمانينيات القرن الماضي، أعلنت إسرائيل “مسافر يطا” منطقة عسكرية مغلقة عُرفت باسم “منطقة إطلاق النار 918″، وقالت تل أبيب في المحكمة إن مساحة المنطقة تبلغ 7400 فدان (أكثر من 3 هكتارات) على طول الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية، وإنها منطقة “بالغة الأهمية” لأغراض التدريب العسكري، وإن الفلسطينيين الذين يعيشون هناك سكان موسميون فقط.

Activists protest in the Israeli-occupied West Bank
جانب من احتجاج سكان مسافر يطا أول أمس الجمعة عقب صدور قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي يمهد لتهجيرهم (رويترز)

ويقول سكان مسافر يطا وجماعات حقوقية إسرائيلية إن العديد من العائلات الفلسطينية كانت تقيم بشكل دائم على مساحة 7400 فدان من قبل احتلال إسرائيل الضفة الغربية، وإن طردها سيشكل انتهاكًا للقانون الدولي.

وتعيش تجمعات الفلسطينيين في هذا الجزء من جنوب محافظة الخليل في كهوف تحت الأرض في المعتاد، وعلى مدى العقدين الماضيين بدؤوا في بناء أكواخ من الصفيح وغرف صغيرة فوق الأرض، وتقول وضحة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي دأبت على هدم هذه الأكواخ الجديدة منذ سنوات، لكن الآن بعد أن حصلوا على دعم المحكمة، من المرجح أن تبدأ عمليات التهجير.

وعلى بعد خطوات، تحولت متعلقات عائلة وضحة إلى حطام بعد وصول جنود الاحتلال بالجرافات لهدم بعض الأكواخ.

سكان دائمون أم موسميون

وتركز كثير من الجدل في المعركة القضائية بشأن منطقة مسافر يطا على هل الفلسطينيون الذين يعيشون في المنطقة مقيمون دائمون، أو سكان موسميون.

وخلصت المحكمة العليا الإسرائيلية إلى أن السكان “فشلوا في إثبات مزاعمهم بوجود إقامة ثابتة” في المنطقة قبل إعلانها منطقة إطلاق نار، واعتمدت المحكمة على صور جوية ومقتطفات من كتاب صدر عام 1985 استشهد به طرفا التقاضي كدليل.

ويحمل الكتاب عنوان “العيش في مغارة جبل الخليل” من تأليف عالم الأنثروبولوجيا الإسرائيلي يعقوب حبكوك، الذي أمضى 3 سنوات في دراسة حياة المزارعين والرعاة الفلسطينيين في مسافر يطا.

وامتنع حبكوك عن التعليق وأحال وكالة رويترز إلى كتابه، وقال إنه حاول تقديم رأي خبير نيابة عن السكان، بناء على طلب من أحد محاميهم، ولكن منعته من القيام بذلك وزارة الدفاع الإسرائيلية، إذ كان يعمل بها في ذلك الوقت.

اقرأ ايضاً
السياسة الأوروبية جعلت من المتوسط أكبر مقبرة بالعالم للفارين من بلدانهم بحثا عن عيش أفضل

وقال نضال يونس رئيس مجلس قرية مسافر يطا إن قرار المحكمة قرار “عنصري اتخذه قاضي المستوطنين ديفيد مينتز، الذي يعيش في مستوطنة غير شرعية في الضفة الغربية”، وأضاف نضال “لقد دخلنا في معركة مع إسرائيل منذ 22 عاما، واستغرق الأمر من هذا القاضي 5 دقائق لتدمير قرى فلسطينية، والأشخاص الذين يعتمدون على الأرض”.

تنديد دولي بالحكم

وقد نددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بحكم المحكمة الإسرائيلية، وحثتا تل أبيب على وقف عمليات الهدم والتهجير، وقال المتحدث باسم الاتحاد -في بيان- “إنشاء منطقة إطلاق نار لا يمكن اعتباره سببا عسكريا إلزاميا لنقل السكان الواقعين تحت الاحتلال”.

وكان باحثون إسرائيليون قالوا، إنه خلال اجتماع للحكومة الإسرائيلية عام 1981، اقترح وزير الزراعة آنذاك آرييل شارون، الذي أصبح فيما بعد رئيسا للوزراء، أن يوسع الجيش الإسرائيلي مناطق التدريب في جنوب تلال الخليل، لنزع الأراضي من الفلسطينيين.

وتسيطر إسرائيل بشكل كامل على ثلثي الضفة الغربية وتسمى “المنطقة ج”، حيث تقع معظم المستوطنات اليهودية، وتفيد بيانات الأمم المتحدة أيضا بأن إسرائيل حددت نحو 30% من “المنطقة ج” بوصفها مناطق إطلاق نار عسكرية.

وجراء هذا التصنيف الإسرائيلي، أصبح العشرات من التجمعات السكانية الفلسطينية في خطر متزايد للتهجير القسري.

وفي سياق متصل، رأى تقرير صدر الثلاثاء الماضي عن لجنة تحقيق منبثقة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن سياسة التهجير القسري والتهديد به وأعمال هدم منازل الفلسطينيين وبناء المستوطنات وتوسيعها كلها عوامل مؤدية إلى تكرار دوامات العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما قالت منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراض الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، الاثنين الماضي، إن سلطات الاحتلال هدمت 300 مبنى بالضفة الغربية بما فيها القدس، وذلك منذ مطلع العام الحالي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى