دعم مصر أم تهديد للخليج؟ عماد أديب يطالب بـ25 مليارا والسيسي يتمنى تريليون دولار سنويا
القاهرة- جدل واسع وتساؤلات عن الأهداف، شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بمصر إثر مقال للإعلامي عماد الدين أديب يتحدث فيه عن أهمية دعم الدول العربية لمصر في مواجهة تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية.
وحذر أديب في المقال من عواقب كارثية تهدد أوروبا والدول العربية إذا لم تقم بدعم الاقتصاد المصري بشكل عاجل ومباشر بمبلغ 25 مليار دولار، تحملته الموازنة المصرية نتيجة لتلك الحرب، وفق قوله.
واختلف المتابعون في تفسير كلمات أديب، فبينما أكد البعض على أهمية المقال وصحة التحذيرات التي أطلقها، رأى البعض أن المقال يعبر عن حالة تشاؤم واضحة، فيما اعتبرها آخرون -طبقا للمعروف عن علاقة أديب بالسلطات المصرية- تعبيرا عن رؤية أجهزة مصرية وطلبا مباشرا من الدول الخليجية.
سيناريوهات متشائمة طرحها الكاتب عماد الدين أديب حول الاستقرار في #مصر حال عدم تدفق الدعم الدولاري من الدول الخليجية pic.twitter.com/KynjYfq7ay
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) June 13, 2022
تريليون دولار سنويا
في هذا السياق، ربط البعض بين مقال أديب وتصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح أمس الاثنين، والتي دعا خلالها دول الخليج إلى تحويل ودائعهم في البنك المركزي المصري إلى استثمارات، مضيفا “نحاول من جانبنا أن نجعل هذه الودائع استثمارات، ونحن لدينا مشروعات كثيرة، فمصر بها 100 مليون وفرص كثيرة”.
جاء ذلك خلال حوار السيسي مع عدد من الإعلاميين بعد حفل افتتاح مشروعات الإنتاج الحيواني والألبان والمجازر الآلية بمدينة السادات شمال القاهرة، وخلال الحفل أكد السيسي أن مصر تحتاج إلى دخل سنوي بمقدار تريليون دولار، وعندها فقط يمكن محاسبته، مضيفا أنه “ينام ويحلم بـ10 تريليونات دولار”!
وحث السيسي القطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني على المساهمة في مساعدة الناس، للحفاظ على استقرار الدولة وتخفيف الضغوط عن المواطنين وليس مجرد الاستثمار فقط.
وقال “كلامي عن حالة الاستقرار والرضا المجتمعي لا يستهدف حفظ النظام أو حفظ الرئيس بل حياة 100 مليون مواطن، لا تناموا لأن الظروف التي نمر بها لا يعلم متى تنتهي والموضوع ضاغط والله تعالى هو المطلع”.
#السيسي يشكر الله على استقرار الأحوال في #مصر رغم الأزمات العالمية ويقول إنه يحلم باليوم الذي يصل فيه دخل البلاد إلى تريليون دولار pic.twitter.com/HwHg74hiOj
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) June 13, 2022
عواقب وخيمة
وتحت عنوان “مصر: من يعوّض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية – الأوكرانية؟”، قال عماد أديب إن القاهرة تنتظر من أشقائها في الخليج ألّا تُترك وحدها في مجابهة الأزمة الاستثنائية الضاغطة التي تهدّد الاستقرار السياسي في البلاد، مؤكدا أن الحرب تسببت في زيادة 25 مليار دولار، على الموازنة المصرية، وأن هذه الزيادة قد تهدد مستقبل العلاقات المصرية الخليجية.
وقلّل أديب من أهمية الدعم العربي لمصر عبر ودائع دولارية في البنك المركزي المصري، لأنه مجرد “مسكّن للآلام”، بينما يكمن الحلّ الجذري في توفير شحنات من الطاقة بأسعار مقبولة وتسهيلات في الدفع مع فترة سماح، ودخول استثمارات خليجية في الاقتصاد المصري.
وأوضح أن مصر تستطيع تحمل الأزمة الاقتصادية الحالية حتى نهاية العام الجاري، وبدءا من العام المقبل سيكون هناك احتمالان أحدهما “الاحتمال الآمن”، وهو تدبير موارد من الدولارات الطازجة وحقنها في جسد الاقتصاد المصري لإنعاشه في مواجهة الأزمة، وذلك عن طريق مشروع دعم عربي دولي.
في المقابل، وضع أديب مجموعة سيناريوهات كارثية -كاحتمال ثان- أهمها أنه سيصب في مصلحة الدول غير العربية الشرق أوسطية “إيران وتركيا وإسرائيل”، وسيؤدي إلى إعادة حالة الفوضى التي صاحبت أحداث يناير/كانون الثاني 2011، حسب تعبيره، كما سيؤدي إلى كابوس النزوح البرّي الكبير عبر الحدود مع ليبيا وفلسطين والسودان، والهجرة بالملايين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، وعبر البحر الأحمر إلى دول الخليج.
المصريون سوف ينزحون برا وبحرا..
عماد أديب يحذر من سيناريو أسود ويستنجد بالخليج لإنقاذ السيسي! pic.twitter.com/gjVisD7cYE— شبكة رصد (@RassdNewsN) June 14, 2022
اهتمام إعلامي مصري
الإعلام المصري أبدى اهتماما واضحا بالمقال، وحرصت أغلب البرامج على استعراض المقال بشكل تفصيلي، وإن اختلفوا في التعليق على محتواه.
الإعلامي المقرب من السلطات المصرية، عمرو أديب، شقيق كاتب المقال، أفرد ما يزيد على 30 دقيقة للتعليق عليه والتأكيد على أهميته والدعوة للاستجابة له.
فيما قال المذيع محمد الباز إن المقال يحمل روح تشاؤم واضحة، ورفض السيناريوهات الكارثية التي عرضها أديب، وأشار إلى أن الدعم العربي “لا يأتي مجانا”.
طلب دعم أم تهديد؟
بعيدا عن الإعلام المصري، أثار مقال أديب جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى البعض أنه رسالة واضحة وطلب دعم من الأشقاء العرب في ظل ظروف استثنائية غاية في الصعوبة.
ورأى مغردون أن المقال يحمل تهديدا مبطنا للدول العربية والأوروبية، في حال عدم دعم الاقتصاد المصري، بالفوضى وغض الطرف عن الهجرة غير الشرعية لأوروبا ودول الجوار، ورفض عدد منهم تخويف العالم من هجرة المصريين إليهم بهذا الشكل.
وبينما رأى البعض أن الدول الخليجية لن تمنح مصر مثل هذه المساعدات، بسبب استهلاك المساعدات السابقة في إحداث “استقرار وهمي” وتوجيهها لأغراض مختلفة عن التي خصصت لها، طالب البعض -ساخرا- أسرة أديب بتوجيه جزء من ثروتها لدعم الاقتصاد المصري في أزمته.
ما قاله #عماد_أديب في مقاله حقيقة مؤكدة،وهي أن مصر رمانة الميزان بالمنطقة،ودعمها في ظل حرب شبه عالمية مطلوب من دول الخليج ،لماذا لا تدعم هذه الدول مصر ب٣٠مليار دولار من فوائض ارتفاعات النفط والغاز؟وهذا ليس منةُ،السعودية والامارات وقطر والكويت يمكنها تدبير ذلك بسهولة.
#شكرا_ياريس— عبدالواحد عاشور (@AA_Ashour) June 13, 2022
قرأت مقال عماد الدين أديب عن الأزمة الاقتصادية، والذي يطالب فيه دول الخليج بضخ استثمارات ضخمة في مصر. وحقيقة أنا من مدرسة عدم التسرع في الحكم أو التنبؤ. يعني أفضل التريث. وبناء عليه أنا لا أعرف لماذا كتب أديب هذا المقال؟ ولا أهمية المقال؟ ولا دقته؟
1— علاء بيومي – Alaa Bayoumi (@Alaabayoumi) June 13, 2022
بعد مقال الكاتب عماد الدين أديب الذي حذر فيه من انفجار وهروب المصريين مع مطلع 2023 إلى السودان وليبيا وفلسطين وأوروبا إن لم يتدخل من ينقذها بمنح ومعونات وغيرها، تكون مصر قد صارت فعلا “في حتة تانية” ونكون قد رأينا “العجب العجاب”، وأصبحنا فعلا “قد الدنيا”، ألن ننتشر في كل الدنيا؟!!
— عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) June 13, 2022
عماد أديب بوق من أبواق النظام كتب مقالا يبتز به الدول العربية والعالم ووضعهم أمام خيارين : إما أن يعطونا ٢٥ مليار دولار أو الفوضى وتصدير لاجئين وهجرة غير شرعية لأوروبا ودول الجوار.
فشل اقتصادي تام وخطاب إعلامي أقل ما يمكن أن يوصف به هو أنه إعلام عار. pic.twitter.com/fbmA7H2IhJ
— خالد فريد سلام (@KhalidFsallam) June 13, 2022
١١- تخويف العالم بالمصريين
لا يخلو الخطاب الرسمي المصري من تأكيدات على نجاح الدولة في السيطرة على مراكب الهجرة غير الشرعية.
لكن النجاح تحول إلى تهديد مباشر لجيران مصر كما ورد في مقالة عماد الدين أديب.
تخويف العالم من هجرة المصريين على المراكب إلى أوروبا تصرف حقير ومرفوض.
— Fathy AbouHatab (@fmhatab) June 13, 2022
كلام #عماد_الدين_أديب فى منتهى الخطورة
معناه أن مصر فى كارثه ولو دول الخليج تخلوا عنها هتقع
أعتقد دول الخليج صعب أنها تساعد مصر
لانها دفعت كتير عشان استقرار وهمى
وكانت النتيجه الأموال تسرق وتوجه إلى غير غرضها pic.twitter.com/hCsb12UOkq— 💞Anan💞 (@Rina9940) June 13, 2022
طالما البلد داخلة علي أزمة أقتصادية حد يقول للأستاذ عماد الدين اديب وأشقائه #عمرو_اديب يتبرعوا بمليار واحد من ثروتهم لمصر …
— ﮼محمد ﮼الزياني (@Mohamed_Srag1) June 14, 2022
يطلع مين الخبير السياسي عماد الدين أديب ده؟ , أنا اللي اعرفه بالاسم ده واحد عليه أحكام و هربان برا مصر علشان مديون لطوب الأرض!
هو أي حبسجي دلوقتي بقى يتقال عليه خبير سياسي؟ , دي موضة يعني و لا تشابه أحكام و لا ايه الموضوع بالضبط؟ 😂😂
— Mohamed Salah 🇪🇬🇸🇦🇦🇪🇧🇭 (@abosaher2017) June 14, 2022
تفنيد المقال
عدد من المتخصصين حرص على تفنيد ما جاء في مقال أديب، خاصة فيما يتعلق بالأرقام التي عرضها سواء للتعبير عن حجم الأزمة، أو جهود الحكومة لمواجهتها، ومنها منصة “صحيح مصر” المعنية بتصحيح المعلومات، التي أوضحت عدم صحة عدد من الإحصائيات التي عرضها أديب بمقاله.
كما رأى الباحث الاقتصادي المصري عبد الحفيظ الصاوي، أن النظام المصري لم يستجب لنصائح خبراء المال والاقتصاد، حول سوء سلوكه الاقتصادي واختياراته المالية، فمنذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، وخيارات مصر الاقتصادية لا تناسب احتياجاتها، فالجميع يتفق على ضرورة بناء قاعدة إنتاجية للسلع والخدمات، تقوى الناتج المحلي لمصر، وبخاصة في ظل اعتمادها على الخارج بشكل كبير.
وقال الصاوي عبر مقال بالفيسبوك، إن النظام استمر في إهدار الموارد المالية المحدودة، وكذلك ما حصل عليه من مساعدات وقروض خارجية، في مشروعات البنية التحتية غير المطلوبة في الأجلين القصير والمتوسط، كما أهدر الكثير من الموارد في إقامة العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك الإنفاق على التسليح، وكانت النتيجة اتساع دائرة الفقر لتشمل أكثر 30% من الشعب المصري، وهناك نسبة تقترب من تلك النسبة معرضة للفقر بشهادة البنك الدولي.
بدوره، تمنى أستاذ الاقتصاد وإدارة الأعمال السابق بجامعة بوردو الأميركية عماد الوكيل، أن يكون لدى النظام المصري رجل رشيد يحاول إيقاف الانزلاق إلى الهاوية، لأن الوضع كارثي والنظام لن يتحمل إلى نهاية العام.
وفي منشور عبر صفحته بالفيسبوك، اعتبر الوكيل أن انخفاض التصنيف الائتماني تسبب في توقف بيع السندات المصرية، بعد أن باع النظام منها بمليارات الدولارات بالفعل.
💬 نشر الكاتب الصحفي #عماد_الدين_أديب، مقالًا جديدًا في موقع أساس ميديا، تحت عنوان: “مصر: من يعوّض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسيّة – الأوكرانيّة”، ولكنه وقع في عدد من الأخطاء الرقمية، الخاصة بالوضع الاقتصادي والصحي والتعليمي في مصر. @Adeeb_Emad@asasmedialb#صحيح_مصر pic.twitter.com/iYZscLr52F
— صحيح مصر (@SaheehMasr) June 13, 2022
أعباء الديون
وتلتهم أعباء الديون الداخلية والخارجية إيرادات الدولة المصرية بالكامل، حيث تصل نسبتها 110% من إجمالي الإيرادات العامة، أي نحو تريليون و655.7 مليار جنيه (89 مليار دولار) (690.2 مليار جنيه فوائد و965.5 مليارا أقساط ديون). في حين أن إجمالي الإيرادات المتوقعة يبلغ تريليونا و517.9 مليار جنيه (81.6 مليار دولار)، بحسب البيان المالي للموازنة العامة للدولة للعام المالي (2022-2023).
وزادت الفجوة بين الدَّين الخارجي والاحتياطي النقدي في مصر بنحو 4 أضعاف خلال 12 عاما، بحسب بلومبيرغ، حيث قفز الدين الخارجي إلى 145.5 مليار دولار، وهبط الاحتياطي النقدي إلى نحو 37.1 مليارا، وكان الاحتياطي النقدي عام 2011 نحو 36 مليار دولار والدين الخارجي 34.9 مليارا.
ونتيجة الالتزامات الكبيرة، ستصبح مصر أكبر مُصدِّر للديون السيادية بين الأسواق الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، بإصدارات تبلغ 73 مليار دولار خلال العام الجاري، مقابل 63 مليارا العام الماضي من خلال إصداراتها من السندات، حسب توقعات مؤسسة “ستاندرد آند بورز” (S&P) المالية.