بعد أول جلسة منذ استقالة الحكومة.. نواب كويتيون يعتصمون في مقر مجلس الأمة
الكويت ـ احتجاجا على تعطل انعقاد جلسات مجلس الأمة العادية لمدة تجاوزت الشهرين، أعلن عدد من نواب المعارضة في مجلس الأمة الكويتي عن بدء اعتصام مفتوح في البرلمان.
الاحتجاج البرلماني الذي أطلق عليه “اعتصام بيت الأمة” جاء عقب جلسة استثنائية للمجلس عقدت أمس الثلاثاء لإقرار منحة المتقاعدين البالغة 3 ألاف دينار لمرة واحدة.
ويطالب المعتصمون بعودة الجلسات للانعقاد الطبيعي، وألا يسمح بفض دور الانعقاد من دون تعويض الجلسات التي لم يدع لها المجلس، كما تتركز مطالب المعتصمين الـ17 (ثلث أعضاء مجلس الأمة) في إنفاذ تشكيل حكومي والعودة للحياة السياسية الطبيعية، والدعوة إلى عدم تعطيل العمل بأحكام الدستور والاحتكام إلى الخيارات التي نصت عليها مواده.
ومنذ أشهر تعيش الحكومة والبرلمان في الكويت أزمة سياسية، إثر رفض حكومي لتوالي استخدام الاستجوابات واعتبارها “تعطيلا” للسلطة التنفيذية مقابل تمسك نواب بحقهم الدستوري ورفض تعطيل جلسات البرلمان بسبب استقالة الحكومة في الخامس من أبريل/نيسان الماضي دون تسمية أخرى حتى الآن.
حق دستوري
وأكد النائب مبارك الصيفي -وهو أحد النواب المعتصمين داخل مقر الاعتصام- أنه وزملاءه الأعضاء مارسوا حقا أصيلا من حقوقهم حين قرروا هذه الخطوة تعبيرا عن استيائهم من الوضع القائم آملين أن تستجيب السلطة ويتم تشكيل حكومة جديدة.
وأعرب الصيفي في حديث للجزيرة نت، عن أمله في حل المجلس أيضا وأن يتم إجراء انتخابات جديدة وأن تعاد الكلمة مرة أخرى إلى الشعب لكي يقول كلمته، قائلا “إن كل ما يحدث اليوم نتيجة للعمل ضد إرادة الشعب ومطالب الأمة”، على حد وصفه.
وأضاف أن النواب مستمرون في اعتصامهم وسيقيمون الوضع من فترة لأخرى، معتبرا أن الجلسة التي عقدها مجلس الأمة أمس غير دستورية “فكيف تحضر حكومة مستقيلة؟ الحكومة مفترض أن تنتفي عنها صفة المسؤولية بمجرد الاستقالة ولا تعد حكومة أصلية فكيف تأتي وتقرر وتشرع تحت قبة مجلس الأمة”.
ويرى المحلل السياسي عايد المناع أن هذه الواقعة تحدث للمرة الأولى في الكويت، مشددا على أنها محاولة للضغط “لكنها لن تجدي، هم أعضاء برلمان لهم حصانة بلا شك لكنهم اعتصموا في غير أوقات العمل وأتمنى ألا يتم التعامل معهم بغير الطرق القانونية”.
مجلس الأمة يوافق بالإجماع في المداولتين على قانون صرف منحة مالية لأصحاب المعاشات التقاعدية والمستحقين عنهم وتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالأمر الأميري بالقانون رقم 61 لسنة 1976 .. ويحيله إلى الحكومة#مجلس_الأمة
— مرزوق الغانم (@MarzouqAlghanim) June 14, 2022
مناصبة العداء
وأضاف المناع، في حديث للجزيرة نت، أنه لو يوجد أي صراع بين مجلس الأمة والحكومة، ولكن الموضوع أن هناك مجموعة من النواب تناصب العداء لرئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم وما زالت هذه المجموعة موجودة، وقد حاولت ترجيج كفة مرشحها ضد الغانم ولم تفلح فحملت أعضاء الحكومة مسؤولية تصويتهم للغانم ومن ذلك الوقت أعلنوا شعار رحيل الرئيسين (رئيس الحكومة ورئيس مجلس الأمة).
ويرى المناع أن الحكومة المستقيلة ما زالت تنفذ المطلوب بشأن مشاريع تنموية، وأن جلسة إقرار منحة المتقاعدين فرضت نفسها لأنها مطلب جماهيري، لكن بعض النواب قاطعوا الجلسة كي لا تحظى الحكومة بتأييد المتقاعدين، موضحا أن اعتصام نواب في مجلس الأمة أمر غريب وجديد في السياسة الكويتية.
ويرى عادل المطيري الكاتب والباحث السياسي أن الكويت تحتاج إلى توافق بين مجلس الأمة والحكومة لتمر من عنق الزجاجة، لافتا إلى أن الاعتصام يأتي تعبيرا عن رفض التجاوز وعدم تشكيل الحكومة المفترض تشكيلها منذ نحو شهرين.
وأوضح المطيري، في تصريح للجزيرة نت، أن “الشيخ صباح الخالد شكل 3 حكومات وفي كل مرة يستقيل ويكلف بتشكيل حكومة جديدة يستغرق شهرين أو 3، وهذا يعني أن 9 أشهر انقضت خلال العامين والنصف السابقين مع حكومة تصريف العاجل من الأمور”.
وأكد أن عدم حضور الحكومة لجلسات مجلس الأمة أثناء عملها أدى إلى تعطيل العمل البرلماني وساهم في هدر للوقت وكل هذا سبب فسادا سياسيا أثر على عجلة التنمية والاقتصاد في البلاد.
بسم الله الرحمن الرحيم
رفضاً لتعطيل أحكام الدستور
وشل الحياة السياسية
والعبث بمقدرات الوطن
والابتزاز السياسي.نبدأ نحن نواب مجلس الأمة إعتصامنا في البرلمان.#اعتصام_بيت_الأمة
— شعيب المويزري (@ShuaibMuwaizri) June 14, 2022
أخطاء مشتركة
أما الوزير والنائب السابق الدكتور أحمد المليفي فأكد أن الانتهاكات كثيرة ومن كل الأطراف وليس فقط الحكومة والمعارضة، مشيرا إلى أن الأخطاء التي ارتكبت والتمادي في استمرار هذه الأخطاء أدى إلى الوصول إلى شلل العملية الديمقراطية في البلاد.
وأعرب المليفي في حديث للجزيرة نت، عن أمله في تشكيل حكومة جديدة تتلافى الأخطاء التي وقعت خلال الفترة الماضية، داعيا المعارضة أيضا إلى تعلم الدرس.
وشدد الوزير الكويتي السابق على حق الأعضاء في تسجيل معارضتهم للجلسة، “لكن التمادي لا يجوز، ولا يصح النوم في مبنى المجلس، فهو ليس فندقا؛ بل مؤسسة حكومية على الجميع احترامها وتقديرها”.
ويرى المليفي أن الاعتصام جاء في الوقت الضائع ليشكل ضغطا سياسيا وإعلاميا لتشكيل حكومة جديدة ولانعقاد البرلمان، لكن النوم في المجلس قرار غير موفق ويدل على ان الخبرة السياسية ما زالت قليلة، لافتا إلى أن الاعتصام ممكن أن يؤدي لردة فعل أخرى يمكن أن تؤزم الأمر بشكل أكبر.