الاخبار العاجلةسياسة

بالتزامن مع انتقادات للجنة العفو الرئاسي.. عقبات في طريق الحوار الوطني بمصر

القاهرة ـ بالتزامن مع انتقادات لبدء عمل لجنة العفو الرئاسي وتهديد بعض أعضائها بالانسحاب يبدو أن ثمة جملة من العثرات تواجه مسيرة الحوار الوطني التي تنطلق بالقاهرة مطلع يوليو/تموز القادم بين السلطة وقوى في المعارضة، وذلك عقب نشوب خلافات حول ترتيبات الحوار وآلياته، وشكوك المعارضة في جدية السلطة بشأن الحوار، وفق مع أعلنه بعضهم.

والخلافات حول آليات وترتيبات الحوار ليست فحسب بين السلطة والمعارضة، بل كذلك بين أجنحة داخل السلطة يريد أحدها حوارا وطنيا، فيما تعرقله أجهزة أخرى، بحسب مصادر منخرطة في الحوار الوطني ولجنة العفو الرئاسية.

وعلى إثر بروز هذه الخلافات هددت أحزاب وشخصيات سياسية بعدم المضي قدما في الحوار بدعوى “مخالفة القائمين على أمر الترتيبات المنظمة للحوار لاتفاق سابق”.

ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا لحوار وطني شامل تحت مظلة الأكاديمية الوطنية للتدريب التابعة للرئاسة بحضور عدد من رموز المعارضة خلال حفل إفطار “الأسرة المصرية” في رمضان الماضي.

وجدد السيسي التأكيد على أهمية الحوار الوطني في لقاء مع عدد من الإعلاميين خلال افتتاح أحد المشروعات، مطالبا الجميع بالمشاركة ومؤكدا على أن “الاختلاف لا يعني الخلاف ما دام الهدف هو حب الوطن”.

وبينما رحب بالحوار معارضو الداخل أبدى معارضون بالخارج تحفظات على سياق الحوار وآلياته وضماناته، قبل أن يتقارب موقفا معارضي الداخل والخارج ببيانات تشي بوجود عراقيل.

استبعاد معارضين

وكان من المؤشرات التي جددت شكوك المعارضين في جدية السلطة بشأن الحوار استبعاد شخصيات من المعارضين بالخارج والداخل، وسط حظر الظهور الإعلامي على أنشطة وشخصيات المشاركين من الحركة المدنية، فيما هاجم مذيعون مقربون من السلطة تعليق معارضي الخارج على أجواء الحوار.

واستنكر المذيع المقرب من السلطة عمرو أديب تناول عدد من المعارضين مسألة الحوار الوطني بالنقد، قائلا إن الحوار الوطني يعني حوارا بين أبناء الوطن، مهاجما المعارضين في الخارج، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين.

غير أن الاستبعاد لم يقتصر على معارضي الخارج، حيث تفاجأ المتابعون باستبعاد رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات الذي كان أبرز الوجوه خلال الشهور الماضية من خلال وساطته مع الأجهزة الأمنية لإطلاق سراح بعض المعتقلين، والتبشير بانفراجة سياسية وحقوقية قريبا.

ودلل السادات -وهو أيضا عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان- على استبعاده من الحوار بحظر ظهوره وآخرين في وسائل الإعلام، معتبرا ذلك “بداية غير مشجعة وغير موفقة للحوار”، وفق تعبيره في بيان نشرته مواقع إخبارية مصرية.

وطالب السادات بخطوات تؤكد جدية السلطة في إنجاح الحوار تتعلق بالحريات واستقلال القضاء وإنهاء الاحتكار الاقتصادي لشركات القوات المسلحة وتلك المملوكة لجهات سيادية.

السبيل الوحيد

يصطف إلى جوار السادات في قائمة المستبعدين من الحوار الوطني بالخارج المعارض البارز أيمن نور الذي ذكره عمرو أديب بالاسم.

وأكد نور -وهو رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية بالخارج- أن الحوار الوطني يمر بالفعل بعدة أزمات بسبب عدم تقدير السلطة معنى الحوار، وانعدام جديتها للتعاطي مع فكرته، إلى حد التعامل معه بقدر من الاستخفاف.

وفي حديثه للجزيرة نت أوضح نور أن اختيار منسق الحوار -وهو رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان والمقرب من الأجهزة الأمنية- جاء ليثبت عدم مبالاة السلطة بالمسألة، إلى جانب عدم وضوح الأجندة بشكل دقيق واستبعاد شركاء الحوار من التحاور والنقاش في وضع هذه الأجندة، والانفراد الحكومي باختيار المظلة والقيادة التي تدير الحوار.

والأخطر -بتقديره- هو الصراع الواضح مؤخرا حول الحوار ذاته بين جهاز أمني يعتبر الحوار مشروعه وتحت مظلته وجهاز آخر يعرقل الحوار ويعطل توصيات لجنة العفو عن المعتقلين المشكّلة بمعرفة الرئاسة، مؤكدا أن هذا الصراع سيدفع ثمنه الحوار الوطني، وهو ما يصعب فرص استمراره، وفق تعبيره.

واستدرك نور بالقول إن “الحوار هو السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد التي تمر بمرحلة صعبة، في توقيت ليس في صالحها إطلاقا”.

وأكد المتحدث أن تغييب 10% من الشعب المصري ـوهم المصريون بالخارج- أمر غير مبرر وغير مقبول، وليس من حق أحد -ولو كان مذيعا مقربا من السلطة- أن يبدده أو يحدد أطرافه، حسب رأيه.

مخالفة الاتفاق

بدوره، انتقد رئيس حزب الكرامة أحمد الطنطاوي مخالفة السلطة لالتزامها أمام الحركة المدنية في ما يتعلق باسم الأمين العام للحوار الوطني.

اقرأ ايضاً
السعودية: السجن 65 عاماً وغرامات 29 مليون ريال لمهربي «منتج مدعوم»

وأكد طنطاوي في تصريحات صحفية أن مشاركة حزب الكرامة في الحوار الوطني مرهونة باستيفاء الضوابط الإجرائية التي أعلنتها الحركة في بيان 8 مايو/أيار الماضي، علاوة على الحدود الدنيا للحوار الوطني الذي يعد اختبارا لجدية كل من السلطة والمعارضة على حد سواء.

وأصدرت الحركة المدنية الديمقراطية بيانا بشأن الحوار الوطني أكد القبول بمبدأ “الحوار السياسي” مع السلطة، وكان بمثابة بيان جامع لمطالب الأحزاب المكونة له، وشدد على ضرورة أن يكون جادا وحقيقيا، وأن ينتهي لنتائج عملية توضع مباشرة موضع التنفيذ، وهو الأمر الذي يستلزم وضعه تحت مظلة مؤسسة الرئاسة.

وطالب البيان بأن يُجرى الحوار بين عدد متساوٍ ممن يمثلون السلطة والمعارضة، ويستمر الحوار حتى صياغة النتائج النهائية والاتفاق على برنامج واضح لكيفية ومواعيد تنفيذها، وأن يتم كل ذلك تحت سمع وبصر الشعب عبر بث الجلسات من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، والتي يجب أن تتحرر من سيطرة السلطة السياسية، ثم تتشكل لجنة لكتابة ومتابعة تنفيذ مخرجاته.

وتضم الحركة المدنية الديمقراطية 13 حزبا، أبرزها الكرامة والتحالف الشعبي والمحافظون، إلى جانب عدد من الشخصيات السياسية البارزة.

ورغم هذا البيان فإن مراقبين لاحظوا تباينا في مواقف الحركة المدنية التي تفرقت أحزابها بين انتقاد اختيار رشوان وبين الترحيب به منسقا عاما، فيما جاء في بيان تال لأحزاب مشاركة في الحركة التأكيد على الترحيب برشوان والاقتصار فقط على انتقاد اختيار الأمين العام محمود فوزي دون تشاور مع الحركة.

لجنة العفو والحوار الوطني

وعلى تماس بالحوار الوطني وبموازاته يتعثر كذلك نشاط لجنة العفو الرئاسي المنوط بها إخراج السجناء السياسيين.

ونقل موقع المنصة الإخباري عن أعضاء باللجنة -منهم وزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة- تذمره من بطء أعمالها وتهديده بالانسحاب منها بسبب ممثلي خلافات بين أجهزة الدولة.

وأضاف أبو عيطة أن “هناك خلافا في أجهزة الدولة، هناك من يريد إخراج السجناء، ولكن هناك قوى تنتمي للدولة العميقة ترفض ليس فقط إخلاء سبيل المحبوسين، لكن تريد حبس الشعب المصري كله”.

بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد وأحد مؤسسي الحركة المدنية أن المشاورات حول آليات وضوابط وضمانات الحوار الوطني ما زالت مستمرة ولم تتجمد، مؤكدا أن ورقة التفاوض الوحيدة التي تملكها الحركة المدنية باعتبارها الكيان الوحيد الجامع لأبرز قوى المعارضة هي ورقة الانسحاب من الحوار في حال عدم التوصل إلى توافق مناسب.

وفي تحليله لما تريده السلطة من الحوار قال السيد في حوار مع موقع “مدى مصر” الإخباري إن “السيسي يحب أن ينتقل إلى العاصمة الإدارية بنوع من الانفراجة، ومن ناحية أخرى تواجه مصر أزمة اقتصادية عميقة، علاوة على وجود نقاشات بين الغرب والحكومة المصرية من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان قبيل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة الشهر المقبل”.

تفاؤل ونسب المشاركة

في المقابل، أبدى منسق الحوار الوطني ضياء رشوان تفاؤله بنجاح الحوار الوطني، مؤكدا أن الاستجابة للدعوة جاءت عالية لدى مختلف القوى المعنية، وذلك بنسبة قدرها بـ95% وباقي الـ5% كانت مستجيبة أيضا بشرط وجود ضمانات.

وأوضح رشوان في برنامجه التلفزيوني أن نسبة المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي بلغت 85%، والباقي كانت استجابتهم سلبية وبلغت 15% وهذا مؤشر واسع جدا، إلا أن المؤكد هو نسبة 95% المؤيدة للمبادرة من جميع القطاعات المختلفة في الدولة، حسب قوله.

وذكر أن هذا الحوار هو المبادرة الأولى التي تصدر من رئيس للجمهورية منذ إعلان الجمهورية عام 1952، فيما تحدث مغردون عن دعوة الرئيس الراحل محمد مرسي قوى المعارضة للحوار لكنها رفضت.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى