الاخبار العاجلةسياسة

من يتحمل التصعيد بين تل أبيب وطهران وهل يمكن أن يتحول لمواجهة؟.. خبيران أميركي وإيراني يتحدثان للجزيرة نت

واشنطن وطهران- في إطار تصاعد نبرة التهديد والوعيد بين إسرائيل وإيران وسط تصعيد بين الجانبين في ساحات عدة بالمنطقة تحدثت الجزيرة نت إلى خبيرين إستراتيجيين أميركي وإيراني عن أفق هذا التصعيد ومآلاته وهل يمكن أن يقود إلى مواجهة بين الجانبين.

ماثيو كرونيغ: التوتر الحالي يحدث في وقت لا تفصل فيه إيران عن امتلاك قنبلة نووية سوى عام إلى عامين (الجزيرة)

الخبير الإستراتيجي الأميركي ماثيو كرونيغ: لهذه الأسباب تأخذ إسرائيل زمام الأمور بنفسها مع إيران

خلال عمله مستشارا لوزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس بين عامي 2010 و2011، طور ماثيو كرونيغ خيارات إستراتيجية لمواجهة برنامج إيران النووي.

وطالب كرونيغ بمهاجمة إيران حينذاك، مؤكدا أن هذا هو الخيار الأفضل بدلا من الانتظار لسنوات ومواجهة إيران أقوى وأفضل تسليحا في المستقبل.

واليوم يشغل كرونيغ منصب مدير مبادرة سكوكروفت الإستراتيجية بالمعهد الأطلسي بواشنطن، إضافة لترأسه وحدة الأبحاث بالمجلس، ويبدو أنه لا يزال على قناعاته.

وسبق أن شغل كرونيغ العديد من المناصب في وزارة الدفاع (البنتاغون) وأجهزة الاستخبارات الأميركية خلال إدارات جورج بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب، بما في ذلك ضمن فريق التخطيط الإستراتيجي للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط في مكتب وزير الدفاع، كما عمل ضمن فريق التقييم الإستراتيجي التابع لوكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” (CIA).

ويلقي كرونيغ باللوم على إدارة الرئيس جو بايدن “بسبب خشونة علاقات واشنطن بالعواصم الخليجية، وتراجعها، وذلك على العكس من احتضان سلفه دونالد ترامب لشركاء أميركا التقليديين في المنطقة، وانعكس ذلك في اتفاقات أبراهام بين إسرائيل وعدد من الدول العربية وبعد تجاهل بايدن للمنطقة، دفع ذلك مباشرة إلى الانفتاح على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ. ولا يمكنك إلقاء اللوم على دول المنطقة في البحث عن مصالحها، وإذا لم تكن واشنطن موجودة من أجلها، فستحتاج تلك الدول إلى البحث في مكان آخر”.

ويؤمن كرونيغ بأن “علاقات بلاده بدول الخليج تخدم مصالح الطرفين، فواشنطن تستفيد من وجودها العسكري هناك حيث يقع الشرق الأوسط في موقع مركزي بالنسبة للعالم، كما أن وجود قوات أميركية هناك يسمح للبنتاغون بردع إيران واحتوائها، والقيام بعمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة، إضافة لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة”. ويستشهد كرونيغ “بتدفق جزء كبير من القوة العسكرية الأميركية في أفغانستان ذهابا وإيابا عبر قواعد بالخليج”. وبينما يعتقد كرونيغ أن واشنطن يجب أن تحول بعض قوتها من الشرق الأوسط إلى منطقة المحيطين الهندي والهادي، إلا أنه يؤكد على ضرورة الحفاظ على وجود عسكري كبير، خاصة إذا حصلت إيران على أسلحة نووية، وهو ما يتوقع حدوثه في نهاية المطاف.

سيناريوهات مواجهة إسرائيلية إيرانية

وفي سؤال للجزيرة نت حول جديد التوتر الحالي بين إسرائيل وإيران، وكيف يختلف عما تعود عليه المراقبون من توتر بين الطرفين على مدار العقود الأربعة الأخيرة، أكد كرونيغ أن “التوتر الحالي بين إسرائيل وإيران جديد لسببين، أولا، يحدث ذلك في سياق شرق أوسط تلعب فيه الولايات المتحدة دورا أقل من المعتاد في تشكيل الجغرافيا السياسية الإقليمية. ففي الوقت الذي كرست فيه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب موارد كبيرة للضغط على إيران، ودعم إسرائيل، وإصلاح العلاقات العربية الإسرائيلية، من جانبها، انشغلت إدارة الرئيس جو بايدن بمحاولة إنقاذ اتفاق نووي مع نظام سيئ في طهران. ولذلك، بدأت إسرائيل تأخذ زمام الأمور بنفسها”.

ثانيا، يحدث هذا التوتر وفق الخبير كرونيغ في وقت لا تفصل فيه إيران عن امتلاك قنبلة نووية سوى عام إلى عامين، مع احتمال أن تكون نسبة التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة ضئيلة للغاية. ويشجع إيران وموقفها المتشددة، حقيقة أنها على وشك الحصول على سلاح نووي. وإسرائيل، من جانبها، مصممة على القيام بما يلزم، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر، لمنع طهران من امتلاح قنبلة نووية”.

وعن احتمالات نشوب حرب حقيقية بين إسرائيل وإيران، وما السيناريوهات والساحات المتوقعة لها حال حدوثها، اعتبر كرونيغ أن “احتمالات الحرب بين الطرفين هي احتمالات واقعية خاصة أن المسار الدبلوماسي من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد قد انتهى ومات بالفعل من جانب. ومن جانب آخر، نجد إسرائيل مصممة على منع إيران من أن تصبح قوة نووية. ومع اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، لا يمكننا استبعاد احتمال توجيه ضربة إسرائيلية استباقية إلى المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما سيؤدي إلى صراع عسكري مباشر بين هذه القوى الإقليمية، إسرائيل وإيران”.

ورأى كرونبع أن الآثار المترتبة على المناورات العسكرية الإسرائيلية المتكررة التي تحاكي شنها هجمات على أهداف إيرانية تعد “تأكيدا بأن إسرائيل لا تريد أن تمتلك إيران سلاحا نوويا. وتشير المناورات إلى إيران ستواجه على الأرجح عواقب عسكرية ضخمة إذا حاولت الاندفاع نحو امتلاك سلاح نووي. وفي حين أن هذا قد يثير التوترات، إلا أنه لا ينبغي أن ينظر إليه على أنه مفاجئ أو تصعيد جذري”.

اقرأ ايضاً
لماذا يتعذر عقد صفقة واحدة وشاملة بين حماس وإسرائيل؟

إسرائيل ليست وحدها

ويؤمن كروينغ أن التحسن الأخير في التعاون العسكري الإسرائيلي الخليجي يؤثر على نطاق وطبيعة التوتر بين إيران وإسرائيل، ويقول إنه “يجب أن تبعث الاتفاقات الإبراهيمية، وزيادة التعاون العسكري الإسرائيلي العربي، إلى إيران برسالة واضحة بأنها تواجه جبهة أكثر اتحادا في معارضة أنشطتها في المنطقة. وفي حين أن هذا قد يسبب عدم الارتياح في طهران، فمن المنطقي أن تتعاون إسرائيل ودول الخليج على تحدي خصمهما المشترك”.

وعن مدى استعداد الجيش الإسرائيلي لحرب على عدة جبهات، مثل سوريا ولبنان وقطاع غزة، حال استمر تدهور البيئة الأمنية في المنطقة، أشار كروينغ إلى أن “سيناريو الحرب متعددة الجبهات صعب للغاية، لكن إسرائيل وضعت قدرات، مثل نظام الدفاع الصاروخي (القبة الحديدية)، والتي ستسمح لإسرائيل بإدارة عواقب مثل هذا الصراع بفعالية كبيرة حال اندلاع حرب واسعة”.

وعن الأسباب التي قد تشعل حربا مباشرة، أو بالوكالة، بين إسرائيل وحلفاء إيران مثل حزب الله أو تنظيم حماس، رأى كرونيغ أن “الطريق الأكثر ترجيحا لمثل هذا الصراع هو توجيه ضربة عسكرية أميركية أو إسرائيلية إلى المنشآت النووية الإيرانية. وردا على ذلك، من المرجح أن ترد إيران مباشرة، كما أنها ستطلب من وكلائها شن هجمات ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية”.

وعن السيناريو الذي ستتبعه إدارة بايدن حال اندلاع حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران، أكد المسؤول العسكري والاستخباراتي السابق، أن واشنطن “ستقدم الدعم لإسرائيل في حالة نشوب أي صراع مع إيران، واعتمادا على الظروف، قد تتدخل الولايات المتحدة مباشرة باستخدام القوة العسكرية”.

مستبعدا الحرب في المرحلة الراهنة.. خبير إستراتيجي إيراني: قد جربنا الحرب مع إسرائيل

وفي المقابل يرى منصور حقيقت بورالمستشار السابق لرئاسة البرلمان الإيراني والقيادي السابق في الحرس الثوري والمساعد الأسبق للجنرال قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس أن “التوتر المتصاعد بين المحور الصهيوأميركي مع إيران نابع من ثوابت الثورة الإيرانية التي كسرت الهيمنة الأميركية وتوعدت بالقضاء على كيان الاحتلال”.

ووصف حقيقت بور -في حديثه للجزيرة نت- التهديدات الإسرائيلية بمهاجمة إيران بأنها فارغة وتأتي في سياق استعراض العضلات لاستدراج الولايات المتحدة في حرب ليست متأكدة من نتائجها، مضيفا أن فيلق القدس الإيراني سبق وأرسل رسائل واضحة للكيان الصهيوني تفيد بأن قواته قريبة جدا من المنشأت الحساسة في إسرائيل.

وحذر القيادي السابق في الحرس الثوري، الولايات المتحدة وإسرائيل من مغبة أي تحرك غير محسوب على إيران، مشددا على “أن بلاده سبق أن أعدت بنك أهداف يحتوي على مئات الأهداف الثابتة والمتحركة للعدو، وأنها تقع في مرمى نيران القوات الإيرانية”.

ودعا قادة إسرائيل إلى أخذ العبرة من الأزمة الأوكرانية، متهما الولايات المتحدة بالتخلي عن كييف بعد توريطها في حرب مع روسيا، ووصف مساعدات واشنطن لأوكرانيا بأنها لا تغني ولا تسمن الجانب الأوكراني ولا تتجاوز صب الزيت على النار.

حقيقت بور
حقيقت بور: التهديدات الإسرائيلية بمهاجمة إيران فارغة وتأتي في سياق استعراض العضلات (مواقع التواصل)

جبهة مجربة

واستبعد المستشار السابق لرئاسة البرلمان الإيراني أن تبادر بلاده بشن حرب على الكيان الإسرائيلي، مستدركا أن الحرب مع الاحتلال ليست بجديدة على إيران وأن طهران سبق أن خاضت حروبا معه في جنوب لبنان وقطاع غزة.

وعن كيفية الرد الإيراني على أي هجوم إسرائيلي محتمل، قال حقيقت بور إن طهران قد وضعت خططا عملية للقيام بخطوات تأديبية في حال تعرضت إلى هجوم من الكيان الإسرائيلي، وأن رقعة الحرب قد تتوسع إلى عدة جبهات وفق مستجدات الاشتباك.

وردا على سؤال بشأن طبيعة الرد الإيراني على أي هجوم على منشأتها النووية، اكتفى حقيقت بور بالقول إننا نعرف عناوين المنشآت الإسرائيلية جيدا، واصفا التموضع الإسرائيلي قرب الحدود الإيرانية “أهدافا جديدة وجيدة وقريبة”.

واستدرك، أن تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع العدو الإسرائيلي وسماحها بفتح موطئ قدم له في المنطقة لا يخلو من مخاطر، وأن بلاده تأخذ هذه التهديدات بعين الحسبان.

فقه دينامي

وأشار القيادي السابق في الحرس الثوري إلى أن بلاده ليست نادمة قيد أنملة على تطوير برنامجها النووي، مؤكدا أن طهران لا تنوي صناعة قنبلة ذرية وفق فتوى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، مستدركا أن “الفقه الشيعي مبني على أسس دينامية حيوية”، رافضا الإدلاء بمزيد من التوضيح.

وكشف عن تنسيق مسبق بين حلقات محور المقاومة -الممتد من إيران إلى العراق مرورا بسوريا ولبنان وقطاع غزة وصولا إلى اليمن- بشأن الرد على أي حرب قد تتعرض لها أيا من هذه الحلقات، موضحا أن إيران سبق أن أجرت العديد من المناورات تحاكي تسديد ضربات خاطفة على أهداف أميركية وإسرائيلية، ولا حاجة للرد على المناورات الإسرائيلية المتواصلة بمناورات مماثلة.

لا حرب في الأفق

ويعبر المساعد الأسبق للقائد السابق لفيلق القدس عن قناعته بنجاعة “الرد الصارم والذكي على عدة جبهات” في تحصين بلاده أمام الاعتداءات المحتملة، مشددا على ضرورة تلقين العدو درسا تجعله نادما وتبعد شبح الحرب عن بلاده لسنوات مديدة.

وخلص الخبير الإستراتيجي الإيراني، إلى أن الحرب على إيران ليست واردة في الوقت الراهن، وذلك لأن الولايات المتحدة ليست مستعدة للدفع بهذا الاتجاه، وأن إسرائيل لا تجرؤ على المجازفة لوحدها دون الحصول على ضوء أخصر من واشنطن.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى