الاخبار العاجلةسياسة

29 مليونا يواجهون نقص الغذاء.. الجفاف وحرب أوكرانيا يهددان بمجاعة كارثية في شرق أفريقيا

خاص- “عيشنا هنا ليس حياة؛ برد قارص مؤلم، ومواشينا ماتت بسبب الجوع والمرض، ونخشى أن يطول الجفاف ونحن على هذا الحال بلا مأوى”، هكذا عبّرت سعدية محمد ذات العشرين ربيعا عن معاناتها، وقد استقر الإجهاد والتعب في تفاصيل وجهها وكأنها سيدة ستينية.

وسعدية واحدة من ضحايا الجفاف في إقليم الصومال الإثيوبي، تختزل معاناتها، التي تحدّثت بها للجزيرة نت، حكايات الآلاف من سكان المنطقة التي تدفع ظروفها المعيشية والبيئية الصعبة قاطنيها إلى التشرد والنزوح تحت وطأة الجوع والعطش.

نساء صومليات بمخيمات النزوح جراء الجفاف
نساء صوماليات بمخيمات النزوح جراء الجفاف (الجزيرة)

ملايين بحاجة إلى مساعدات

وكانت حكومة إقليم الصومال الإثيوبي حذّرت من المخاطر الإنسانية جراء موجة الجفاف. وأصدرت مطلع العام الجاري تقريرا أعلنت فيه أن نحو 3.4 ملايين شخص من سكان الإقليم، البالغ عددهم 9 ملايين، بحاجة إلى مساعدات إنسانية جراء الجفاف الذي تشهده مناطق بالإقليم الواقع شرقي إثيوبيا.

وأشار التقرير المحلي إلى مخاطر إنسانية بسبب الجفاف وعدم هطول الأمطار في موعدها المعتاد. وقال إن مناطق بالإقليم تشهد تدهورا للأمن الغذائي جراء فشل هطول أمطار العام الماضي، مما يؤدي إلى نقص الغذاء والأعلاف الحيوانية وندرة المياه.

وحسب التقرير، فإن ما لا يقل عن 10 مناطق تتأثر بالجفاف وتقل القوة الشرائية للأسر الفقيرة فيها بشدة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وانخفاض أسعار الثروة الحيوانية، ونفوق حوالي 250 ألف رأس من الماشية التي يملكها السكان هنا.

موجة نزوح

وتظل محاولات الدعم والإغاثة ضئيلة أمام احتياجات آلاف الأسر التي فقدت كل ما تملكه من مصادر رزق تحت وطأة الجفاف، وبات مكوثها في مناطق النزوح (بالمخيمات وخارجها) الحل الوحيد لبقائها على قيد الحياة، كما قال الناطق الرسمي باسم حكومة إقليم الصومال الإثيوبي محمد روبل للجزيرة نت.

وكشف تقرير إقليم الصومال الإثيوبي عن أن الجفاف أثر على 614 مدرسة أغلقت 210 منها كليا، وقدّر عدد الطلاب المتضررين بأكثر من 100 ألف تلميذ. وقال إن بعض السكان بدؤوا بالنزوح من مناطق الجفاف إلى مدينة جيغجيغا، عاصمة الإقليم.

وإلى جانب تفاقم الأزمة الحالية بالإقليم، ظهرت هجرات للثروة الحيوانية من مناطق محيطة به في الصومال وكينيا خاصة.

وسجّلت أمطار العام الماضي بإثيوبيا معدلات متدنية وأقل من الطبيعية، في بلد يرتكز اقتصاده على الزراعة التي تسهم في أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي وبنسبة 60% من الصادرات وفيها 80% من معدل إجمالي العمالة في البلاد.

مشهد من معالجات مشكلة المياه في معسكرات النازجين بإقليم الصومال جراء الجفاف .. صور حاصة للجزيرة
بركة لتجميع المياه في معسكرات النازحين بإقليم الصومال (الجزيرة)

مواسم من الفشل

ويخيم شبح مجاعة على مناطق بدول شرق أفريقيا، بينها إثيوبيا وكينيا والصومال، وسط تحذيرات للهيئة الحكومية للتنمية بدول شرق أفريقيا “إيغاد” (IGAD) .

ووفق مركز التطبيقات والتنبؤات المناخية التابع للهيئة، فإن الشهر الأول من موسم 2022 الزراعي (الذي يمتد من مارس/آذار إلى مايو/أيار) كان جافًا بشكل خاص، وإن المنطقة سجلت درجات حرارة أعلى من معدل هطول الأمطار.

اقرأ ايضاً
عاجل.. مصدر أمني للجزيرة: سماع دوي انفجار كبير وسط العاصمة الأفغانية كابل

وأشار تقرير للمركز إلى أن مناطق شرق أفريقيا تواجه احتمالا حقيقيا للغاية بتدني كبير في معدلات الأمطار للموسم الرابع على التوالي، مما يضع إثيوبيا وكينيا والصومال في حالة جفاف لم تشهدها السنوات الـ40 الماضية.

وفي السياق ذاته، قال السكرتير التنفيذي لـ”إيغاد”، ورقيني جيبيهو، “نحن لا ننظر فقط إلى 3 مواسم، بل ربما إلى 4 مواسم فاشلة متتالية.. إلى جانب عوامل الإجهاد الأخرى مثل النزاعات في كل من منطقتنا وأوروبا، وأثر كوفيد-19، وتحديات الاقتصاد الكلي، وكل هذا أدى إلى مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء القرن الأفريقي”.

29 مليونا بلا غذاء

وتشير تقديرات مجموعة العمل المعنية بالأمن الغذائي والتغذية -التي تشترك في رئاستها “إيغاد” ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” (FAO)- إلى أن أكثر من 29 مليون شخص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي بجميع أنحاء منطقة شرق أفريقيا.

ويتزامن هذا مع الحرب المستمرة على أوكرانيا وتأثيراتها السلبية على الغذاء عالميا؛ إذ تُعد أوكرانيا من أكبر المنتجين العالميين للحبوب والزيوت النباتية، وهبطت صادراتها بشدة منذ اندلاع الحرب فبراير/شباط الماضي وحصار روسيا لموانئها على البحر الأسود.

هكذا هي منازلهم التي شيدهوا داحل معسكرات النزوح
مواشي تعاني الجوع أمام مساكن مؤقتة في معسكرات النزوح بالصومال (الجزيرة)

حكاية الجفاف مع شرق أفريقيا

وحالة الجفاف التي اجتاحت شرق أفريقيا مؤخرا قد تكون الأصعبK لكنها ليست الأولى على منطقة ظلت تشهد موجات المجاعة لأسباب عديدة معظمها الحروب والصراعات إلى جانب الجفاف.

ومنذ القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، بدأت المجاعات تتكرر في أفريقيا وعلى نطاق واسع وبوطأة أشد حتى بداية القرن الحالي.

ووثَّق مؤرخو المجاعات في أفريقيا كوارث جوع متكررة، خاصة في دول شرق القارة، وفي مقدمتها إثيوبيا والصومال.

وعاشت الصومال مجاعة بين عامي 1991 و1992 بسبب الجفاف والحرب الأهلية، ثم في يوليو/تموز 2011 ضمن جفاف شديد ضرب منطقة القرن الأفريقي وأودى بحياة الآلاف في الصومال والدول المجاورة.

الجفاف في إثيوبيا

تعد إثيوبيا أكثر مناطق شرق أفريقيا عرضة للمجاعة لأسباب متعددة؛ على رأسها الحروب والجفاف، حيث شهدت البلاد مجاعة واسعة الانتشار بين عامي 1983 و1985، كأسوأ موجة جوع تضرب البلاد منذ قرن مخلّفة 1.2 مليون وفاة و2.5 مليون مشرد داخلي، وآلاف اللاجئين. وكانت مجاعة عام 1888 الأسوأ في هذه البلاد، فما زالت قصصها تروى حتى الآن.

ومع ما تواجه القارة من مخاطر معقدة -فهي عرضة للصدمات المتكررة (الجفاف والصراع والفيضانات وغزو الجراد الصحراوي وتفشي الأمراض)- خصص الاتحاد الأفريقي العام الجاري لما سماه “بناء مرونة التغذية بالقارة الأفريقية وتسريع رأس المال البشري والتنمية الاجتماعية والاقتصادية”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى