الاخبار العاجلةسياسة

مقال بنيويورك تايمز: شيء غير عادي يحدث في فرنسا.. ائتلاف يساري يهز السياسة في البلاد

أشار مقال نشرته نيويورك تايمز الأميركية (New York Times) إلى أن فرنسا تشهد حدثا غير عادي وهو بروز اليسار الفرنسي بعد سنوات من الضعف وعدم التأثير، وتوقع له أن يشكل تحديا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكبر من التحدي الذي يمثله اليمين “المتطرف” بقيادة مارين لوبان، إذا لم يتوصل ماكرون لصيغة للتحالف معه، كما يتوقع له أن يحدث تغييرات كبيرة في السياسة الفرنسية.

ويقول كاتب المقال الصحفي كولي ستانغلر المقيم في فرنسا إن ماكرون ركز خلال فترة رئاسته على اليمين “المتطرف” وسعى لتحييد تهديده وتقديم نفسه على أنه الحصن الوحيد الممكن ضده.

والآن لديه شيء آخر يدعو للقلق، فقد اتضح بعد الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في البلاد يوم الأحد الماضي أن التحدي الأكبر لسلطة ماكرون لا يأتي من اليمين بل من اليسار “الذي يمكن أن يحدد إلى حد كبير الاتجاه السياسي للبلاد”.

لأول مرة منذ التسعينيات

وأوضح أنه ولأول مرة منذ عام 1997، تنحي الأحزاب اليسارية الرئيسية في فرنسا خلافاتها جانبا وتتفق على قائمة واحدة من المرشحين باسم “الاتحاد البيئي والاجتماعي الشعبي الجديد” (NUPES) لتحصل على 26% من الأصوات، وإحراز التعادل مع ائتلاف ماكرون. كما أن لهذه الأحزاب فرصة للفوز بأغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية بعد الجولة الثانية من التصويت يوم الأحد. وحتى لو ثبت أن ذلك بعيد المنال، فإن اليسار -تحت راية مشتركة- سيصبح قوة المعارضة الرئيسية في البرلمان.

وعن آثار ذلك، قال الكاتب إنها ستكون عميقة: فمن المحتمل إعادة توجيه شروط النقاش الوطني، وتجديد التركيز على قضايا مثل تمويل الخدمات العامة، ومكافحة تغير المناخ والعدالة الضريبية، والضغط على ماكرون. ومن المتوقع أن يفعل تقدم اليسار المزيد، وأن يضرب اليسار النظام الرئاسي ذا الطابع الشخصي للغاية في فرنسا والتزام الاتحاد الأوروبي بالاستقامة المالية، ويمكنه زعزعة السياسة في البلاد وعبر القارة، “إن ما يجري في فرنسا وببساطة، تطور غير عادي”.

اقرأ ايضاً
لوموند: الجامعة العربية تبرئ نظام الأسد

تأثيرات زلزالية

وقال أيضا إذا صوتت قاعدة اليسار بشكل نشط في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية فستكون التأثيرات زلزالية حقا.

وأشار إلى دعوة تحالف اليسار إلى إنشاء جمهورية سادسة من شأنها كبح جماح الرئيس بإعطاء البرلمان سلطات أكبر وإخضاع هيكل الجمهورية الخامسة للتمحيص.

وأضاف ستانغلر أن من المحتمل أن يحرم تحالف اليسار ماكرون من الأغلبية المطلقة ليضطر الرئيس إلى الحكم بدعم من المشرعين المنافسين له -مما يؤدي إلى حكومة هشة يتوقف مصيرها على قدرتها على تقديم تنازلات وسيكون تحالف (NUPES) هو أكبر قوة معارضة في البرلمان.

ومضى الكاتب في توقعاته ليقول إن ماكرون ربما يضطر، تحت الضغط، إلى ترشيح رئيس وزراء تدعمه الأغلبية اليسارية، وهو وضع يُعرف باسم “التعايش”، والذي يستلزم تقاسم السلطة التنفيذية. ففي المرات الثلاث السابقة التي حدث فيها ذلك في ظل الجمهورية الخامسة لفرنسا -القائمة منذ عام 1958- كان الرؤساء يسيطرون على السياسة الخارجية على نطاق واسع، لكن رئيس الوزراء يشرف على الكثير من الأجندة المحلية.

إثارة الذعر

وبدأ ماكرون وفريقه حاليا الاستفادة من المخاوف من اليسار ليحذروا من أن تحالف (NUPES) سيقود فرنسا إلى الإفلاس، وإلى حافة الهاوية، وسيعيدها إلى “الحقبة السوفياتية”.

وعلق ستانغلر بأن مثيري الذعر ربما يكونون محقين في شيء واحد، وهو أن يسارا متمكنا في واحدة من أكثر دول العالم نفوذا ستكون له آثار مضاعفة في الخارج، وسيكون مصدر إلهام للأحزاب المماثلة أيديولوجيا في أوروبا، والتي كافحت للتنافس على السلطة منذ أيام سيريزا في اليونان وبوديموس في إسبانيا.

وختم بالقول إن الناخبين الفرنسيين بعثوا بأقوى رسائلهم في بلد معقد وكبير ومتنوع مثل بلدهم، “فقد لا يكون النظام السياسي المصمم لتركيز السلطة في يد رئيس دولة واحد هو أفضل طريقة لعكس الإرادة الشعبية. وربما، بعد 64 عاما، حان الوقت لتجربة شيء جديد”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى