توافق سعودي – مصري على تنمية العلاقات وتعزيز الشراكة الاقتصادية
أعلنت السعودية ومصر، اليوم (الثلاثاء)، اتفاقهما على تعزيز تعاونهما وشراكتهما الاقتصادية استثمارياً وتجارياً، ونقلها إلى آفاق أوسع لترقى إلى متانة العلاقة التاريخية والاستراتيجية بينهما، وخلق بيئة استثمارية خصبة ومحفزة تدعم عدداً من القطاعات المستهدفة، بما فيها السياحة، والطاقة، والرعاية الصحية، والنقل، والخدمات اللوجيستية، والاتصالات وتقنية المعلومات، والتطوير العقاري، والزراعة.
جاء ذلك في البيان الختامي المشترك لزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز للقاهرة، حيث عقد جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، جرى خلالها استعراض العلاقات التاريخية الراسخة، وبحث سبل تطوير وتنمية العلاقات في جميع المجالات، ومستجدات المنطقة والعالم، مؤكدين على وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومعبرين عن رغبتهما في تعزيز التعاون والتنسيق الأمني، كما أثنيا على جهودهما في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله.
ورحب الجانبان بما أُعلن خلال الزيارة من صفقات واتفاقيات استثمارية وتجارية ضخمة بين القطاعين الخاصين في البلدين بلغت 8 مليارات دولار أميركي، وعن عزم السعودية قيادة استثمارات في مصر بقيمة 30 مليار دولار، وتنفيذ مشروع للطاقة الكهربائية بقدرة 10 غيغاواط من خلال شركة أكواباور، مؤكدين حرصهما على تعزيز زيادة الاستثمارات، وتكثيف التواصل بين القطاع الخاص لبحث الفرص الاستثمارية والتجارية، وتسهيل أي صعوبات قد تواجهها. كما اتفقا على مواصلة التنسيق والتعاون في حماية البيئة البحرية، وتعزيز التبادل التجاري في المنتجات الزراعية، ورفع مستوى التعاون في مجالات الصحة والتعليم والبحث والابتكار والسياحة والثقافة.
وأشادت السعودية بالإصلاحات الاقتصادية التي تنتهجها حكومة مصر، وأكد الجانبان حرصهما على دعم المبادرات العالمية لمواجهة الجوائح والمخاطر والتحديات الصحية الحالية والمستقبلية. كما أكدا عزمهما تعزيز التعاون تجاه جميع القضايا السياسية والسعي إلى بلورة مواقف مشتركة تحفظ لهما أمنهما واستقرارهما، وأهمية استمرار التنسيق والتشاور إزاء التطورات والمستجدات في جميع المحافل الثنائية والمتعددة الأطراف، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في البلدين والمنطقة. كما اتفقا على إقامة قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر ومنتدى مبادرة السعودية الخضراء خلال فترة انعقاد مؤتمر الأطراف لتغير المناخ في شرم الشيخ.
وشددا على ضرورة تكثيف الجهود بشأن القضية الفلسطينية للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وإيجاد أفق حقيقي للعودة إلى مفاوضات جادة وفاعلة لتحقيق السلام، وفقاً لمبدأ حل الدولتين، كما جددا دعمهما الكامل للجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، استناداً إلى المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم (2216). وأكدا دعمهما لمجلس القيادة الرئاسي اليمني، واتفاق الهدنة الأممية، ورحبا بالإعلان عن تمديده. وأشاد الجانب المصري بجهود السعودية ومبادراتها العديدة الرامية إلى تشجيع الحوار والوفاق بين الأطراف اليمنية وإنهاء الحرب في اليمن، ودورها في تقديم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق، بينما ثمّن الجانب السعودي استجابة مصر لطلب الحكومة اليمنية الشرعية والأمم المتحدة بتسيير رحلات جوية مباشرة بين القاهرة وصنعاء. وشددا على إدانة هجمات الحوثيين على الأعيان المدنية والمرافق الحيوية في المملكة، وتهديدها لأمن وسلامة الممرات البحرية الدولية، وتعنتها أمام جهود الحل السياسي لإنهاء الأزمة باليمن.
وأعرب الجانبان عن تطلعهما إلى توصل الأطراف العراقية إلى صيغة لتشكيل حكومة جامعة تعمل على تحقيق تطلعات الشعب العراقي الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية ومواجهة التنظيمات الإرهابية. وأكدا على أهمية الحوار بين الأطراف السودانية كافة، واستمرار دعمهما لإنجاح المرحلة الانتقالية، وكذلك حرصهما على أمن واستقرار ووحدة أراضي لبنان، وأهمية مواصلة الجهود الرامية إلى الحفاظ على عروبته وأمنه واستقراره، ودعم دور مؤسساته، وإجراء الإصلاحات اللازمة بما يضمن تجاوزه لأزمته، وألا يكون منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة، وألا يكون مصدراً أو معبراً لتهريب المخدرات. كما أكدا على أهمية الوصول إلى حل سياسي لأزمة سوريا وبما يحقق تطلعات الشعب السوري ويحفظ وحدة البلاد وسلامة أراضيها، وضرورة وقف التدخلات الإقليمية التي تهدد أمنها واستقرارها ووحدتها وتماسك نسيجها المجتمعي، معربين عن الدعم لجهود المبعوث الأممي.
وشددا على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الليبية، وأهمية التوصل إلى حل ليبي – ليبي انطلاقاً من الملكية الليبية للتسوية دون أي إملاءات أو تدخلات خارجية وصولاً إلى عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن. وثمّن الجانب السعودي جهود مصر الرامية إلى استعادة ليبيا لأمنها ووحدتها وسيادتها واستضافتها لأعمال المسار الدستوري الليبي بالتنسيق مع الأمم المتحدة بما أتاح المجال الحر لليبيين لرسم مستقبل بلادهم. كما أكد الجانبان على أهمية دعم دور المؤسسات الليبية واضطلاعها بمسؤولياتها، وأشادا بالإجراءات والقرارات الشرعية الصادرة عن مجلس النواب الليبي كونه الجهة التشريعية المنتخبة والمعبرة عن تطلعات الشعب الليبي الشقيق. وشددا على أهمية البدء الفوري في تنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون استثناء أو مماطلة وفي مدى زمني محدد، وأعربا عن الدعم لجهود اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ذات الصلة، وكذلك حفظ اتفاق وقف إطلاق النار بما يصون أمن واستقرار ومقدرات البلاد.
واتفق الجانبان على ضرورة دعم الجهود الدولية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وضمان سلمية برنامجها النووي، وتعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحفاظ على منظومة عدم الانتشار، وأهمية دعم الجهود الرامية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط بما يسهم في تحقيق السلم والاستقرار الإقليمي والدولي، ودعم الجهود العربية لحث طهران على الالتزام بالمبادئ الدولية بعدم التدخل في شؤون الدول العربية، والمحافظة على مبادئ حسن الجوار، وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار، بما فيها دعم الميليشيات المسلحة، وتهديد الملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية.
وفيما يتعلق بأزمة سد النهضة، أكد الجانب السعودي دعمه الكامل للأمن المائي المصري باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الأمن المائي العربي، وحث إثيوبيا على عدم اتخاذ أي إجراءات أحادية بشأن ملئه وتشغيله، وأهمية التفاوض بحسن نية مع القاهرة والخرطوم للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم في هذا الشأن، تنفيذاً لبيان مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) 2021، بما يدرأ الأضرار الناجمة عن هذا المشروع على دولتي المصب، ويعزز التعاون بين الشعوب.
وعبرت الرياض والقاهرة عن تضامنهما الكامل مع بعضهما في كل ما تتخذانه من إجراءات لحماية أمنهما، وشددت القاهرة على رفضها لأي اعتداءات على الأراضي السعودية، مؤكدة أن أمن البلدين كلٌ لا يتجزأ.