رويترز تتفقد طائرتين في صلب نزاع بمليار دولار بين الخطوط القطرية وإيرباص
جثمت طائرتان بتكنولوجيا عالية من طراز إيرباص (A350) على الأرض في حظيرة طائرات تغمرها أضواء ساطعة، بينما غُطيت نوافذهما ومحركاتهما بعد أن تسبب نزاع قانوني دولي، بين شركة صناعة الطائرات الأوروبية العملاقة والخطوط الجوية القطرية، في بقائهما بلا حراك.
من مظهرهما عن بُعد، قد تبدو الطائرتان مثل أي من طائرات المسافات الطويلة التي يعج بها مطار الدوحة المزدحم. لكن زيارة نادرة لصحفيين من رويترز إلى الموقع أظهرت ما بدا أنه دليل على تضرر سطح بعض الأجزاء من الجناحين والذيل وجسم الطائرتين.
الطائرتان اللتان تبلغ قيمتهما سويا حوالي 300 مليون دولار وفقا للمحللين، هما اثنتان فقط من ضمن 23 طائرة من نفس الطراز تدور حولها معركة قضائية في لندن بشأن ما إذا كانت الأضرار تمثل خطرا محتملا على السلامة.
وتطلب الشركة القطرية تعويضات بقيمة مليار دولار. وأمرت الهيئة المنظمة للطيران في قطر بمنع الطائرات من التحليق بعد أن تسبب تآكل مبكر في الطلاء في إلحاق الضرر بطبقة معدنية تحته، وظيفتها توفير الحماية لجسم الطائرة من الصواعق.
ومع ذلك، تواصل شركات الطيران الأخرى تسيير الطائرات من ذلك الطراز بعد أن أعلنت الهيئات التنظيمية الأوروبية أن الطائرة آمنة للطيران.
زيارة للطائرتين
وتسنى لصحفيين من رويترز القيام بزيارة نادرة للحظيرة وتفقد الطائرتين مباشرة بعد التقدم بطلب على هامش اجتماع لقطاع الطيران في العاصمة القطرية الدوحة هذا الأسبوع.
واطلع صحفيو رويترز على عيوب متفرقة على سطح الطائرتين تضمنت ما يبدو أنه شريط ممتد من الطلاء المتآكل والمتشقق أو المتقشر على طول سقف الطائرتين.
وفي بعض الأجزاء ومن بينها الأطراف المنحنية للجناحين، ظهرت شبكة الحماية من الصواعق الموجودة بين الهيكل والطلاء مكشوفة ومتآكلة. وفي أجزاء أخرى بدت الشبكة غير موجودة كذلك، تاركة أجزاء من الجسم مكشوفة لعوامل البيئة.
كما كان الطلاء الموجود على ذيل إحدى الطائرتين والمزين بالشعار العنابي اللون لحيوان المها العربي الخاص بالخطوط الجوية القطرية مشققا ومقشرا ما تسبب في انكشاف الطبقة الموجودة بالأسفل.
وشاهدت رويترز أجزاء صغيرة لما بدا أنه خيوط كربونية مهترئة أو مفككة على جسم الطائرة وكذلك تقشر الطلاء فوق رؤوس البراغي على أجزاء رئيسية من الجناحين.
ولم يكن لإيرباص والخطوط الجوية القطرية تعقيب فوري على نتائج زيارة رويترز.
عيوب الجودة
وتقر شركة إيرباص بوجود عيوب تخص الجودة في الطائرات، لكنها تنفي أنها تشكل أي مخاطر تتعلق بالسلامة في ظل عدد كاف من أنظمة الدعم الاحتياطية ومستوى التحمل الذي يتمتع به تصميم الطائرة.
وتقول الخطوط الجوية القطرية إن هذا أمر لا يمكن التحقق منه لحين إجراء مزيد من الاختبارات، كما ترفض تسلم المزيد من الطائرات.
من جانبها، تقول إيرباص إن تآكل بعض الطلاء هو إحدى السمات المصاحبة لاستخدام تكنولوجيا مركب الكربون المستخدمة في صنع جميع طائرات المسافات الطويلة، وهو تنازل لا بد منه في مقابل ميزة تخفيف الوزن.
وتضيف أن الشقوق ناجمة عن طريقة تفاعل الطلاء مع المواد المضادة للصواعق المعروفة باسم “إي.سي.إف” (ICF) وعناصر أخرى.
ولا يحتوي الذيل بأكمله على رقائق “إي.سي.إف”، مما يثير الجدل حول ما إذا كان الضرر ناجما عن نفس المشكلة.
وشككت الخطوط الجوية القطرية في التفسير الذي قدمته إيرباص، وقالت لمحكمة بريطانية إن طائراتها المماثلة من طراز “بوينغ 787” لا تعاني مثل هذه المشاكل.
وقدم الجانبان وثائق فنية في مئات الصفحات للمحكمة، ولم تتحقق وكالة رويترز بشكل مستقل من سبب الضرر.
لقاء بالدوحة
وسنحت فرصة للرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر والرئيس التنفيذي لشركة إيرباص جيوم فوري للقاء وتبادل أطراف الحديث خلال الاجتماع الذي ضم أقطاب الصناعة على مدى 3 أيام في قطر هذا الأسبوع.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت العلاقة تحسنت بعد المناسبة التي جمعت الرجلين بجانب بعضهما خلال مأدبة عشاء، أشار الباكر إلى أن الجانبين لا يزالان على طرفي نقيض.
وقال في مؤتمر صحفي “على المستوى الشخصي أنا صديق للجميع ولكن عندما يتعلق الأمر بمشكلة مع شركتي، فهذا أمر مختلف. وإذا تمت تسوية الأمور، فلن نكون بحاجة لانتظار مناقشة القضية في المحكمة العام المقبل”.
وتحدث جيوم فوري هذا الأسبوع عن “إحراز تقدم من حيث التواصل”، وقال لبلومبيرغ (bloomberg) إن شركته تعمل “بجد في محاولة لإيجاد حل، لكنه ليس وضعا سهلا للمعالجة، ولذلك أريد أن أبقى متفائلا”.
وأضاف فوري “أعتقد أننا سنجد طريقة للمضي قدما، وبما أن العلاقة بين الجانبين على المستوى الشخصي جيدة، فإن الشركتين بحاجة إلى إيجاد حل ما”.
