الاخبار العاجلةسياسة

صحيفة بريطانية: ماذا يحدث لأوروبا لو قطعت روسيا الغاز عنها؟

نشرت صحيفة إندبندنت (Independent) البريطانية مقالا تناول تداعيات ما سماه الغزو الروسي لأوكرانيا وتأثيره على الدول الأوروبية، خاصة فيما يتعلق بأمن الطاقة في ظل اعتماد بلدان أوروبية عديدة على الغاز الروسي.

واستهل الكاتب الصحفي هاميش مكراي مقاله بطرح سؤال وصفه بالصعب وهو “ماذا سيحدث إذا أقدمت روسيا على قطع الغاز عن أوروبا؟” مشددا على أنه بناء على ما حدث خلال الشهور الأربعة الأخيرة، فإن على أوروبا أن تخطط لمواجهة أسوأ السيناريوهات ومن بينها احتمال إقدام روسيا على قطع تام لإمدادات الغاز عن القارة العجوز.

وأوضح المقال أن هذا السيناريو لو حدث فسيشكل معضلة كبرى للبلدان المعنية فصل الشتاء المقبل، حيث اعتادت هذه البلدان على أن تتراكم مخزونات الغاز صيفا ثم يبدأ المخزون في الانخفاض مع بداية الطقس البارد.

حجم المشكلة والحلول المتخذة لتجاوزها

ويضيف الكاتب: يتضح حجم المشكلة إذا علمنا أن أوروبا ككل استوردت عام 2020 نحو 40% من حاجتها من الغاز الطبيعي من روسيا، في حين اعتمدت بعض دولها مثل لاتفيا على الغاز كليا من روسيا، بينما استوردت ألمانيا 65% من حاجتها من الغاز من روسيا، ورغم محاولتها خفض وارداتها من الغاز مؤخرا، فإن ألمانيا ماتزال أكبر مستورد للغاز، الأمر الذي يجعل ردها في هذا الإطار مهما للغاية وفق المقال.

وفي إطار مساعي برلين للحد من استيراد الغاز الروسي، أعلن  وزير الاقتصاد روبرت هابيك أن بلاده ستنتقل إلى المرحلة الثانية من خطتها الطارئة المكونة من 3 مراحل لخفض الطلب على الغاز.

وتتضمن المرحلة التي أعلن عنها الوزير-وفق مقال إندبندنت- استخدام مزيد من الفحم لتوليد الكهرباء، والسماح للهيئات المختصة بفرض أسعار أعلى على الطاقة لتشجيع العملاء على خفض الاستهلاك. في حين ستركز المرحلة الثالثة، إذا وصلت إليها الخطة، على تقنين استهلاك الغاز، وحمل المصانع على خفض الطلب على الغاز حتى تتسنى للأسر القدرة على الاستمرار في التدفئة خلال فصل الشتاء.

وأشار المقال إلى أن الاتحاد الأوروبي يخطط أيضًا للتوصل إلى سبل تمكن دول القارة من تجاوز الشتاء بإمدادات غاز أقل، وسيعلن تفاصيل خططه الشهر المقبل.

وأورد تعليقا لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على الموضوع قالت فيه “الأفضل دائمًا نأمل في أن يحدث الأفضل ونستعد للأسوأ”.

تحديات

وتساءل الكاتب “هل تستطيع أوروبا أن تمضي هذا الشتاء من دون الغاز الروسي؟” موضحا أنه من الناحية النظرية فإن الجواب هو نعم، ولكن عمليا فإن ذلك سيعني دخول أوروبا في حالة ركود خطيرة.

وأشار إلى أنه من حسن حظ أوروبا أنها سعت للتنويع في مصادر استيراد الغاز لتخفيف الاعتماد على الغاز الروسي، وحصلت على واردات الغاز الطبيعي المسال من دول من أهمها الولايات المتحدة التي ارتفعت صادراتها من الغاز الطبيعي عام 2021.

لكن الخبر السيئ لأوروبا -وفق الكاتب- هو ببساطة أن القارة لا توجد بها موانئ متخصصة ذات سعة كافية بالدول الأوروبية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال.

فمثلا لا توجد منشآت للغاز الطبيعي المسال بألمانيا، رغم تقديم مقترح بإنشاء 3 محطات في البلد لتخزين الغاز المسال، لكنها تواجه معارضة ناهيك عن أن إنشاءها قبل حلول شتاء هذا العام غير ممكن نظرا لضيق الوقت. لذا يرى الكاتب أن ألمانيا، بل أوروبا ككل، سوف تضطر إلى استخدام كميات أقل من الغاز شتاء هذا العام.

تداعيات خطيرة

لكن خفض استخدام الغاز مصحوب بمخاطر اقتصادية، حيث يعني خفض الانتاج الصناعي والدخول في ركود اقتصادي.

وأورد الكاتب بهذا الإطار ما ذهبت إليه دراسة للمعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (DIW Berlin) جاء فيها أن خفض الطلب على الغاز يصب في مصلحة ألمانيا على المدى البعيد، وخلصت إلى أنه “وفقا للافتراضات المتفائلة، فإن توفير الغاز الطبيعي بنسبة 18 إلى 26% من الطلب أمر ممكن. وفيما يمكن استبدال الغاز الطبيعي في قطاع الكهرباء بمصادر طاقة بديلة على المدى القصير، فإن توفير الطاقة في قطاع الصناعة سيكون مصحوبا بانخفاض في الإنتاج”.

ويعلق الكاتب بأن الدراسة اعترفت بضرورة خفض الإنتاج، وأنه سيتعين على دافعي الضرائب تعويض الشركات عن هذا التخفيض، الأمر الذي يعني أن ألمانيا ستفقد جزءا من إنتاجها، مما سيؤدي بدوره إلى مزيج من انخفاض الأجور وارتفاع معدلات البطالة.

كما يطرح الكاتب احتمالا آخر هو أن بعض المصانع قد لا تتمكن من فتح أبوابها أبدا إذا أُجبرت على الإغلاق، وقد تنقل بعضها إنتاجها إلى الخارج. لذلك يرى أنه في حال إقدام روسيا على قطع إمدادات الغاز عن أوروبا فإن تلك الخطوة من شأنها تقويض النموذج الاقتصادي الألماني.

ويخلص المقال إلى أننا لا نحتاج إلى تصديق القصص المخيفة لانهيار الثقة مثل ما حدث في قضية انهيار بنك “ليمان براذرز” الأميركي لإدراك التحديات الخطيرة للغاية التي تواجهها أوروبا بشكل عام الآن خاصة ألمانيا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى