حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا والبنتاغون: روسيا تعاني إخفاقات كثيرة
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة عن حزمة مساعدات أمنية إضافية لأوكرانيا تشمل صواريخ وقذائف وأدوات دفاع جوي لمواجهة الجيش الروسي في جنوب وشرق البلاد، يأتي ذلك في حين يتهم الجيش الأوكراني الروس بإطلاق قنابل فوسفورية على جزيرة الأفعى، مع اشتداد القصف والمعارك في مدينة ليسيتشانسك الواقعة شرقي أوكرانيا.
فقد صرح المتحدث باسم البنتاغون تود بريسيلي الجمعة بأن حزمة المساعدات لأوكرانيا -وهي بقيمة 820 مليون دولار- تتضمن ذخائر إضافية لراجمات الصواريخ الخفيفة المتنقلة من نوع “هاي مارس” (HIMARS) ومنظومتين متطورتين للصواريخ المضادة للطائرات من طراز “ناسامز” (NASAMS) النرويجية الصنع، إضافة إلى 150 ألف قذيفة مدفعية من عيار 155 ملم، و4 رادارات مضادة للمدفعية.
وأضاف أن تزويد أوكرانيا بمنظومتي ناسامز للدفاع الجوي يمهد لانتقالها من الأسلحة السوفياتية إلى منظومات حلف شمال الأطلسي (ناتو).
ويمكن لنظامي الدفاع الجوي إطلاق صواريخ أرض جو قصيرة ومتوسطة المدى، وهما من صنع شركة “رايثيون” الأميركية والمجموعة النرويجية “كونغسبرغ”. ويتيح النظامان القابلان للتشغيل عن بعد التصدي للطيران الروسي بما في ذلك الطائرات المسيّرة، وكذلك صواريخ كروز.
وأكد البنتاغون أن روسيا لا تحقق تقدما ثابتا في شرق أوكرانيا وتعاني إخفاقات كثيرة، كما أن انسحابها من جزيرة الأفعى يسهل الدفاع عن أوديسا وفتح خطوط الملاحة البحرية في المستقبل.
من جهته، اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الحصول على أسلحة جديدة سيكسر التفوق الروسي في شرق وجنوبي البلاد.
وخصصت الولايات المتحدة حتى الآن قرابة 7.6 مليارات دولار مساعدة أمنية لأوكرانيا، منذ تسلم الرئيس جو بايدن السلطة في 2021، بما في ذلك نحو 6.9 مليارات دولار منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي.
مساعدات نرويجية
إلى جانب ذلك، أعلنت النرويج الجمعة مساعدات لأوكرانيا على مدى عامين بنحو مليار يورو، وقالت الحكومة في بيان إن هذه المساعدات الكبيرة تضاف إلى مساعدات سابقة أعلنتها أوسلو، وستستخدم في “المساعدة الإنسانية وإعادة إعمار البلاد والأسلحة ودعم عمل السلطات” الأوكرانية.
ويأتي هذا الإعلان بمناسبة زيارة رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستور لكييف الجمعة، وأيضا لقرية يهدنة التي تضررت بشدة من الحرب في أوكرانيا.
وذكرت وكالة الأنباء النرويجية “إن تي بي” أن ستور تأثر بما رآه خلال زيارته، ووصف القرية بأنها “لمحة من الجحيم على الأرض”.
وقال رئيس الحكومة النرويجي في البيان “نقف مع الشعب الأوكراني”، مضيفاً “نحن نساهم في دعم نضال الأوكرانيين من أجل الحرية. إنهم يقاتلون من أجل بلدهم، وأيضاً من أجل قيمنا الديمقراطية”.
وكانت أوسلو أعلنت الأربعاء الماضي تقديم 3 منظومات لإطلاق صواريخ متعددة لأوكرانيا. وتسعى كييف للحصول على هذه الأسلحة بشكل خاص.
جزيرة الأفعى
على الصعيد الميداني، اتهم الجيش الأوكراني الروس الجمعة بإطلاق قنابل فوسفورية على جزيرة الأفعى في البحر الأسود، والتي استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها من الجيش الروسي الخميس.
وكتب قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني على تليغرام “نفذت القوات المسلحة الروسية قرابة الساعة 18:00 ضربتين جويتين على جزيرة الأفعى مستخدمة قنابل فوسفورية”، متهما موسكو بـ”عدم احترام التصريحات التي أدلت بها”.
وأضاف “الأمر الوحيد الذي يبدو فيه العدو منسجما مع نفسه هو دقته الدائمة في توجيه الضربات”. وأرفق رسالته بمقطع مصور يظهر طائرة تحلق فوق جزيرة الأفعى وتلقي قنبلتين على الأقل أصابتا هدفهما. ويعقب ذلك تصاعد ألسنة بيضاء في الأجواء تشير إلى استخدام قنابل فوسفورية.
وكان الجيش الروسي أعلن الخميس أنه انسحب من هذه الجزيرة الإستراتيجية “في بادرة حسن نية” بعدما “أتم الأهداف المحددة”، وقال إن الانسحاب “يهدف إلى إثبات أن موسكو لن تتدخل في جهود الأمم المتحدة لتنظيم صادرات الحبوب من أوكرانيا”.
والقنابل الفوسفورية أسلحة حارقة يحظر استعمالها ضد المدنيين، ولكن ليس ضد أهداف عسكرية بحسب الاتفاقيات الدولية، وسبق أن اتهمت كييف موسكو مرارا باستخدام هذه الأسلحة منذ نهاية فبراير/شباط حتى ضد مدنيين، الأمر الذي نفاه الجيش الروسي في شكل قاطع، علما أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدمت هذه القنابل في عدوانها على قطاع غزة.
معارك أوديسا
من ناحية أخرى، قُتل 21 شخصا الجمعة في ضربات استهدفت مباني في منطقة أوديسا في جنوب أوكرانيا نفّذتها ليلا قاذفات إستراتيجية، في هجوم وصفه الرئيس الأوكراني بأنه “ترهيب”.
وأعلنت قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الأوكراني أن طائرات توبوليف من طراز تو-22، وهي قاذفات إستراتيجية تعود لحقبة الحرب الباردة ومصمّمة لحمل شحنات نووية، أطلقت من فوق البحر الأسود صواريخ “كيه إتش 22” استهدفت مبنى سكنيا وأبنية سياحية.
وقالت السلطات الأوكرانية إن الصواريخ الروسية أصابت مبنى سكنيا في قرية سيرهيفكا مؤلف من 9 طوابق فدمرته بالكامل، كما أصابت منتجعا قرب ميناء أوديسا على البحر الأسود في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، وذلك بعد ساعات من طرد القوات الروسية من جزيرة الأفعى القريبة من ساحل أوديسا.
وبحسب الحصيلة الأخيرة التي أوردتها أجهزة الإغاثة على تليغرام مرفقة بصور لمبنى مدمّر بغالبيته، فإن الضربة التي أصابت المبنى السكني أوقعت 16 قتيلا و38 جريحا بينهم 6 أطفال، في حين أوقعت الضربة التي استهدفت المنتجع السياحي 5 قتلى بينهم طفل، وجريحا واحدا.
ونفى الكرملين استهداف مدنيين في منطقة أوديسا، وقال المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف للصحفيين “أود أن أذكركم بكلمات الرئيس، وهي أن القوات المسلحة الروسية لا تتعامل مع أهداف مدنية”.
ليسيتشانسك
وفي مدينة ليسيتشانسك الواقعة في حوض دونباس الصناعي في شرق أوكرانيا حيث يتركز الجزء الأكبر من المعارك، أقر الرئيس الأوكراني أن الوضع يبقى “صعبا للغاية” في المدينة.
والجمعة أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن “القوات (الروسية) أصبحت عند مشارف ليسيتشانسك” وقالت إن “الجيش الأوكراني يتكبّد خسائر فادحة”.
كما أعلنت موسكو سيطرتها على مصفاة النفط في المدينة، وهي ثاني أكبر مصفاة في البلاد، وبثت وسائل إعلام حكومية روسية صورا لسيطرة القوات الروسية على المصفاة. وأنشأت المصفاة في العام 1976 وتصل طاقتها الإنتاجية إلى 16 مليون برميل سنويا.
بالمقابل، قالت قيادة أركان الجيش الأوكراني إن القوات الروسية اقتحمت المصفاة من دون أن تسيطر عليها بالكامل، كما أكدت إحباط هجوم للقوات الروسية على مصنع في ليسيتشانسك.
وأعلن حاكم منطقة لوغانسك، سيرغي غايداي، على تليغرام أن “الإجلاء من ليسيتشانسك متعذّر في الوقت الراهن” لأن الروس “يحاولون تطويق جيشنا من جهتي الجنوب والغرب” قرب المدينة.
وقال مراسل الجزيرة إن القصف المدفعي على ليسيتشانسك استهدف مركزين تجاريين ومباني سكنية، وإن معارك شديدة تدور في محيط المدينة.
وتعتبر ليسيتشانسك آخر مدينة كبيرة خارج سيطرة الروس في منطقة لوغانسك إحدى محافظتي منطقة دونباس التي تريد موسكو السيطرة عليها كليا.
خاركيف وخيرسون
وفي منطقة خاركيف (شمال-شرق) أعلن الحاكم أوليغ سينيغوبوف الجمعة سقوط 4 قتلى و3 جرحى في الساعات الـ24 الأخيرة، وفي خيرسون جنوبا، ضربت مروحيات أوكرانية تجمعا للقوات والعتاد العسكري الروسي قرب بلدة بيلوزيركا وفق ما أفاد الجيش الأوكراني الجمعة، مشيرا إلى سقوط “35 قتيلا” في صفوف الجيش الروسي وتدمير آليات مدرعة تابعة له.
طلب أوكراني من تركيا
على صعيد آخر، طلبت أوكرانيا الجمعة من تركيا احتجاز سفينة محملة بنحو 4500 طن من الحبوب ترفع العلم الروسي عقب مغادرتها الخميس ميناء بيرديانسك جنوب شرقي أوكرانيا.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأوكرانية -نقلا عن معلومات وردت من الإدارة البحرية في بلاده- إنه تم تحميل السفينة “زيبيك زولي” بشحنة حبوب أوكرانية من ميناء بيرديانسك على البحر الأسود، وهو ميناء تسيطر عليه القوات الروسية، ويقع غرب ميناء ماريوبول.
وفي رسالة موقعة بتاريخ 30 يونيو/حزيران الماضي موجهة لوزارة العدل التركي، طلب مكتب النائب العام الأوكراني احتجاز السفينة، لأن الأمر يتعلق بتصدير غير قانوني للحبوب من ميناء بيرديانسك إلى ميناء كاراسو شمالي تركيا.
وكان السفير الأوكراني في أنقرة فاسيل بودنار قد اتهم روسيا مطلع يونيو/حزيران بسرقة الحبوب وتصديرها إلى تركيا، وقال حينها “تسرق روسيا بلا خجل الحبوب من أوكرانيا وتصدرها من شبه جزيرة القرم إلى الخارج، وخصوصا إلى تركيا”، وأضاف “لقد طلبنا مساعدة تركيا لحل المشكلة”.
من جهته، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأسبوع الماضي أن بلاده تحقق في تلك الاتهامات.
وتتهم كييف موسكو بسرقة الحبوب من الأراضي الأوكرانية التي احتلتها منذ بدء الحرب في نهاية فبراير/شباط الماضي، وهو ما ينفيه الكرملين.