اقتصاد

ركود محتمل يهدد فيسبوك وسناب شات.. هل ستنهار شركات التكنولوجيا الكبرى؟

حذّر الرئيس التنفيذي لشركة غوغل من أن “الأيام الجيّدة” قد ولّت بعدما أبلغ عمالقة التكنولوجيا عن تباطؤ النمو وخفض التوظيف، وأنها تستعد لركود اقتصادي ومستقبل غير مؤكد مما يثير بدوره المزيد من القلق الاقتصادي.

وفي تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” (The Washington Post)، قال الكاتبان راشيل ليرمان وجيريت دي فينك إن أكبر شركات التكنولوجيا -التي من المتوقّع أن تعلن معظمها عن أرباحها ربع السنوية الأسبوع الجاري- قدمت تلميحات حديثة عن أنها تتجه نحو الركود، كما أصبحت أخبار تسريح العمال وتباطؤ التوظيف شائعة في جميع أنحاء وادي السيليكون، وتقول الشركات الناشئة إن رأس المال آخذ في الجفاف، بينما يتم إخطار العمال بأن طريقة تسيير الأعمال التجارية تتغير.

وفي الوقت نفسه، فإن القضيّة التي تجمع بين تويتر وإلون ماسك التي طال أمدها، ما تزال متشابكة في المحكمة والنتيجة غير مؤكدة، وهي نقطة أوضحتها الشركة لأنها أبلغت عن أرقام مخيبة للآمال. علاوة على ذلك، تشهد أمازون حركة عمالية متنامية، ويواجه فيسبوك مناخًا إعلانيًّا جديدًا، وتهدد الجهات التنظيمية محليًّا وخارجيًّا بشن إجراءات صارمة على الصناعة كلها.

وأوضح الكاتبان أن سهم شركة سناب شات انخفض إلى ما يقارب 40%، وذلك في اليوم التالي للإعلان عن نمو الإيرادات بشكل أسوأ من المتوقع، ورفضها تقديم توقعات للأرباح المستقبلية بسبب “الشكوك المتعلقة ببيئة التشغيل”، كما أشارت “نتفليكس” (Netflix) إلى وجود عوامل مثل “تباطؤ النمو الاقتصادي” حيث فقدت عددًا من المشتركين.

وذكر الكاتبان أن المحللين يتوقّعون أن تكون أرقام الأسبوع الجاري الصادرة عن “أمازون” و”مايكروسوفت” و”غوغل” و”فيسبوك” و”آبل” بمثابة أقوى توضيح حتى الآن عن كيفية تعامل هذه الشركات مع الوضع خلال الأشهر المقبلة، وبالفعل هذا الأسبوع أعلنت بلومبيرغ عن تباطؤ التوظيف والإنفاق في شركة “آبل”، وهي الأخبار التي تسببت في انخفاض مؤشرات سوق الأسهم الرئيسية.

وبحسب الكاتبيْن، قال ترايسي كلايتون المتحدث باسم “ميتا” (META) الشركة المالكة للعلامة التجارية لفيسبوك إن الشركة ستواصل إجراء تغييرات على بعض الأجزاء من أعمالها بسبب البيئة الاقتصادية الأكبر. في المقابل، لم تستجب آبل وأمازون لطلبات التعليق، بينما رفضت كل من غوغل وتويتر وسناب شات التعليق.

ووضّح الكاتبان أن تجميد التوظيف في مجال التكنولوجيا والتوقعات المتشائمة تتناقض بشكل صارخ مع سمعة الشركات التقليدية المحصّنة والمعروفة بالنمو غير المقيد، مما أثار مخاوف بعض الاقتصاديين والمستثمرين في وول ستريت.

وعلى مدى العقد الماضي، شهدت شركات التكنولوجيا تقدّمًا كبيرًا، حيث وظفت عشرات الآلاف من العمال وحشدت مبالغ نقدية ضخمة من خلال الأرباح المتزايدة والمتواصلة، واستمرت أسعار أسهم بعض الشركات -مثل أمازون ومايكروسوفت وآبل وغوغل- في الارتفاع، وسيطرت على البورصات وحوّلت العديد من المستثمرين إلى أغنياء.

وبيَّن الكاتبان أنه نظرًا لأن هذه الشركات هي من أكثر الشركات قيمة حول العالم، فإنها تحظى أيضًا بنفوذ كبير على تصورات الاقتصاد، ويرجع ذلك جزئيًًا إلى طبيعة أعمالها التي تعتمد على نقرات المستهلك والإنفاق. وبالتالي فإن من المؤكد أن أيَّ تراجع في الطلب على ورق التواليت الذي تبيعه أمازون أو سيارات “تيسلا” أو هواتف “آيفون”، بالإضافة إلى تراجع عدد الإعلانات التي يتم شراؤها على منصة إنستغرام أو غوغل، من شأنه أن يخلق توترًا في مجالات أخرى.

وأفاد الكاتبان بأن شركات التكنولوجيا كانت تلمّح إلى المستثمرين منذ شهور بأن أوقات الازدهار تقترب من نهايتها، وكانت أمازون واحدة من أوائل عمالقة التكنولوجيا الذين حذروا في وقت سابق من هذا العام من أنها وظفت عددًا كبيرًا جدًا من عمال المستودعات وتوقعت زيادة الطلب، لكنها شهدت بدلًا من ذلك تراجعًا مع وقف الإغلاق المتعلق بفيروس كورونا وتلاشي العادات التي انتشرت خلال الوباء.

وأضاف الكاتبان أن شركة “تيسلا” أبلغت عن أرباح أفضل من المتوقع يوم الأربعاء الماضي، لكن رغم ذلك قال إيلون ماسك في وقت سابق من هذا الصيف إنه يراوده “شعور سيئ للغاية” بشأن الاقتصاد، وتوقع أن تخفض شركة صناعة السيارات رواتب عمالها بنحو 10%.

علاوة على ذلك، قال سوندار بيتشاي الرئيس التنفيذي لشركة “ألفابيت” (Alphabet) -الشركة الأم لغوغل- إنها ستخفض وتيرتها المحمومة في التوظيف، وسيتم تجنيد الموظفين الجدد في الأدوار الهندسية والفنية الأخرى.

وفي وقت سابق من هذا العام، أعلن موقع فيسبوك لأول مرة عن انخفاض في عدد المستخدمين وهو ما اقترن بالمنافسة المتزايدة، وانخفاض توقعات الإيرادات، وعقبات الإعلانات التجارية، مما أدى أيضا إلى انخفاض أسعار أسهمه بنسبة 50%.

ومن أجل مجابهة الانكماش الاقتصادي، طلبت شركة فيسبوك من المديرين الهندسيين استبعاد الموظفين ذوي الأداء المنخفض. وعليه، كتب رئيس قسم الهندسة في الشركة في مذكرة: “إذا كان التقرير المباشر لخدمات الموظفين منخفض الأداء، فهم ليسوا من نحتاج إليهم، بل هم سبب فشل هذه الشركة”، كما أفادت بلومبيرغ أن مايكروسوفت قد قامت مؤخرًا بإزالة قوائم الوظائف المفتوحة من الإنترنت.

وأشار الكاتبان إلى أن خبراء السوق يقولون إنه يمكن لهذه النبوءة أن تتحقق من تلقاء نفسها، إذا ما تفاعلت الشركات الأخرى على الفور مع تراجع شركات التكنولوجيا الكبرى من خلال تشديد أعمالها التجارية الخاصة. ولكن هذه التحركات لا تعد بسيطة، حيث يشعر كثيرون باستعداد مجال التكنولوجيا لتدهور اقتصادي بسبب تراجع مقاييس الأعمال، حيث تقول كريستينا هوبر كبيرة إستراتيجيي السوق العالمية في شركة “إنفيسكو” (Invesco): “يرى البعض أن هذا الأمر إيجابي نظرًا للانضباط الذي أصبحت تتبعه الشركات”.

ويقول الكاتبان إنه خلال الجائحة، كانت شركات التكنولوجيا الكبرى أكثر نجاحًا من العديد من الصناعات الأخرى، مما أتاح لها مجالا للتراجع، حيث قال جيسون فورمان أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد: “لم يتعطل الكثير من العمل خلال الجائحة، لذلك لم يكن لديها نفس النقص الذي يظهر حاليا. وبالتالي، ليس من المفاجئ أن يبدو الاقتصاد وكأنه يتجه نحو رقعة أكثر تحديًا وتتطلب إعادة الضبط”.

وقال المحللون إنه على الرغم من ضعف الأرقام المتوقعة على نطاق واسع، فإن العديد من الشركات قد خفضت بالفعل توقعاتها كثيرًا، لدرجة أن الأرباح قد لا تكون بالسوء الذي كان يُخيف البعض.

ومنذ أشهر، ومع تباطؤ استثمارات رأس المال الاستثماري الجديدة وإعلان العديد من الشركات الناشئة عن تسريح العمال خلال الربيع وأوائل الصيف، دقت شركات التكنولوجيا الصغيرة ناقوس الخطر.

ومن جهتها، تعطي المؤشرات الاقتصادية الأخرى صورة متباينة عن اتجاه الاقتصاد. ورغم تشاؤم الأميركيين بشأن الأسعار المرتفعة، فإنهم لا يزالون ينفقون أموالهم، ورغم أن وتيرة التوظيف الجديدة لم تكن بالسرعة التي كانت عليها قبل بضعة أشهر، فإنها لا تزال بعيدة كل البعد عن التلاشي، ولا يزال بعض الاقتصاديين والمحللين الماليين يتوقعون حدوث ركود في وقت لاحق من هذا العام أو في عام 2023، معلنين أنه لن يكون مؤلمًا مثل الركود الذي أعقب الأزمة المالية عام 2008.

ونقل الكاتبان عن دوج كلينتون، الشريك الإداري في شركة “لوب فينشرز” (Lube Ventures)، قوله إن “علامات الركود في صناعة التكنولوجيا كانت تلوح في الأفق منذ مدة طويلة، تزامنًا مع توفر أموال استثمارية جديدة مجانًا لدرجة أن بعض الشركات قد أصبحت متضخمة بالموارد التي لم تكن بحاجة إليها بالضرورة”، مضيفًا: “عندما يتغير العالم ويصبح رأس المال أكثر إحكامًا، يكتشف الجميع أنهم لا يحتاجون إلى طاقم عمل كبير. قائلين إن هناك فرقا كبيرا بين أوقات الازدهار والأوقات العصيبة”.

ووفقًا لبيانات من موقع “إنديد” (Indeed)، فلا تزال الوظائف ثابتة إلى حد كبير في جميع أنحاء الاقتصاد بأكمله. وبحسب تحليل في “إنديد” لعالمة الاقتصاد آن إليزابيث كونكيل، فقد انخفضت الوظائف الشاغرة في مجال تطوير البرمجيات بنسبة تزيد على 12% في الأسابيع الأربعة الماضية، كما قالت إن سوق العمل قوي بشكل عام، لكن الطلب على العاملين في مجال التكنولوجيا على وجه التحديد هو ما يتباطأ قليلاً.

واختتم الكاتبان التقرير بما كتبه جاي بيرغر الخبير الاقتصادي في “لينكد إن” (LinkedIn):” لقد انخفض التوظيف الإجمالي إلى أدنى معدل له منذ ديسمبر/كانون الأول 2021، مما يشير إلى أن الظروف المالية الشديدة وتراجع الطلب قد يضران بسوق العمل في الولايات المتحدة”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى