الاخبار العاجلةسياسة

خبير أميركي: ما “التحالف الكابوس” الذي تخشاه واشنطن؟

في مقابلة مع الأستاذ جون إيكنبيري من جامعة برينستون تحدّث عن التحالفات والنظام العالمي الجديد، وصراع الشرق والغرب على قيادة العالم وعلى ولاء دول الجنوب، لافتا إلى أن ثمة تحالفا لو تم فسيكون كابوسا حقيقيا لواشنطن.

ولفت إيكنبيري، في هذا الصدد، إلى القمم التي شهدها العالم هذا العام وما تمخض عنها من تجاذبات وبوادر تحالفات جديدة، مبرزا بالذات قمم مجموعة السبع في اليابان، والبريكس في جنوب أفريقيا، والآسيان في إندونيسيا، ومجموعة العشرين في نيودلهي، ناهيك عن تقاطر زعماء دول العالم على نيويورك في وقت لاحق من هذا العام لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلا عن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ “كوب 28” في دبي قبل نهاية 2023.

وفي الوقت الذي تتنافس فيه الولايات المتحدة والصين على النفوذ -حسب ما يقول إيكنبيري- شعرت بقيّة دول العالم بالضغط للانحياز إلى أحد الجانبين، أو تشكيل تحالفات جديدة، أو تحقيق أقصى استفادة من البقاء على الحياد.

وذكر هذا الخبير، وهو أحد منظري العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، أننا نعيش اليوم في عالم مجزأ تلاشى فيه ما كان يروج له من تقارب بين الاقتصاد العالمي ونظام الأمن العالمي.

النظام العالمي المتعدد الأطراف

وأضاف الخبير الأميركي -في مقابلته مع مجلة “فورين بوليسي” الأميركية- أن الحرب الروسية على أوكرانيا لم توحّد العالم، بل أتاحت الفرصة للديمقراطيات الصناعية الغنية في العالم للمضي قدما إلى الأمام، ليس فقط لدعم أوكرانيا بل وأيضًا لإعادة تأكيد أهمية النظام العالمي المتعدد الأطراف الذي أنشأته هذه البلدان ورعته على امتداد الأعوام الـ75 الماضية.

وأوضح، في حديثه للمحرر بالمجلة رافي أغراوال، أن مجموعة السبع هي المكان الذي تولد فيه الليبرالية والأممية الليبرالية من جديد. وهي تلعب دورًا في بناء التحالفات، ووضع الأجندة، وتقديم الأفكار لأجندة الحوكمة العالمية. وهي من المؤسسات القليلة التي تتمتع بمجموعة من الخصائص المتوافقة مع الوضع الراهن، فضلا عن كونها تمتد عبر المحيط الهادي والمحيط الأطلسي، على حد تعبيره.

وأضاف أن قوة مجموعة السبع تكمن في كونها منظمة تجمع دولا ذات تفكير متطابق، لذلك لا يتعين عليها عبور الحواجز التي تحول دون تجاوز الديمقراطية مقابل الاستبداد، كما تتمتع هذه المجموعة بروح القيادة المشتركة، حيث يتم تمرير الراية كل عام إلى عضو آخر يتولى زمام المبادرة في وضع أجندة المجموعة.

وفي سؤاله عن الإنجازات التي حققتها مجموعة السبع هذا العام، أورد جون أنه تم تحقيق عديد من النجاحات في وضع أجندة من اجتماع مجموعة السبعة في هيروشيما. لقد نجحت اليابان في إقناع التحالف بالتوصل إلى اتفاق صريح وقوي بشأن دعم أوكرانيا.

كما أسهمت هذه المجموعة، حسب قوله، في خلق مستوى جديد من الثقة ووضعوا أجندة للعمل معًا، بما في ذلك العمل الثنائي بين سول وطوكيو.

3 عوالم

وعندما سأل أغراوال عن النفوذ المتزايد للدول المتأرجحة على غرار الهند، التي استضافت مجموعة العشرين وكانت على هامش مجموعة السبعة وتريد أن يُنظر إليها على أنها صوت الجنوب العالمي، أوضح إيكنبيري أن الأزمة في أوكرانيا جعلت العالم ينقسم إلى 3 عوالم، حيث يوجد الغرب العالمي الذي لا يشترك في الموقع الجغرافي فحسب، بل في القيم والمصالح والتقاليد، وهناك الشرق العالمي الذي يضم روسيا والصين، فضلا عن الجنوب العالمي، وهو العالم المتأرجح، ويمثل الجزء الذي لا يلتزم بتحالفات أو أيديولوجية مع دول الشرق أو الغرب.

اقرأ ايضاً
الأميرة هيفاء المقرن: "إن اختيار المملكة جاء لدورها البارز في دعم التراث العالمي

وأشار إلى أن الشرق والغرب يتنافسان على هذه الدول المتأرجحة، الأمر الذي يعطيها نفوذا متزايدا.

وفي ما يتعلّق بمجموعة البريكس وتحرّكها الأخير للتوسع ليشمل دولًا مثل إيران، وموقف الغرب من ذلك، قال إيكنبيري إن مجموعة البريكس من التكتلات المهمة التي تحركها أجندات مختلفة، مبرزا أن موقف بكين، ونيودلهي، وموسكو من مجموعة البريكس ليس منسجما.

لكن الخبير أبرز أن ثمة جهدا حقيقيا لخلق جبهة مشتركة للدفع باتجاه نظام عالمي ما بعد الغرب، مشيرا إلى أن مجموعة البريكس تحد للهيمنة الغربية، لكنها ليست بالضرورة نظامًا جديدًا واضح المعالم.

وأوضح أن هناك الكثير من الخلافات المتنوعة داخل هذه المجموعة، ومع تزايد حجمها ستنمو هذه الخلافات وتجعل من الصعب تحديد رؤية لمجموعة من الإصلاحات الإيجابية.

وقال إن هناك منافسة على تحديد الشكل الذي سيبدو عليه عالم يضم دولا ذات قيم مختلفة، مرجحا، في هذا الصدد، أن تكون لدى الصين رؤية لما بعد الغرب الأكثر تطورًا، ولدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رؤية أكثر تدميرا لتقويض الهيمنة الأميركية.

ومن الواضح، حسب قول الخبير، أن مجموعة السبع تريد أن تجعل العالم أكثر أمانا للدول الديمقراطية، وهذا هو المكان الذي تتمتع فيه الديمقراطيات الليبرالية بميزة على الصين في ما يتعلق بالتنمية الرأسمالية ونقل التكنولوجيا والوصول إلى التجارة.

وهذا ما دفعه للاستنتاج أن هناك فرصة حقيقية لمواقع القوة الراسخة الأخرى في العالم لتعزيز مواقعها من خلال بناء هذه التحالفات.

التحالف الكابوس

وفي ما يتعلق بالتحالف الكابوس الذي تخشاه الولايات المتحدة وكذلك الصين، يقول إيكنبيري بالنسبة إلى الولايات المتحدة وشركائها، سيكون التحالف الكابوس هو أن يتجه الجنوب العالمي -ولكن الأهم من ذلك الهند- نحو الصين ويعزز نظاما من شأنه أن يستبعد الغرب.

وأضاف أن هذا التحالف سيصبح كابوسا إذا تكتّلت هذه التجمعات على النحو الذي يجعل الغرب نظامًا أصغر حجمًا وأقل عالمية، مشيرا إلى أن هذا الكابوس المحتمل يعد دافعا جيوستراتيجيا إضافيا قويا للبلدان الغربية للانفتاح أكثر وتبني الحجج التي تجعل النظام الدولي الليبرالي نظامًا يمكن البناء عليه وتوسيعه لخدمة مصلحة دول خارج العالم التقليدي الذي أسّس هذا النظام الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية.

ولفت إلى أن الكابوس، بالنسبة إلى الصين، سيبرز إذا حدث انفصال حاد بينها وبين الدول التي كانت تاريخيًا -على الأقل من وجهة نظر بكين- جزءًا من تحالفها، مشيرا إلى أن بكين، تنظر منذ حقبة زعيمها الراحل ماو تسي تونغ إلى نفسها باعتبارها المتحدث باسم العالم النامي والجنوب العالمي.

وختم إيكنبيري بالقول إنه لا يرى، في الوقت الحالي، أن العالم يتجه لأي من هذين الكابوسين في المدى القريب، على الأقل، لأن الكثير من دول العالم ترغب في الحفاظ على حيادها وإبقاء خياراتها مفتوحة وإقامة علاقات جيدة مع كل من الصين والولايات المتحدة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى