الاخبار العاجلةسياسة

جدل واسع بتونس بعد اكتشاف تضارب في أرقام هيئة الانتخابات حول نسب المشاركة بالاستفتاء

تونس- واجهت هيئة الانتخابات في تونس سيلا جارفا من الانتقادات والاتهامات بتزوير نسب المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور، في حين أكدت الهيئة أن النتائج التي أعلنتها صحيحة وأن نتائجها الأولية قابلة للطعن أمام القضاء.

وكانت الهيئة نشرت مساء أمس الثلاثاء على صفحتها نتائج أولية للاستفتاء، قبل أن تقوم صباح اليوم بحذف هذه النتائج ونشر نتائج أخرى مكانها، تتضمن تغييرا كبيرا في الأرقام المعلنة بالنسبة لأغلب الدوائر الانتخابية (25 دائرة من أصل 33).

وتفجر منذ ساعات صباح اليوم جدل واسع النطاق على شبكات التواصل بعدما تم اكتشاف هذا التضارب في الأرقام التي أعلنتها هيئة الانتخابات مساء أمس وبين الأرقام التي نشرتها صباح اليوم.

 

شكوك في الهيئة

وزاد في شكوك المعارضة بوجود شبهات تزوير في نسب المشاركة بالاستفتاء على الدستور الجديد الذي جرى أول أمس الاثنين؛ سحبُ الهيئة من صفحتها الرسمية نتائج المشاركة المنشورة أمس.

وكتب الناشط السياسي المعارض في جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك على صفحته في فيسبوك إن المعارضة سترفع دعوى قضائية ضد هيئة الانتخابات “بعد ثبوت تورطها بالوثائق بتهمة التدليس ومسك مدلس وتداوله”.

وبينما أخذت رقعة الجدل بشأن هذا التضارب في الأرقام تتسع بسرعة على منصات التواصل، سارعت أحزاب معارضة في عقد ندوات لفضح ما اعتبرته شبهات تزوير، في حين طالبت منظمات رقابية بإعادة فرز الأصوات.

ويقول الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أحد الأحزاب المشاركة في حملة المقاطعة لإسقاط الاستفتاء؛ إن هيئة الانتخابات تورطت في تزوير الأرقام المتعلقة بنسب المشاركة بعد ضخ آلاف الأصوات.

ويضيف للجزيرة نت “يبدو أن الأرقام التي أعلنت عنها هيئة الانتخابات في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء لم تنل رضا رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي صدم بحجم المقاطعة لذلك أدخلت تعديلات لتضخيم نسب المشاركة”.

 

تضخيم متعمد

ويقول الشابي إن هدف هيئة الانتخابات من إدخال تلك التعديلات وتضخيم نسبة المشاركة؛ هو محاولة إضفاء مشروعية على الاستفتاء، معتبرا أنها هيئة غير مستقلة ومنحازة للرئيس سعيد الذي عيّن عددا من أعضائها.

ويرى أن هيئة الانتخابات قامت بعمل ارتجالي على شاكلة الطريقة التي أعد بها الرئيس قيس سعيد مشروع الدستور، في إشارة إلى إقرار الرئيس بتسرب أخطاء لمشروع الدستور في نسخته الأولى التي تم نشرها بالجريدة الرسمية والتي تضمنت 46 خطأ.

ويقول الأمين العام للحزب الجمهوري إن هذا الارتباك في عمل الهيئة مرده تلقي رئيس الجمهورية قيس سعيد “صفعة مدوية” بسبب عدم توجه 75% من الجسم الانتخابي (أكثر من 9 ملايين) إلى الاستفتاء، مما جعل سرديته بأنه يمثل إرادة الشعب “تسقط بالماء”.

ويضيف الشابي أن ما حصل من شبهات تزوير من قبل هيئة الانتخابات المنصبة من قيس سعيد يمثل أكبر دليل على أن مشروعه سقط انتخابيا وسياسيا وأخلاقيا، مشددا على أن المعارضة ستكثف ضغطها من أجل إغلاق قوس الانقلاب.

ويعدد الشابي الأمثلة المغذية للشكوك تجاه هيئة الانتخابات؛ كعدم اعتراضها على التعديلات التي أدخلها الرئيس لإصلاح الأخطاء في مشروع دستوره رغم نشر النسخة الأولى لمشروع الدستور بالجريدة الرسمية وبعد انطلاق حملة الاستفتاء.

اقرأ ايضاً
ديفيد هيرست: تحالف قادة إسرائيل مع الفاشيين في أوروبا أكبر تهديد لليهود

كما يقول إن هيئة الانتخابات صمتت عن خرق الرئيس فترة الصمت الانتخابي عندما حث التونسيين يوم الاقتراع على التصويت لمشروعه، فضلا عن منعها أحد أعضائها من دخول المركز الإعلامي للهيئة “لوجود شبهات”.

إعادة فرز الأصوات

من جهة أخرى، طالبت عدة منظمات ناشطة في مراقبة نزاهة الانتخابات، هيئةَ الانتخابات بإعادة فرز الأصوات من جديد بسبب ما تمت ملاحظته من وجود تضارب في الأرقام بشأن نسبة مشاركة التونسيين بالاستفتاء.

وطالب كل من مرصد “شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية”، ومنظمة “أنا يقظ”، ومرصد “رقابة”، ومرصد “مراقبون”، بإعادة فرز أصوات المقترعين بسبب عدم تطابق الأرقام التي نشرتها هيئة الانتخابات أمس الثلاثاء واليوم.

وقالت منظمة “أنا يقظ” إن التضارب في الأرقام بهذا الشكل الصارخ ولأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات ليس من قبيل “تسرّب الأخطاء” باعتبار أن عدم التطابق في الأرقام تم رصده في 25 دائرة انتخابية من أصل 33 على مستوى كامل البلاد.

واعتبرت أن هذا التضارب “ينم عن نقص كبير في الخبرة والكفاءة ويجعل نتائج الاستفتاء موضعا للشك”، مطالبة بتشكيل لجنة تضم منظمات المجتمع المدني تتحلى بالاستقلالية الحقيقية للقيام بإعادة الفرز الأصوات وإعادة إعلان النتائج.

كما طالبت منظمة “أنا يقظ” بإتاحة الإمكانية للمواطنين للتثبت من قيامهم بالتصويت من عدمه حتى يتم التثبت من حقيقة نتائج الاستفتاء بشكل يضمن عدم “تزييف إرادة الناخب”.

من جهته، طالب مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية بضرورة إعادة فرز الأصوات المشاركة بالاستفتاء إثر حصول تضارب في أرقام هيئة الانتخابات، تحت رقابة محكمة المحاسبات وحضور الملاحظين المعتمدين.

وقالت رئيسة المرصد علا بن نجمة للجزيرة نت إن عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات “كان يغلب عليه الارتجال والارتباك، مما تسبب في المس من نزاهة العملية الانتخابية وعدم احترام المعايير الدولية”.

وأكدت أن هيئة الانتخابات تغافلت عن تطبيق القانون في عدة مناسبات بدءا من تغاضيها عن خرق الصمت الانتخابي من قبل قيس سعيد، وكذلك عدم جاهزيتها لإعداد الاستفتاء بشكل جيد بسبب ضيق الوقت الذي فُرض.

الهيئة تتبرأ

في المقابل أكدت هيئة الانتخابات أن عملية تجميع النتائج الخاصة باستفتاء 2022 تمت طبقا للقانون، لكنها أقرت في الوقت ذاته بتسرب خطأ مادي بإلحاق جدول غير معين من المشاركين في الاستفتاء ضمن ملحقات قرار النتائج المعلنة عنها.

وأكدت هيئة الانتخابات، في بيان لها اليوم، أن النتائج التي أعلنتها “صحيحة ولا تشوبها أية أخطاء، وأنها نشرت جميع التفاصيل التي تم عرضها بالمركز الإعلامي للهيئة (بقصر المؤتمرات في العاصمة) مباشرة بعد الانتهاء من الإعلان عن النتائج الأولية”.

وبلغت نسبة الناخبين الذين صوتوا على مشروع الدستور -في 25 يوليو/تموز الجاري- 30.5% من جسم انتخابي يقدر بأكثر من 9 ملايين. وبلغت نسبة الناخبين الذين صوتوا بنعم 94.60% مقابل 5.40% صوتوا بلا، وفق هيئة الانتخابات.

وشارك في عملية التصويت على مشروع الدستور أكثر من مليونين و830 ألف ناخب، بينما قاطع أكثر من 6 ملايين و400 ألف ناخب لاعتبارات مختلفة.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى