من أجل اقتصاد تنافسي.. سلطنة عُمان تبدأ بخصخصة 30 شركة لتطوير الأداء الحكومي
مسقط- من اقتصاد تسيطر عليه الحكومة إلى اقتصاد يعد القطاع الخاص أهم أركانه، خطة تقوم حكومة سلطنة عُمان على تنفيذها بخصخصة عدد من الشركات الحكومية وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص من أجل تطوير العمل في تلك الشركات.
جهاز الاستثمار العُماني، الذراع الاستثماري للحكومة، بدأ خطة للتخارج من نحو 30 شركة تابعة للجهاز خلال الـ5 السنوات المقبلة ستوفر نحو 2.5 مليار ريال عُماني يما يعادل نحو 6.4 مليارات دولار (الريال العُماني يساوي 2.60 دولار).
وتتمثل تلك المشروعات في قطاعات الطاقة والصناعة والسياحة والقطاع اللوجستي، وذلك بإتمام جاهزية طرح 3 استثمارات في بورصة مسقط، واحد منها مشروع صناعي تابع لجهاز الاستثمار مباشرة، والآخران تابعان لمجموعة “أوكيو”، وكذلك التخارج بشكل جزئي وكلي من مشروعين تابعين لمجموعة “أسياد”، وبصورة كلية من بعض الفنادق والمنتجعات التابعة لمجموعة “عمران”.
يستثمر الجهاز في أكثر من 35 دولة حول العالم، ويحتفظ بنسبة 65% إلى 85% من أصوله في الأصول المتداولة، ونسبة 15% إلى 35% في الأسواق الخاصة غير المتداولة.
الشيدي: الخطة تهدف لمشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني (الجزيرة)
إستراتيجية جديدة
ويرى مدير عام استثمارات التنويع الاقتصادي في جهاز الاستثمار العُماني، هشام بن أحمد الشيدي، أن جهاز الاستثمار العماني يعمل على تطبيق إستراتيجيته في التخارج من استثمارات محلية، وهي إستراتيجية تواكب خطط الحكومة العُمانية التي تعمل على مراجعة أعمال الشركات الحكومية بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها وقدرتها على الإسهام في اقتصاد البلاد.
وأضاف الشيدي، في حديث للجزيرة نت، أن عملية التخارج من الاستثمارات تعد أداة مهمة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، لافتا إلى أن الجهاز يتوجه إلى التخارج بنسبة قد تصل إلى 100% حسب الخطة والجدول الزمني المستهدف والمعتمد.
وعن أهداف عملية التخارج، قال مدير عام استثمارات التنويع الاقتصادي في جهاز الاستثمار العُماني إن العملية تهدف إلى تحقيق رؤية عمان 2040 التي تنص على بناء قطاع خاص ممكّن يقود اقتصادا تنافسيا ومندمجا مع الاقتصاد العالمي، ويكون قادرا على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والعالمية.
الخطة العُمانية تستهدف إعادة توجيه رؤوس الأموال وتحقيق السيولة المالية (الصحافة العُمانية)
وشدد على أن الخطة تهدف أيضا إلى إعادة توجيه رؤوس الأموال للقطاعات المُساهمة في التنويع الاقتصادي وتحقيق السيولة، بالإضافة إلى الإفراج عن رؤوس الأموال لتمويل النفقات الرأسمالية والمصروفات التشغيلية الملتزم بها، وإعادة تدوير الاستثمارات التي وصلت مرحلة النضج مع الاستثمارات التي لا تزال في مرحلة مبكرة من النمو.
وذكر الشيدي أن عملية التخارج تهدف إلى تكوين شراكات مع القطاع الخاص بما يشمل المستثمرين المحليين والدوليين، وكذلك المستثمرين الإستراتيجيين والماليين لتطوير أعمال الشركات والنهوض بها، وتعميق وتوسيع بورصة مسقط عن طريق الاكتتابات العامة الأولية أو الثانوية.
وحول مساهمة خطة التخارج في توفير فرص العمل، أوضح أن من أهداف التخارج من الاستثمارات القائمة إعادة تدوير رؤوس الأموال إلى استثمارات جديدة تُسهم في توفير فرص عمل في مختلف القطاعات، وكذلك فإن هذه الاستثمارات لن توفر فرص العمل فقط، بل تسهم أيضا في تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى سلطنة عُمان.
ميناء الدقم بعُمان يجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية (الجزيرة)
إيجابيات متعددة
أما الخبير الاقتصادي محمد الوردي، فيرى أن عملية التخارج ستؤدي إلى تحقيق العديد من الإيجابيات المباشرة وغير المباشرة على بيئة ومناخ الاستثمار في سلطنة عمان، أهمها العمل تدريجيا على تحويل الاقتصاد من اقتصاد تسيطر عليه الحكومة إلى اقتصاد يلعب فيه القطاع الخاص دورا مهما فيه، حيث سيسهم التخارج في تعزيز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف الوردي، في تصريح للجزيرة نت، أن هذه العملية تؤدي أيضا إلى تقليل التنافسية بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص بإشراك القطاع الخاص في الاستثمارات الحكومية، مما يعزز من تنافسية وجاذبية بيئة الأعمال في السلطنة بشكل كامل، فضلا عن توسيع بورصة مسقط حيث تعاني البورصة حاليا من شح السيولة وقلة الشركات المطروحة بها.
وشدد على أن التخارج سيؤدي إلى جذب المزيد من السيولة وتوسيع عمق البورصة ويعزز مكانتها في تحسين البيئة الاستثمارية بالسلطنة وتحسين فاعليتها في جذب التمويل اللازم في جذب المشاريع الاقتصادية بالسلطنة بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية بالسلطنة، مما سيعزز التنافسية الإنتاجية من خلال إدخال خبرات وتقنيات جديدة تعزز الإنتاجية في البلاد.
وخلص الوردي إلى أن عملية التخارج ستعزز المكانة الاستثمارية للسلطنة على الخريطة الدولية، فضلا عن استغلال الإيرادات المالية المحصلة لتعزيز موازنة الدولة وسداد الديون والدخول في استثمارات جديدة، مما سيعمل على تعزيز الوضع المالي والاقتصادي للسلطنة ويرفع من تصنيفها الائتماني.
وفي ما يخص الاستثمارات الأجنبية في البلاد، كشف الخبير الاقتصادي عن أن الاستثمار الأجنبي المباشر في سلطنة عُمان بلغ في نهاية الربع الأول لعام 2022 نحو 18 مليار ريال عُماني، مرتفعا بنسبة 19% مقارنة بالفترة المماثلة من 2021.