الاخبار العاجلةسياسة

اقتحام الصدريين للبرلمان العراقي يُعقد العملية السياسية ويفتح الباب لسيناريوهات جديدة

عاش العراقيون أمس الأربعاء، يوما عصيبا، عقب اقتحام آلاف من أتباع التيار الصدري المنطقة الخضراء وسط بغداد شديدة التحصين ودخول مبنى البرلمان، فيما تبرز عدة سيناريوهات لإنهاء أزمة تشكيل الحكومة الجديدة.

وفجّر ترشيح قوى الإطار التنسيقي، القيادي السابق في حزب الدعوة محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة المقبلة، احتجاجات واسعة، ومواقف متشنجة من التيار الصدري، الذي رأى في تلك الخطوة استفزازا كبيرا لزعيمه مقتدى الصدر، الغائب عن مشاورات تشكيل الحكومة.

وبينما كان مئات المتظاهرين، متجمعين عصر الأربعاء في ساحة التحرير في بغداد، في الجهة المحاذية للمنطقة الخضراء، توجهوا بشكل مفاجئ نحو المنطقة الخضراء، وصولا إلى مبنى البرلمان، فيما سادت حالة من القلق والإرباك لدى الشارع العراقي، خاصة أن بعض العائلات داخل المنطقة الخضراء، خرجت من منازلها إلى مناطق أبعد.

“جرة إذن”

وبعد ساعات على الاقتحام دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أنصاره إلى الانسحاب منه، قائلا “وصلت رسالتكم.. إن ما حدث ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد .. وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين..” واعتبر الصدر أن ما تم هو “جرة إذن .. صلوا ركعتين وعودوا لمنازلكم سالمين”.

وأثارت تلك التطورات، تساؤلات الشارع العراقي، عن خطوات الصدر، ورؤيته حيال الحكومة الجديدة، خاصة أنه انسحب من مشاورات تشكيلها، كما أمر نوابه الـ(73) بالاستقالة من المجلس، وفيما إذا كانت لديه اعتراضات على شخص محمد السوداني، أو الطريقة التي رُشح بها.

هنا، يقول القيادي في ائتلاف دولة القانون، ضمن الإطار التنسيقي، وائل الركابي، إن “التظاهر السلمي حق مشروع ودستوري، لكنه لا ينبغي أن يخرق المؤسسة التشريعية، التي تحظى بالاحترام، فضلاً عن ضرورة التزام الجهات الأمنية بحماية تلك المنطقة وليس العكس”.

وائل الركابي - الجزيرة نت
الركابي: الإطار سيمضي بتشكيل الحكومة الجديدة (الجزيرة نت)

الإطار يتجاهل اعتراضات الصدر

وردا على الأنباء التي تحدثت عن تعطل مشاورات تشكيل الحكومة، أكد الركابي في تصريح للجزيرة نت، أن “الإطار سيمضي بتشكيل الحكومة الجديدة، وكما هو مخطط له، وسيتم عقد جلسة للبرلمان خاصة بذلك يوم السبت المقبل، لأننا نعتقد أن على الجميع انتظار تشكيل الحكومة، وتقييم أدائها لمدة كافية، ومن ثم الحكم عليها”.

ويرى الركابي، أن “توقيت التظاهرات غير صائب، فالحكومة لم تتشكل بعد، ولم يصدر منها فشل، ولو حصل ذلك فيمكن المطالبة باستقالتها”.

وفي تفسيرها لما حصل، فإن قوى الإطار التنسيقي اتهمت التيار الصدري بإثارة الفوضى، وضرب السلم الأهلي، فيما طالبت حكومة مصطفى الكاظمي بالتدخل.

وذكر بيان صدر عن قوى الإطار التنسيقي، أنه “بعد أن أكملت قوى الإطار التنسيقي الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية واتفقت بالإجماع على ترشيح شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة رصدت تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي”.

وأشار البيان إلى أن “ما جرى اليوم (…) يثير الشبهات بشكل كبير”.

2022 7 PROTESTS
جانب من احتجاجات أنصار للتيار الصدري في مبنى البرلمان (رويترز)

مصير ترشيح السوداني

وتبدو قوى الإطار التنسيقي غير مكترثة بالاعتراضات الصدرية حول شخصية السوداني وآلية اختياره، فبينما كانت حشود الصدريين تتجول في أروقة البرلمان، كانت قوى الإطار التنسيقي، تعقد اجتماعا في المنطقة الخضراء بالقرب من البرلمان، لبحث تشكيل الحكومة الجديدة، وذكرت أنباء أن الاجتماع عُقد بحضور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني، فيما بدت أنها رسائل إلى الصدر، بالمضي في هذا المسار، دون الالتفات إلى الشارع.

وفي غمرة الاحتجاج الصدري، سرت أنباء عن قرب انسحاب السوداني من الترشح لرئاسة الوزراء استجابة لضغط الشارع، لكن وسائل إعلام محلية، ووكالات أنباء، نقلت عن مصادر مقربة من الأخير، أن تلك الأنباء عارية عن الصحة وأنه لا يرغب بذلك، بل سيلجأ إلى الحوار مع مختلف الأطراف السياسية.

وردا على خطوات التنسيقي، يقول عضو في التيار الصدري للجزيرة نت إن “قوى الإطار، لا يمكنها تجاهل الصدر بشكل تام والاستئثار بتشكيل الحكومة الجديدة، على رغم الانسحاب من البرلمان، فما زالت الجماهير الصدرية باقية، ولهم دور سياسي كبير لا يمكن نكرانه، لذلك فإن مراعاة رغبة الصدر وأنصاره، بمعادلة الحكم المقبلة، ستعود بالنفع على الجميع، بما فيها قوى الإطار التنسيقي”.

وبشأن مطالب للصدر، قال عضو التيار، الذي رفض الكشف عن اسمه، إن “الصدر يسعى أولاً إلى ترشيح شخصية مستقلة بالمعنى الحقيقي، وليس ظلا لجهة أو لحزب معروف، فضلا عن تغيير آلية اختيار أعضاء الحكومة، والابتعاد عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وتقديم كفاءات لتسلم المناصب المهمة”، مشيرا إلى أن “هذه الرؤية لعبور المرحلة الحالية، وليست إستراتيجية، ومن الممكن أن نشهد تحركات أخرى، قد تعرقل مسار تشكيل الحكومة، في حال تجاهل رؤية التيار الصدري”.

باسل حسين الجزيرة نت
حسين: هناك عدة سيناريوهات قد يشهدها العراق بعد حادثة اقتحام البرلمان (الجزيرة نت)

سيناريوهات متعددة

وبانسحاب الصدر من مشاورات تشكيل الحكومة، واستقالة نوابه، فقد أدواته السياسية، وفسح المجال أمام خصومه من قوى الإطار التنسيقي، لتسلم زمام المبادرة، وقيادة مباحثات تأليف التشكيلة الوزارية، لكنه في المقابل لجأ إلى الضغط الجماهيري، لتوجيه بوصلة المسارات السياسية وتحقيق أهدافه، ما يفتح الباب واسعا أمام سيناريوهات متعددة، قد تحول دون أن ترى الحكومة المقبلة النور.

الخبير في الشأن العراقي، باسل حسين، أشار إلى أن “هناك عدة سيناريوهات قد يشهدها العراق، خلال المرحلة المقبلة، من بينها انسحاب السوداني من سباق الترشح، وبقاء الكاظمي لفترة معينة مع إجراء انتخابات خلال عام واحد، أو مزيد من الأزمات السياسية إذا أصرّ الإطار التنسيقي على خططه دون الالتفات لاعتراضات الصدر، أو عدم الاستغناء عن السوداني ومحاولة البحث عن خيار وسطي باختيار شخصية توافقية لإدارة حكومة مهمتها إجراء انتخابات مبكرة أخرى”.

وبشأن إمكانية تراجع الإطار التنسيقي، قال حسين، للجزيرة نت، إن “على رغم بيان الإطار التنسيقي الذي تضمن الإصرار على المضي قدما بتشكيل الحكومة، والتمسك بترشيح محمد السوداني، لكن هذا البيان أمر طبيعي، لإدراك التنسيقي، أن تراجعه سيعني انكساره في صراعه مع الصدر، لكنه حتما سيفتح الباب لاحقا بالتراجع، من خلال ترك الأمر منوطا بإرادة المرشح محمد شياع، والقول إن انسحابه تم وفقا لرغبته وليس بطلب من الإطار التنسيقي رفعا للحرج”.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى