وول ستريت جورنال: غليان البلقان ينذر بنشوب صراعات أوروبية أخرى
قالت صحيفة وول ستريت جورنال (Wall Street Journal) الأميركية إن النزاع الحدودي بين كوسوفو وصربيا، إضافة للحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، من شأنه الحد من قدرة الاتحاد الأوروبي على إدارة أمن حدوده.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي سارعا إلى تهدئة التوتر بين كوسوفو وصربيا بعد التصعيد الأخير، وسط مخاوف من أن تقدم روسيا على توظيف النزاع بين البلدين لزعزعة استقرار أوروبا.
وتصاعدت التوترات بين صربيا وكوسوفو الأحد الماضي، قبل يوم من دخول قانون أعلنته حكومة كوسوفو حيز التنفيذ. ويُلزم القانون الجميع -بمن فيهم الصرب الذين يعيشون في كوسوفو- بالحصول على بطاقة هوية من إصدار السلطات الكوسوفية، وتغيير لوحات السيارات القادمة من صربيا المجاورة إلى لوحات من إصدار كوسوفو، وهو ما دفع السكان من الأقلية الصربية في شمال كوسوفو إلى الاحتجاج وقطع الطرق قرب معابر حدودية رئيسة، بحسب شرطة كوسوفو.
وهددت قوات الناتو المكلفة بحماية كوسوفو بالتدخل لمنع الخلاف من التصعيد إلى أبعد من الحرب الكلامية بين كوسوفو وصربيا. وقالت سلطات كوسوفو إن أعيرة نارية أطلقت يوم الأحد خلال مواجهة بين شرطة كوسوفو والصرب قرب الحدود الصربية، لكن لم يصب أحد بأذى.
وذكّرت الصحيفة بأن كوسوفو كانت من قبل جزءا من صربيا قبل أن تعلن الاستقلال عنها عام 2008، بعد صراع دموي انتهى بقصف الناتو صربيا من أجل إجبارها على الانسحاب من كوسوفو.
وما زالت هناك خلافات عميقة بين البلدين، خاصة في شمال كوسوفو الذي تقطنه أغلبية صربية، تعتبر خارج سيطرة حكومة كوسوفو.
ويرى الخبراء أن تجدد الصراع بين الجارتين يمثل اختبارا صعبا لقدرة الاتحاد الأوروبي على إدارة أزمة جديدة، بعد “الغزو” الروسي لأوكرانيا الذي أجهد أوروبا وأثر على قدرتها على التعامل مع التحديات الأمنية.
ويتمركز نحو 4 آلاف جندي من قوات الناتو في كوسوفو بموجب تفويض من الأمم المتحدة، فيما تتعاون صربيا عن كثب مع روسيا وتشترك في علاقات ثقافية ودينية عميقة مع موسكو.
وأورد تقرير وول ستريت جورنال تصريحا للمتحدث باسم قوات الناتو الأحد، جاء فيه أن قوات الناتو جاهزة للتدخل “إذا تعرض الأمن للخطر”. وفي تصريح أدلى به لوسائل الإعلام الروسية الرسمية، قال المتحدث باسم الكرملين إن روسيا ستدعم صربيا لكنها لن تتورط في أي صراع.
وحمّل رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي المسؤولية عن الاضطرابات التي اندلعت الأحد، على من سماهم “هياكل غير قانونية” صربية، قال إنها تتعمد إثارة المشاكل في بلاده.
ونقلت وول ستريت جورنال عن رئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش، قوله في تصريح أدلى به لوسائل إعلام الأحد “سوف ندعو للسلام، لكنني سأقول لكم من الآن: لن يكون هناك استسلام، وصربيا ستنتصر”.
وقد تم نزع فتيل الأزمة في وقت متأخر من مساء الأحد، بعد تراجع كوسوفو عن تنفيذ القانون محل الخلاف، وتأجيل العمل به شهرا بغية تهدئة الوضع.
ويرى إيفان فيجفودا، الزميل الدائم في معهد العلوم الإنسانية -ومقره فيينا- أن نشوب الصراع الأخير على خلفية سبب بسيط يعكس تقلب العلاقات بين البلدين، للحد الذي يجعل التغييرات الإدارية الصغيرة يُنظر إليها بصفتها مسألة سيادية.
وقال فيجفودا إن الاتحاد الأوروبي يعمل جاهدا منذ مدة طويلة لتهدئة الوضع في منطقة غرب البلقان، وقد يؤدي الفشل في ذلك إلى نشوب صراعات قد تستغلها قوى أجنبية مثل روسيا والصين.
وأضاف “روسيا تسعى إلى إظهار ضعف قدرة الاتحاد الأوروبي والغرب على دمج غرب البلقان، لأن الفشل في ذلك يشكل خطرا أمنيا على أوروبا”.
وأشار تقرير وول ستريت جورنال إلى التاريخ الطويل من الصراع بين دول أخرى في البلقان، من بينها الصراع العرقي في البوسنة والهرسك وفي مقدونيا الذي يمكن أن يتجدد في أي وقت.
كما أشار إلى أن العديد من المراقبين يشككون في قدرة الاتحاد الأوروبي على نزع فتيل التوترات في منطقة البلقان بشكل دائم، دون مشاركة نشطة من الولايات المتحدة التي حولت تركيزها خلال السنوات الأخيرة إلى مناطق أخرى غير القارة الأوروبية.