الاخبار العاجلةسياسة

تزامن مع نقص الوقود وبدء العدوان الإسرائيلي.. ماذا يعني توقف محطة توليد كهرباء غزة؟

غزة- وجدت نسرين عبد الحي في كلمة “قبر” وصفا دقيقا لبيتها المتواضع، عندما تنقطع عنه الكهرباء لساعات طويلة يوميا، بفعل الأزمة الحادة في إمدادات الطاقة التي يعاني منها مليونا فلسطيني في قطاع غزة.

ومن شأن إعلان سلطة الطاقة عن توقف محطة الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل كليا، ظهر اليوم السبت، تعميق أزمات الغزيين، وتهديد الخدمات والمرافق الحيوية بالتوقف أو الانهيار التام، في ظل تصعيد عسكري إسرائيلي متنام.

وأدت العمليات العسكرية في غزة، كذلك، إلى تعطل خط ناقل للكهرباء من داخل إسرائيل يغذي مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة بنحو 12 ميغاواتا.

منازل كالمقابر

واقع أسرة نسرين المكونة من 9 أفراد يعكس حال غالبية الأسر في قطاع غزة، التي تعاني من أزمة كهرباء دائمة منذ فرض الحصار قبل نحو 15 عاما.

وتقول نسرين -للجزيرة نت- “حياتنا لا تطاق، ومع الحرب والقتل والدمار وانقطاع الكهرباء تتحول منازلنا إلى مقابر”.

وفي ساعات انقطاع الكهرباء الطويلة، تلجأ نسرين إلى استخدام قطعة من “الكرتون المقوى” للتهوية على أطفالها، الذين تمنعهم من الخروج إلى الشارع خشية على حياتهم مع تصاعد حدة العدوان الإسرائيلي.

وتتكدس هذه الأسرة الكبيرة في مساحة صغيرة داخل منزلها في مخيم للاجئين بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، لا تتوفر فيه وسائل طاقة بديلة.

وقالت نسرين “جاءت الحرب لتزيد من معاناتنا في ظل الحر الشديد”.

ولا تساعد الأوضاع الاقتصادية الصعبة لأسرة نسرين على توفير وسائل طاقة بديلة، كالاشتراك في المولدات التجارية، أسوة بأسر أخرى أحسن حالا في غزة.

وبسماعها عن توقف محطة توليد الطاقة، تخشى نسرين من انقطاع المياه عن منزلها، وقالت “نستخدم ماتورا (مضخة) لسحب المياه الضعيفة وتعبئة الخزانات، كلما توفرت المياه في الخطوط الرئيسية”.

وتعاني مناطق واسعة في غزة من انقطاع المياه عنها لأيام، وتضطر البلديات والمؤسسات المعنية إلى إمداد تلك المناطق خاصة مخيمات اللاجئين بالمياه حسب جدول توزيع.

ونظرا لضعف المياه الواصلة يضطر السكان إلى استخدام مضخات تعمل على الكهرباء لسحب المياه من الخطوط الناقلة، وتعبئة خزانات داخل المنازل تكفيهم إلى حين موعدهم التالي حسب جدول التوزيع.

بدائل بأسعار خيالية

وعلى مدار سنوات طويلة من أزمة انقطاع الكهرباء، ابتدع الغزيون وسائل بديلة للكهرباء بدأت بالشموع مرورا بـ”ليدات إضاءة” تعمل على البطاريات، والمولدات المنزلية الصغيرة، وصولا للمولدات التجارية المنتشرة حاليا على نطاق واسع.

غير أن ارتفاع كلفة كهرباء المولدات التجارية لا تسمح لكثيرين ممن يطحنهم الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية، بالاشتراك بخدماتها.

ويبلغ سعر كيلو الكهرباء من هذه المولدات 4 شواكل (الدولار يعادل 3.3 شواكل)، بما يساوي 8 أضعاف سعر الكهرباء الواردة من شركة توزيع الكهرباء ويقدر بنصف شيكل فقط.

عبد القادر حماد كان يقيم لسنوات طويلة في أوروبا قبل أن يقرر قبل نحو عام الاستقرار في بناية لعائلته بمدينة خان يونس جنوب القطاع، يقول -للجزيرة نت- إنه وفر في شقته السكنية أكثر من بديل للكهرباء.

وأضاف “الحياة في غزة تختلف عن العالم بأسره، غالبية الناس هنا أموات مع وقف التنفيذ، إنهم يعانون في كل تفاصيل حياتهم اليومية”.

ويحتاج قطاع غزة في الأوقات الطبيعية نحو 500 ميغاوات من الكهرباء يوميا، فيما لا يزيد المتوفر -غالبا- على 180 ميغاواتا، تنتج منها محطة التوليد 60 ميغاواتا، والباقي ترد عبر خطوط ناقلة من داخل إسرائيل.

وقال مدير عام العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء محمد ثابت للجزيرة نت، إن التطورات الناجمة عن التصعيد العسكري في غزة، وبالتزامن مع ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، ترفع حاجة القطاع من الكهرباء إلى 600 ميغاوات.

وبحسب ثابت فإن المتوفر حاليا من الكهرباء 108 ميغاواتات فقط، بعد خسارة الكمية المنتجة في محطة التوليد، و12 ميغاواتا في خط ناقل من داخل إسرائيل تعرض للتعطيل جراء الأحداث الجارية.

وأكد أن لهذه الأزمة تأثيرا فوريا على مجمل الخدمات والمرافق الحيوية في غزة، المرتبطة بصورة مباشرة بحياة الناس.

كارثة إنسانية

وجاء توقف محطة الطاقة إثر استمرار إسرائيل في وقف توريد الوقود اللازم لتشغيلها، والوارد من معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد، والمغلق بقرار إسرائيلي منذ الثلاثاء الماضي.

وقال مدير عام المشاريع في وزارة الحكم المحلي المهندس زهدي الغريز للجزيرة نت إنه بفعل هذه الأزمة لن تكون شركة التوزيع قادرة على إيصال الكهرباء سوى 4 ساعات يوميا في مقابل قطع يصل لنحو 16 ساعة.

وأكد أن مجمل الخدمات الحيوية في القطاع الصحي، وتحلية المياه، والصرف الصحي، تأثرت بالفعل بنسبة 100%، ووفقا للغريز فإن 90% من منازل غزة لن تصلها المياه من هذه اللحظة.

وأوضح أنه بمجرد وقف محطة الطاقة تتوقف محطات تحلية المياه، والصرف الصحي عن العمل فورا، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية وبيئية خطيرة، لافتا إلى أن 125 ألف متر مكعب من المياه العادمة تتم معالجتها في محطات الصرف الصحي التي تعمل بالكهرباء على مدار الساعة، وبتوقفها ستتدفق هذه المياه البحر والشوارع وتقع الكارثة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى