خبراء: الرد الصيني على زيارة بيلوسي سيكون عميقا وبعيد المدى
الرد الصيني السياسي والعسكري على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان يظهر أن الأزمة في العلاقات بين القوتين قد تكون عميقة وبعيدة المدى.
وبعد ما بدا أنه حرص من البيت الأبيض على أن تكون ردود فعله معتدلة نسبيا بمواجهة الموقف الصيني منذ زيارة بيلوسي إلى تايوان، نددت الرئاسة الأميركية بسلوك بكين “غير المسؤول” وبعرض القوة الذي قامت به في محيط الجزيرة.
وسعت أميركا لعدم التسبب في مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين التي تشهد في الأساس توترا شديدا، إذ ذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي “لا نريد أزمة، لا نسعى لإثارة أزمة” مع الصين.
ودعا كيربي بكين إلى خفض التوتر في المنطقة بوقف مناوراتها العسكرية، في وقت تشدد فيه الولايات المتحدة على أن زيارة بيلوسي إلى تايوان لا تعكس أي تغيير في سياسة “صين واحدة” التي تتبعها الولايات المتحدة.
“الالتباس الإستراتيجي”
زيارة بيلوسي كانت سببا في تعليق الصين -أول أمس الجمعة- أي تعاون مع الولايات المتحدة في موضوع التغير المناخي، وباشرت مناورات عسكرية ضخمة في محيط تايوان.
وأثارت زيارة بيلوسي لتايوان غضب بكين، وسلطت الضوء على مفهوم “الالتباس الإستراتيجي” الذي يحكم السياسة الأميركية حيال الجزيرة منذ عقود والقائم على غموض متعمّد.
وبدا البيت الأبيض محرجا وسعى بكل الوسائل لثني بيلوسي عن القيام بهذه الزيارة التي واجهت انتقادات كثيرة في الولايات المتحدة، لكن من غير أن يطلب منها العدول عنها حتى لا يبدو وكأنه يرضخ لضغوط بكين.
جبهتان
يشير محللون إلى أن “توقيت” الزيارة غير مناسب في ظل التوتر الحالي المخيم على العالم، ويحذرون من تصعيد خطير في وقت تخوض فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون نزاعا غير مباشر مع موسكو منذ الحرب الروسية على أوكرانيا يوم 24 فبراير/ شباط الماضي.
وقالت بوني غليزر من مركز جيرمان مارشال فاند الأميركي للأبحاث في واشنطن “لا أعتقد أننا نتجه نحو نزاع مسلح، لكن العلاقة الأميركية الصينية في مرحلة صعبة جدا حاليا”.
وأشارت الباحثة المتخصصة في الشؤون الصينية إلى تعليق اتفاقات تعاون أساسية للاستقرار في المنطقة، مثل اتفاق التعاون العسكري البحري الرامي تحديدا إلى منع حصول تصعيد.
ورأت غليزر أن الولايات المتحدة “أساءت تقدير” غضب الرأي العام الصيني بلا شك، ورد فعل الرئيس الصيني شي جين بينغ مع اقتراب مؤتمر الحزب الشيوعي هذا الخريف، الذي يتوقع أن يمنحه ولاية ثالثة كأمين عام.
ويعتقد الخبير روبرت سوتر، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، أن “عواقب إطلاق الصواريخ وغيرها من الأعمال العسكرية الاستفزازية ستظهر في الأيام وربما الأسابيع المقبلة إلى جانب إجراءات صينية أخرى”.
وقال إن “مدى الإجراءات الانتقامية الصينية الهادفة إلى إظهار عدم الموافقة على زيارة بيلوسي قد لا يُعرف قبل مرور بعض الوقت”.
ورأى الصحفي توماس فريدمان أن الولايات المتحدة جازفت “بالانجرار إلى صراعات غير مباشرة مع القوتين النوويتين، روسيا والصين”.
وكتب قبيل زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان -في عمود نُشر في صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times)- “إنه المبدأ الأساسي لأي درس في الشؤون الجيوسياسية: عدم فتح جبهتين في الوقت نفسه مع القوتين العظميين الأخريين”.
لكن خبراء آخرين بدوا أقل قلقا؛ إذ أكدوا أن السلطات الصينية لا تريد الحرب. وقال تيموثي هيث من مؤسسة راند “من الواضح أننا دخلنا مرحلة طويلة من التوتر”.
لكنه أضاف “لا أرى أي مؤشر على أن القادة الصينيين أو جهاز الحزب (الحاكم) يحضرون الشعب لحرب مفتوحة فقط بهدف استعادة تايوان. شي جين بينغ لا يريد حقا الحرب معنا”.