الاخبار العاجلةسياسة

بعد تعرضه لهجمات جوية.. هل ينجح العراق في الحصول على منظومة رادارات متطورة؟

يفتقر العراق منذ نحو عقدين إلى منظومة دفاع جوي متطورة تتصدى للخروقات الجوية أو الهجمات التي تنفذها الطائرات المسيرة بين فينة وأخرى، ومنذ غزوه عام 2003 لم يحصل سوى على منظومات أميركية وروسية قصيرة المدى، إضافة إلى بعض الرادارات التي أعيد تأهيلها من مخلفات الجيش السابق.

وأعلنت وزارة الدفاع العراقية في يوليو/تموز الماضي عن تعاقدها مع شركات فرنسية وأميركية للحصول على رادارات متطورة للكشف العالي والمتوسط والمنخفض، وذلك ضمن خططها لتعزيز قدراتها الدفاعية وحماية أجواء العراق وفرض السيادة الجوية على جميع أنحاء البلاد.

الزيادي أكد بأن الدستور العراقي لا يسمح بتجنيد متطوعين لصالح دولة أخرى - الجزيرة نت
الزيادي كشف عن وجود تفاهم بين بغداد وواشنطن لنصب رادارات متطورة تغطي كل العراق (الجزيرة نت)

رادارات متطورة

ويقول النائب السابق عن لجنة الأمن والدفاع بدر صائغ الزيادي إن العراق كانت لديه منظومة دفاع جوي متطورة لكنها لم تغطِ كل مساحة البلاد.

ويضيف الزيادي للجزيرة نت أن هناك عقدا مع الحكومة الفرنسية لتزويد العراق بمنظومة دفاع جوي أكثر تطورا، وكذلك الرادارات الأميركية الضابطة للأجواء العراقية تعمل بصورة جيدة بإشراف كادر عراقي مدرب، لكن مدياتها محدودة.

وأكد أن عدم امتلاك العراق منظومة دفاع جوي متكاملة يؤثر على ضبط الأجواء العراقية، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا عاليا بين الرصد الجوي للطيران المدني وآمرية الدفاع الجوي العسكرية، وذلك من حيث المعلومات الدقيقة عن أي خروقات جوية لأي طائرات غريبة تخترق الأجواء العراقية.

ويكشف النائب السابق عن وجود تفاهم رفيع المستوى بين العراق والولايات المتحدة في ما يتعلق بتطوير المنظومة الجوية العراقية بنصب رادارات متطورة أميركية الصنع، ورادارات فرنسية، والتي سوف تغطي كل العراق، وستكون كل الأجواء العراقية تحت سيطرة الدفاعات الجوية العراقية، وتعمل الكوادر العراقية حاليا مع الخبراء المختصين على نصب هذه الرادارات.

ورفض الزيادي الإفصاح عن أماكن نشر هذه الرادارات، معللا ذلك بأنها معلومات سرية، لكن وكالة الأنباء العراقية كانت قد نقلت عن مسؤولين عسكريين أن الأنظمة سيتم نشرها في محافظات نينوى وكركوك (شمال) والأنبار (غرب) والديوانية والبصرة (جنوب).

خطوة متأخرة

من جانبه، يعزو الكاتب والباحث السياسي الدكتور أنمار نزار الدروبي تأخر العراق في امتلاك منظومات رادارات متطورة إلى أن الجانب الأميركي كان هو المسؤول عن تدريب الجيش الجديد وتسليحه، بعد أن كان نظام الدفاع الجوي العراقي شرقيا، سواء كانت أنظمة روسية أو تشيكية.

ويبين الدروبي للجزيرة نت أن حل الجيش السابق دفع الكثير من خبراء الدفاع الجوي إلى الهجرة أو التقاعد، وبعضهم تعرض للاعتقال أو الاغتيال، حيث إن هذه المنظومة مهمة وخطيرة وتحتاج إلى آليات وأساسيات وقواعد علمية منهجية هندسية وليست فقط حربية.

ويلفت إلى أن العراق دخل بعد 2003 مرحلة كارثية وغير مسبوقة بالفساد المالي والإداري، والذي طال حتى مؤسسة الدفاع، إلى جانب المؤسسات الأخرى مثل الصحة والتعليم والكهرباء وغيرها، حيث باتت مؤسسات عديمة القدرة على تقديم خدمات للمجتمع.

ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى تأخر حصول العراق على منظومة دفاع متطورة سيطرة الولايات المتحدة على الأجواء العراقية لحماية قواعدها العسكرية، لكن ذلك لم يمنع الخروقات التركية لضرب حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، بحسب الدروبي.

ويشدد الباحث السياسي على أن السيادة الجوية والبرية والبحرية هي جزء كامل لا يتجزأ من سيادة العراق، لكن عدم امتلاكه هذه المنظومة أدى إلى انتهاك السيادة العراقية.

ويدعو الدروبي إلى تأسيس معهد مختص بالدفاع الجوي لدراسة منظومات الرادار المتطورة، والاستعانة بخبراء من الخارج حسب المنظومات التي يمتلكها العراق، ليكون استيراد الخبرات على أساس ذلك.

8 7
البياتي يحذر من أن الأجواء العراقية لا تزال مخترقة حتى مع وجود الرادارات (الجزيرة نت)

بدوره، يؤيد الخبير العسكري سرمد البياتي ما أشار إليه الدروبي بشأن استشراء الفساد في عقود وزارات الدفاع المتعاقبة، حيث صرفت أموال كثيرة بلا فائدة.

ويضيف البياتي للجزيرة نت أن من الأسباب التي أدت إلى تأخير امتلاك العراق منظومات رادار حديثة أنه كانت هناك معارضة داخلية وخارجية لامتلاكه مثل هذه الأنظمة، لكن اليوم لا توجد جهات تعيق تشغيل الرادارات.

اقرأ ايضاً
قطر تؤكد: "اتفاق العلا" لن يغير علاقتنا مع تركيا وإيران

ويوضح أن هنالك رادارين فرنسيين نوع “GM 403” (جي إم 403) تم نصبهما و3 رادارات أميركية، كما توجد رادارات فرنسية تكشف الأهداف العالية والأهداف المنخفضة.

ويحذر الخبير العسكري من أن الأجواء العراقية لا تزال مخترقة حتى مع وجود الرادارات، لأن منظومة الدفاع الجوي لا تكتمل إلا باستخدام أسلحة تعمل على تدمير الأهداف التي تخترق المجال الجوي.

ويطالب البياتي البرلمان العراقي باتخاذ الإجراءات المطلوبة لتوفير الأموال والميزانية الكافية من خلال الإيعاز لوزارة المالية بصرف مبالغ تسليح وتقوية الجيش العراقي.

أسباب وأهداف

من جهته، يرى الخبير الإستراتيجي اللواء الركن الدكتور جمال إبراهيم أن سبب اختيار العراق منظومات الرادارات الأميركية لكونها متطورة، حيث إن هناك سباقا بين الدول الصناعية الكبرى للأغراض العسكرية.

ويبين للجزيرة نت أن كافة الدول تحاول امتلاك منظومات رادار تعمل بكفاءة في أجواء وظروف وطقس مختلف، سواء كانت حرارة عالية أو أمطارا أو غبارا وعواصف أو حتى في حال انعدام الرؤية، لذلك تعمل هذه الرادارات بتقنيات فنية لا تؤثر عليها أو لا تقلل كفاءتها أي ظروف محيطة.

وأشار إلى أن شراء منظومات الرادارات المتطورة مكلف جدا، خاصة أن البنية التحتية والمعدات والأجهزة في العراق قد دمرت، وأعيد بناء وزارة الدفاع بعد عام 2005 من خلال تشكيلات بسيطة واجباتها تقتصر على بسط الأمن في المدن، ومع إعادة تشكيل قيادة الدفاع الجوي عام 2010 ظهرت الحاجة لوجود هذه الرادارات وبدأت تعمل بسرعة فائقة وتطور مطرد من أجل إعادة بناء هذه المنظومة، وساهم حلف الناتو وأميركا خصوصا في استقدام عدد من الرادارات وتجهيزها للدفاع الجوي.

ويكشف إبراهيم أن خطة إعادة بناء القوات المسلحة -ومن ضمنها الدفاع الجوي- وتقليص قوات متعددة الجنسيات كانت تحتاج إلى أن تبقى القوات المتعددة الجنسيات حتى عام 2030 وقسم منها لعام 2035، لكن صدور الأوامر وخروجها عام 2011 تسببا بخلل كبير جدا في إكمال هذه المنظومات.

ويتابع الخبير الإستراتيجي أنه تم إنشاء 4 رادارات قُطرية تغطي مساحات كبيرة جدا، نصب أحدها بالمنطقة الشمالية وآخر في الغربية وكذلك في الوسط والجنوب للكشف عن الخروقات الحاصلة.

ويعرب عن اعتقاده بأن قصف دهوك (شمال البلاد) في يوليو/تموز الماضي جدد مطالب المخططين العسكريين في كيفية تطوير منظومة الرادارات لمعالجة الخروقات، كما أن التطور الذي حصل الآن بالطائرات المسيرة والطائرات المنخفضة جعل الحاجة ضرورية لوجود رادارات تكشف الارتفاع المنخفض.

مرعي يعتقد أن نفوذ الحشد الذي فرضه في الواقع كانت أبرز أسباب إقرار قانون هيئة الحشد - الجزيرة نت
مرعي استبعد تقديم واشنطن منظومة باتريوت للعراق لأنها لا تثق بتوجهات الدولة العراقية (الجزيرة نت)

نتائج متوقعة

وعن مدى فاعلية المنظومات الجديدة ونجاحها في حماية أجواء العراق، يرى رئيس مركز القرار السياسي للدراسات هادي جلو مرعي أن هذا الأمر مرهون بقدرة القوات العراقية على استخدامها، مع التركيز على القدرة على المناورة وسرعة التحرك وضرب الأهداف من مناطق قريبة، مستبعدا قدرة هذه المنظومة على النجاح في الوقت الحالي.

وحول الإجراءات التي يستطيع العراق الإقدام عليها مستقبلا عندما يتعرف من خلال الرادارات على الجهات التي تنفذ الهجمات، أعرب مرعي للجزيرة نت عن اعتقاده بأن ذلك مرتبط بقدرة الحكومة العراقية على تطبيق الإجراءات القانونية، وحتى اللحظة لا تتوفر لأي حكومة تلك القدرة بسبب تعدد مراكز القرار في الدولة العراقية.

ويستبعد مرعي استعداد واشنطن لتقديم منظومة باتريوت في الوقت الراهن، لأنها لا تثق تماما بتوجهات الدولة العراقية ونظام الحكم غير المستقر، ولذلك ستكتفي ببعض الأنواع من الأسلحة التقليدية.

ورجح تقرير نشرته مجلة “فوربس” (Forbes) الأميركية في مارس/آذار الماضي أن واشنطن لا يمكنها حاليا تزويد أو إعارة صواريخ الباتريوت للعراق لمساعدته، وأن خيارات بغداد في ذلك محدودة للغاية، موضحا أن ألمانيا هي الأخرى قد تمتنع عن بيع أو نقل صواريخ باتريوت إلى العراق حاليا بسبب انشغالها بالحرب الأوكرانية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى