الاخبار العاجلةسياسة

تدخلات السيستاني حاسمة.. مطالب لمرجعية النجف بالتدخل لفض الاشتباك السياسي بالعراق

بغداد- تصاعدت الدعوات في العراق، لتدخل المرجعية الدينية بالنجف لوضع حد للأزمة السياسية بالبلاد، في ظل تلويح مختلف الأطراف، بقوّتها العسكرية، وتهديد بعضها بالنزول إلى الشوارع، ما ينذر بتفجر صراع خطير، قد لا يمكن احتواؤه.

ومنذ 10 أشهر، أجرى العراق انتخابات نيابية مبكرة، استجابة للاحتجاجات الشعبية، التي اندلعت عام 2019، لكن الخلافات حول تشكيل الحكومة، تعاظمت، ووصلت أخيرا إلى اعتصام أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، في المنطقة الخضراء، وتطويق مبنى البرلمان، فيما علّق رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، جلسات المجلس إلى إشعار آخر.

في ظل تلك الأجواء، تشهد الساحة العراقية، خطابا حادا من مختلف الأطراف، وتباريا في أعداد المعتصمين والمتظاهرين، وتفاخرًا بإمكانية جمع أكبر عدد من الجمهور، في وقت واحد، خاصة من قبل قوى الإطار التنسيقي، والتيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، فيما لم تسفر دعوات التهدئة، والمبادرات السياسية المختلفة عن شيء، حتى الآن.

الأنظار تتجه صوب السيستاني لوضع حد للأزمة (الصحافة العراقية)

لا أحكام ملزمة

وتتجه الأنظار، حاليا إلى المرجع الديني الأعلى آية الله علي السيستاني، لوضع حد للأزمة الراهنة، وإصدار فتوى أو تعليمات تخفف من حدة التوتر الحاصل في الشارع، خاصة بعد إعلان كتائب حزب الله، إمكانية اتخاذها إجراءات ميدانية، في تطور لافت، وسط تساؤلات عن وجود رغبة بالتدخل لدى مرجعية النجف، وكذلك توقيت هذا التدخل.

أستاذ الحوزة العلمية في النجف الشيخ فرحان الساعدي، قال إن “الأمور إذا وصلت إلى مخاطر أشد، سيكون هناك وعظ، ولا يكون أكثر من هذا، فليس هناك أحكام ملزمة، ومن أراد أن يرتدع فسيفعل”.

ويضيف الساعدي في تعليق للجزيرة نت، أن “على الكتل السياسية تقدير المخاطر قبل وقوعها، لكن إذا تصاعدت تلك المخاطر، فبالتأكيد ستكون هناك مواعظ تناسب الوضع”، مشيرًا إلى “تدخلات المرجعية الدينية في حالات مشابهة، لكن بما أن القضية الآن يمكن حلّها، ولو بأي شكل، فالأمر إليهم، خاصة وأن المرجعية تسعى إلى مسألة أن تدير الأمة نفسها بنفسها”.

وتحذر أوساط عراقية من التحشيد المتبادل للجمهور، وهو ما يثير مخاوف خروج الأمور عن السيطرة، والتطور إلى عنف متبادل بين طرفين لديهما فصائل مسلحة، لكن آخرين يرون أن الطرفين يحرصان على السيطرة على حركة التظاهرات وضبطها بشكل كبير، بل إن استخدام الشارع يجري بطريقة أداتية وفي إطار استعراض القوة والتفاوض غير المباشر.

الفضل أحمد: مرجعية النجف ستكون أكثر ميلا للتدخل العلني (الجزيرة)

بدوره، يرى الباحث في الشأن العراقي، الفضل أحمد، أن “مرجعية النجف ستكون أكثر ميلا للتدخل العلني إن حصلت هناك مواجهات مسلحة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وقتها بإمكان مؤسسة المرجعية تبرير موقفها المفترض بدعوى حفظ السلم الأهلي ومنع انجرار البلد إلى حرب أهلية”.

وإذا كان الطرفان لا يتصادمان بشكل خطير ومباشر، فيرى أحمد خلال حديثه للجزيرة نت، أن “مرجعية النجف لن تتدخل بشكل علني”.

وأشار إلى أن “المرجعية يبدو أنها تحاول تأجيل لحظة تدخّلها العلني المفترضة قدر الإمكان، كونها تدرك أن الطرفين (الإطار والتيار) يتّبعان مرجعيّات مختلفة بعضها لا سلطة اعتبارية للنجف عليه، وبالتالي فهم غير ميّالين لتبني مواقفها”.

ويتذكر العراقيون عدة تدخلات حاسمة للمرجع الديني آية الله علي السيستاني، أبرزها، الفتوى الشهيرة التي أصدرها للتطوع في صفوف القوات الأمنية، لمواجهة تنظيم داعش، عندما دخل محافظة نينوى شمالي العراق، عام 2014، كما أن رسالة السيستاني، الشهيرة أدت إلى إبعاد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، من الولاية الثالثة في العام ذاته.

اقرأ ايضاً
كوربن: استمرار بريطانيا بتسليح إسرائيل يجعلها متواطئة بقتل الغزيين

وفي عام 2019، دعا وكيل المرجعية الدينية في كربلاء، الشيخ مهدي الكربلائي، الحكومة العراقية إلى الاستقالة، استجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية، وعلى إثر تلك الدعوة استقالت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.

عباس المالكي يحذر من انفجار الوضع في العراق (الجزيرة)

الوقت حرج

ويرى ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، أن الوقت قد حان لتدخل مرجعية النجف، بسبب المخاطر المحدقة بالبلاد، والقلق الشعبي المسيطر على العراقيين.

وقال عضو الائتلاف عباس المالكي، إن “الأمور وصلت الآن إلى درجة من الخطورة، ما يستدعي تدخلا سريعا وجادا من المرجعية الدينية، إذ إن السلم الأهلي بات في خطر، وهناك أزمة سياسية، ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة المختلفة، فهناك بالفعل قلق من المواطنين على أمنهم الشخصي، وقلق على مستقبلهم المعيشي، فإذا استمرت تلك الأزمة، فلن تكون هناك موازنة مالية مثلا”.

ويرى المالكي في تصريح للجزيرة نت، أن “العراق الآن يحتاج إلى تدخل المرجعية، للمساهمة في حل هذه الأزمة”.

وبشأن استجابة القوى السياسية من عدمها، يؤكد المالكي أن “من لم يستجب من السياسيين لمساعي المرجعية، سيضع نفسه في خانة العزلة، وسيكون في مواجهة المجتمع ومواجهة المرجعية”.

لكن عضوا في التيار الصدري، يرى أن “بعض القوى تروّج لضرورة تدخل مرجعية النجف في الشأن السياسي، وهذا ليس من مهام المرجعية ولا ترتضيه لنفسها، خاصة وأن المطالب المرفوعة الآن هي ضمن سقف الإصلاح، ولا يسمح التيار قبل غيره بانزلاق الأمور كما يتحدث البعض ويلوّح”.

وأكد عضو التيار الذي رفض الكشف، عن اسمه للجزيرة نت أن “المرجعية مؤيدة لمطالب الشعب، ونادت غير مرة بضرورة إجراء إصلاحات في الوضع السياسي، ومكافحة الفساد، ودمج الفصائل ضمن المؤسسة العسكرية، وهي ذات المطالب التي يرفعها الجمهور اليوم، ومن ضمنهم التيار الصدري”.

وأشار إلى أنه “في حال صدور أي فتوى أو موعظة في هذا الشأن، فإنها ستكون في صالح البلاد، وستكون ضربة للفاسدين”.

البرزنجي: المرجعية الدينية لا تسير وفق ما تشتهيه الأنفس (الجزيرة)

تقليد المراجع الدينية

ولا يتبع المجتمع السياسي الشيعي، وكذلك الفصائل المسلحة مرجعية دينية واحدة، فيما يتعلق بالتقليد الفقهي، وهو أيضا ما يثير تساؤلات عن التزام مختلف الأطراف بأي فتوى أو وصايا تصدر من مرجعية النجف.

هنا، يرى المحلل السياسي القريب من قوى الإطار التنسيقي، الدكتور حيدر البرزنجي، أن “مقلدي مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، يتبعون المرجع السيستاني في الأمور السياسية، وما يخص العراق بشكل مطلق، فبالتالي أي فتوى تصدر من سماحة السيد السيستاني، فإن مقلدي السيد خامنئي، سيلتزمون بها، وذلك بناءً على طلب السيد خامنئي الذي ألزم مقلديه من العراقيين بذلك”.

ويضيف البرزنجي في تصريح للجزيرة نت، أن “المرجعية الدينية لا تسير وفق ما تشتهيه الأنفس، لكن عندما يكون هناك خطر حقيقي، فهي التي تقدر، وهي التي تسيطر على الواقع المجتمعي، إذا حصل شيء”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى