الاخبار العاجلةسياسة

أنطون أبو عاقلة للجزيرة نت: لن يُغلق ملف شيرين قبل تحقيق العدالة وجرحنا يتعمق يوميا

القدس المحتلة- 100 يوم مرت على اغتيال الزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة، ولا يزال جرح عائلتها مفتوحا ويزداد يوميا مع عمق الفراغ الذي تركته الشهيدة بعد رحيلها.

ورغم جروحه التي لم تندمل، يتابع شقيقها أنطون أبو عاقلة منذ لحظة قتلها حتى اليوم مع أطراف محلية ودولية ملف اغتيالها؛ رافضا إغلاقه حتى تحقيق العدالة.

ويؤكد أبو عاقلة -في حوار خاص أجرته معه الجزيرة نت- أن العائلة ما زالت تدرس الخيارات المتاحة للسير في قضايا جنائية، بالإضافة إلى تلك التي رفعتها نقابة الصحفيين الفلسطينيين بمحكمة الجنايات الدولية.

وفي ما يلي نص الحوار مع شقيق مراسلة الجزيرة الراحلة الذي تطرق أيضا لتفاصيل حياة العائلة اليومية بعد استشهاد شيرين وقسوة ما يمرون به:

لجنة حماية الصحفيين: على الرئيس بايدن التحرك بسرعة وتكليف مكتب التحقيقات الفدرالي بالتحقيق في مقتل شيرين ابو عاقلة
مؤتمر صحفي لعائلة شيرين أبو عاقلة بحضور عدد من النواب الأميركيين ومنظمة حماية الصحفيين في واشنطن (الجزيرة)

كل تحقيق نزيه وشفاف يشير إلى تورط جيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب هذه الجريمة كونه الجهة المسلحة الوحيدة التي تواجدت على مقربة من موقع الاغتيال.

بالنسبة لنا كعائلة لم نرفع أية قضية حتى الآن، وندرس في الوقت الحالي الخيارات المتاحة أمامنا وأفضل السبل للسير باتجاه رفع قضايا جنائية بخصوص اغتيال شيرين في عدة محافل دولية وأميركية كون الشهيدة تحمل الجنسية الأميركية.

نستشير رجال قانون ومؤسسات حقوق إنسان لضمان حق شيرين من خلال القضايا التي سنبدأ رفعها قريبا جدا، ونطلع عن كثب على الشكوى التي قدمتها نقابة الصحفيين الفلسطينيين لمحكمة الجنايات الدولية، ونتواصل مع المحامين القائمين عليها ونثق في هذا الجسم الفلسطيني بالتأكيد.

  • ماذا عن زيارتكم لواشنطن؟ وماذا نتج عنها؟

تمت الزيارة بناء على دعوة وجهها لنا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، كما أننا كعائلة كنا نخطط لزيارة واشنطن للحصول على استشارات قانونية لأننا ننوي رفع دعوى قضائية هناك.

في واشنطن كانت الاجتماعات مثمرة مع عدد من أعضاء مجلس النواب الأميركي، وخلال لقائنا مع بلينكن عبرنا بداية عن رفضنا واستغرابنا من موقف الإدارة الأميركية من هذه الجريمة، ورفض الأسرة القاطع مضامين البيان الصادر عن الخارجية الأميركية في الرابع من يوليو/تموز الماضي، الذي كان مخالفا للحقيقة واقتصر على تلخيص حادثة الاغتيال من وجهة نظر إسرائيلية بحتة.

طالبنا حينها بإصدار بيان جديد يعتمد على حقائق وبينات قائمة، وأن يكون التواصل الأميركي مباشرا مع العائلة وألا تصلنا المعلومات والتحديثات من خلال الإعلام الإسرائيلي كما حدث مرارا.

وطالبنا الولايات المتحدة الأميركية أيضا بإجراء تحقيق جنائي مهني وشفاف عبر مكتب التحقيقات الفدرالي أو أي مؤسسة قانونية من دون تعاون أي طرف آخر. والإصرار على لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن الذي طلبنا لقاءه خلال الزيارة، لكن ذلك لم يتحقق.

نؤمن بأن بايدن هو الشخص الذي يمكنه إصدار تعليمات لأي جسم قادر على القيام بتحقيق شفاف ومستقل، وهذا ما كنا نود أن نوصله له لكننا لم نتمكن من لقائه للأسف.

  • دعنا ننتقل إلى المستوى الإعلامي، هل تعتقد أن الإعلام الغربي أنصف قضية شيرين أو أنه وقف محايدا أو تبنى أحيانا الرواية الإسرائيلية؟

أؤكد بداية أن الإعلام الإسرائيلي حاول التغطية قدر المستطاع على هذه الجريمة، وردد الأكاذيب التي صدرت عن المستويين السياسي والعسكري وتبناها بشكل كامل، لكننا لم نولِ أي اهتمام لذلك لأننا نؤمن بعدالة قضية شقيقتي.

اقرأ ايضاً
قطر تنفي تعهدها لقاهرة بتغيير سياسة قناة "الجزيرة"

الإعلام الأوروبي والأميركي ورغم التحيز في البداية فإننا لاحظنا لاحقا تغيرا في التوجه، خاصة بعدما نشرت عدة وسائل إعلام عالمية تحقيقات صحفية بُنيت على أدلة ميدانية تؤكد أن إطلاق النار كان من الجانب الإسرائيلي وبسلاح أميركي، وأنه لم يكن هناك اشتباك مسلح في المكان ولا أي تواجد لمسلحين فلسطينيين، واطلعنا كعائلة على مقاطع فيديو تثبت ذلك.

لا يمكننا القول إن الإعلام الغربي أنصف القضية بالكامل، لكن توجد تقارير إيجابية عن شيرين لأنها صحفية معروفة، والجميع تابع الهمجية الإسرائيلية من لحظة اغتيالها والهجوم على جنازتها والاعتداء على المشيعين.

8 13
أنطون أبو عاقلة وعائلته خلال القداس عن روح شقيقته في كاتدرائية البطريركية للملكيين الكاثوليك في القدس (الجزيرة)
  • بعد مرور 100 يوم على استشهاد شيرين، ما أكثر ما يقلق عائلتها؟

فقدنا شيرين وهذا مؤلم جدا ولا يعوض بالنسبة لنا كعائلة، وتقلقنا محاولات تسييس قضيتها وهذا كابوس نعيشه يوميا لأننا نريد تحقيق العدالة لشقيقتي الراحلة بعيدا عن السياسة وعن أي حزب سياسي.

الشعب الفلسطيني توحّد يوم استشهادها ونتمنى أن يكون كذلك دوما، لكننا نرى محاولات من عدة أطراف لتسييس القضية بإطلاق إشاعات حول وجود اشتباك مسلح لحظة استشهادها وتبادل الاتهامات والأكاذيب؛ وهذا غير مقبول بالنسبة لنا.

  • هل سُجلت أي محاولات إسرائيلية أو دولية للتواصل مع العائلة لتكميم الأفواه وإغلاق ملف اغتيال شيرين؟

أبدا، لم يتواصل أحد معنا بهذا الخصوص، ونحن بالطبع نرفض إغلاق هذا الملف قبل تحقيق العدالة.

قضية شيرين ليست قضية العائلة وحدها، فأثناء سيري في الشوارع يوقفني كثيرون ويسألون عن مسار التحقيق والقضية، وهذا حقهم لأن اغتيال شيرين كان اغتيالا لصوت فلسطين وواجبنا ملاحقة المسؤولين بجميع الوسائل القانونية المتاحة، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لروحها.

  • لم ينس الشارع الفلسطيني شيرين وما زال صدى صوتها يتردد في كل منزل، لكن هل تخشى أن تُنسى قضيتها مع مرور الوقت؟

 لن ينسى أحد قضية شيرين لأن الجميع يعمل على تخليد ذكراها بعدة وسائل؛ فتارة يفتتح صرح باسمها، وتارة أخرى يفتتح شارع وزقاق ومعرض فني وجدارية. هذه الجهود بالإضافة إلى دورنا كعائلة بالعمل على تخليد ذكراها ستُبقي اسمها ساطعا.

  • ماذا يعني لكم كل هذا الالتفاف؟ وهل توقعتم هذا الحجم من التضامن؟

توقعنا ذلك بالتأكيد لأن الصحفية شيرين هي ابنة فلسطين التي نقلت معاناة وطنها بمنتهى الحرفية والمهنية وباغتيالها اغتالوا صوت الحقيقة.

قدمت شقيقتي من خلال مهنتها التضحيات على مدار ربع قرن، وأعدت تقارير من كل ركن في فلسطين، لذلك تركت جرحا غائرا بعد استشهادها في قلب كل فلسطيني. والتضامن والالتفاف الدائم هو أقل ما يمكن أن يقدمه الشعب لابنة كل مدينة وقرية ومخيم وشارع فلسطيني.

4 39
أنطون أبو عاقلة خلال فعالية زراعة أشجار زيتون باسم الشهيدة شيرين في بلدة بيت حنينا بالقدس (الجزيرة)
  • شيرين شقيقتك الوحيدة، حدثنا أكثر عما تغير في حياتكم بعد مرور 100 يوم على رحيلها؟

كل شيء اختلف بعد رحيلها لأننا كنا نلتقي يوميا وعند انشغالها كان لقاء نهاية الأسبوع حتميا وقائما دائما، وننسق إجازاتنا معا، وعندما أسافر كانت تتواجد دائما مع أسرتي.

الفراغ عميق وملموس، مقعدها على طاولة الطعام فارغ وكذلك في غرفة الجلوس، كلبها “فلفل” ما زال يبحث عنها في غرفتها وفي أرجاء المنزل، ولم نتجرأ في الشهر الأول على رحيلها على ذكر اسمها أمامه لأنه يبدأ فورا في البكاء والعواء.

شعور الفقد صعب جدا، ومن المستحيل الاعتياد عليه؛ شيرين تصغرني بـ7 سنوات لكنني كنت أستشيرها في كثير من الأمور.

أنسى في كثير من الأحيان أنها رحلت فأحمل هاتفي وأهمّ بالاتصال بها ثم أتذكر وأتراجع، أنادي على زوجتي وبناتي باسمها، شيرين كانت الأم الحنون والحاضنة للجميع.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى