الاخبار العاجلةسياسة

لإجبارهم على “التحييد الذاتي”.. هكذا تلاحق إسرائيل القيادات الإسلامية بالداخل الفلسطيني

القدس المحتلة- أمضى الشيخ يوسف الباز، إمام المسجد الكبير في مدينة اللد، وأحد قادة الحركة الإسلامية التي أعلنت إسرائيل حظرها عام 2015 في الداخل الفلسطيني، أسبوعا من الإضراب المتواصل عن الطعام في السجون الإسرائيلية، احتجاجا على قرار تمديد اعتقاله المتكرر.

وتتهم السلطات الإسرائيلية الشيخ الباز بـ”التحريض على العنف والإخلال بالنظام”، وذلك بسبب منشورات على موقع فيسبوك خلال اقتحام المسجد الأقصى وهجمات نفذها مستوطنون إسرائيليون على بعض المدن العربية في الداخل خلال العام الماضي.

ولم يكن إمام المسجد الكبير وحده من استهدفته إسرائيل من قيادات الحركة الإسلامية، فقبل أيام مددت وزيرة الداخلية أيليت شاكيد قرار منع سفر رئيس الحركة الإسلامية في الداخل -قبل حظرها- الشيخ رائد صلاح، لمدة 6 أشهر بزعم أنه “خطر على أمن” إسرائيل.

كما سبق ومنعت القيادي سليمان إغبارية من السفر. في حين اعتقلت قبل شهور نائب رئيس الحركة -قبل حظرها- الشيخ كمال خطيب، وأحالته إلى المحاكمة.

وتثير هذه الملاحقات حالة من الغضب في صفوف فلسطينيي الداخل، إذ يبدو أن السلطات الإسرائيلية مستمرة في ملاحقة قادة المشروع الإسلامي بعد حظر الحركة عام 2015، وذلك في مسعى إلى تنحيتهم والحد من تأثيرهم على مجريات الأحداث الآخذة بالتطور، خاصة في مدينة القدس، كما يرى قادة الحركة الإسلامية أنفسهم.

 

 

محاكم للقمع

يقول خالد زبارقة -عضو اللجنة الشعبية في مدينة اللد ومحامي الدفاع عن الباز- إن ” الشيخ يلاحَق على خلفية تصريحاته في ندوة سياسية أقيمت بالمدينة خلال هبّة مايو/أيار 2021 (هبة الكرامة)، حيث وصف من يتصدى لاقتحامات المستوطنين واعتداءات الشرطة الإسرائيلية على المصلين بالأقصى والفلسطينيين بالقدس بـ”الأبطال”، وأنهم ليسوا “زعرانا” كما وصفتهم سلطات الاحتلال، وهو الموقف والتصريحات التي صدرت عن (جميع) المشاركين بالندوة، وليس الباز فقط”.

وحسب المحامي في حديثه للجزيرة نت، “في أبريل/نيسان الماضي، بدأت محاكمة الشيخ يوسف الباز بزعم التحريض على العنف، علما بأن الحديث يدور عن ملف تعبير عن الرأي، خصوصا وأن تصريحاته تتعاطى مع الأحداث وما يشهده الداخل الفلسطيني والمقدسات ومجمل القضية الفلسطينية”.

وبرأي زبارقة “يبدو واضحا أن ملاحقة الشيخ الباز واستمرار اعتقاله إلى حين الانتهاء من الإجراءات القضائية يأتي ضمن مساعي إسكات صوته وتشكيل حالة ردع، خصوصا وأن النيابة الإسرائيلية رفضت الإفراج عنه بقيود مشددة مع الحبس المنزلي والقيد الإلكتروني، حيث انصاعت المحكمة لتوصيات الشرطة والمخابرات بالإبقاء عليه معتقلا”، مضيفا أن “المحاكم الإسرائيلية أصبحت أداة قمع وتغول على حريات وحقوق الفلسطينيين”.

وخاض الشيخ الباز إضرابه عن الطعام رغم تدهور وضعه الصحي، حيث يمكث بالعزل الانفرادي في سجن الرملة، وكان نُقل إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع، حيث عانى تدهورا في عمل عضلة القلب.

محاولة تحييد وردع

وتتطلع إسرائيل -من خلال محاكمة وملاحقة القادة الإسلاميين في الداخل- لتنفيذ مخطط شامل يستهدف المقدسات العربية والإسلامية في الأراضي التي احتلتها عام 1948 وفي القدس على وجه الخصوص، وتتطلع كذلك لمحاولة ردع المجتمع الفلسطيني بالداخل وكل من يتحدى السياسات الإسرائيلية، كما يرى قادة الحركة الإسلامية.

من جانبه، يقول الشيخ كمال خطيب -نائب رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها- “كلما نسينا، تذكرنا السلطات الإسرائيلية بأن لها أكثر من ذراع تقوم على خدمتها، ليس فقط الذراع السياسي ولا الذراع العسكري، ولا الإعلامي، وإنما معها الذراع القضائي التي تستخدمه كسوط تلهب به ظهور كل من يخالف سياسات حكومة إسرائيل”.

اقرأ ايضاً
هآرتس: حوارة أسقطت القناع عن وجه إسرائيل الحقيقي

وأضاف خطيب للجزيرة نت “ما نشهده هي ملاحقات سياسة لكنها مغلفة بغلاف قضائي بزعم وجود مخالفات وارتكاب ’تجاوزات أمنية‘ من أجل أن تعيش إسرائيل في جو لا يوجد فيه من يواجهها عسكريا ولا سياسيا؛ لذلك تقوم بالملاحقة وإخراج الملفات من الدواليب بتهم جاهزة وتوجهها لكل من تريد أن تكتم أنفاسه وتخرس صوته وتحيّده عن المشهد”.

ويرى خطيب أنه منذ اتخذت السلطات الإسرائيلية “قرارها الظالم” بحظر الحركة الإسلامية وإغلاق مؤسساتها، لم تتوقف عن الملاحقات للقيادات والنشطاء، “كما تزعم اليوم أن هناك سعيا لإحياء الحركة الإسلامية ومشاريعها ومؤسساتها وهذا غير صحيح”.

3 62
الشيخ رائد صلاح مددت إسرائيل حظر سفره خارج البلاد لـ6 أشهر إضافية بعد سنوات من الاعتقال وتقييد حركته (الجزيرة)

التحييد الذاتي أو الاعتقال الإداري

وقال “تريدنا إسرائيل أن نخرس ونقف جانبا، هذا لن يتم؛ وهي تسعى أن نفعل ذلك -رغما عنّا- بسيف قانونها الظالم، ولذلك تشغلنا لسنوات في محاكمها وتقدم ضدنا الملفات، وهذا أصبح نمطا من الملاحقة السياسية المتزايدة ضد أبناء المشروع الإسلامي”.

يعتقد القيادي خطيب أن إسرائيل ترى ضرورة في إعادة تفعيل أنظمة الطوارئ، ومن ضمنها الاعتقال الإداري بدون محاكم؛ “ذلك ما استنتجته إسرائيل بعد هبة الكرامة في مايو/أيار العام الماضي، وهذا مورس ضد مئات الشبان والعشرات من الذين قدمت ضدهم لوائح اتهام، وهو سيف يلوح به ضد كل من لا يستجيب للتهديدات ويحّيد نفسه تلقائيا”.

ويقول إنه “من الوارد جدا، بل حتما، أن الاعتقالات الإدارية ستستخدم ضد قيادات المشروع الإسلامي بشكل خاص، وبدايته مع قرار القضاء الإسرائيلي الإبقاء على الشيخ يوسف الباز رهن الاعتقال حتى الانتهاء من الإجراءات القضائية، وهذا وجه آخر للإقامة الجبرية والاعتقال الإداري”.

ملاحقة مستمرة

بدوره، يرى مدير مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، المحامي عمر خمايسي -الذي يمثّل قيادات الحركة مثل الشيخ رائد صلاح وكمال خطيب وسليمان إغبارية- أن الإجراءات الإسرائيلية تأتي استمرارا لملاحقة الحركة الإسلامية منذ 20 عاما، رغم حظر الحركة وإغلاق أكثر من 30 مؤسسة تابعة لها عام 2015، بعد أن كانت تقدم الرعاية والخدمة والإغاثة لأكثر من 500 ألف فلسطيني”.

وقدمت النيابة العامة الإسرائيلية ضد الشيخ صلاح 7 لوائح اتهام تتضمن 15 بندا “بالتحريض”، حيث قضى سنوات طويلة في غياهب السجون، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية، وحظر السفر خارج البلاد، إلى جانب المنع لسنوات من دخول المسجد الأقصى في القدس.

6 16
خمايسي: إسرائيل تسعى لضرب فكرة بناء مجتمع فلسطيني مستقل ذاتيا في الداخل (الجزيرة)

ضرب “المجتمع العصامي”

ويرى خمايسي أن المؤسسة الإسرائيلية تهدف من وراء حظر الحركة وملاحقة أبناء المشروع الإسلامي ضرب العمل السياسي والقضاء على فكرة “مشروع المجتمع العصامي” الذي روجت له وأطلقته الحركة الإسلامية.

وأكد خمايسي -للجزيرة نت- أن إسرائيل تخشى فكرة المشروع الذي يؤسس لاستقلال ذاتي لفلسطيني 48 سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو التربوي والتعليمي والثقافي، من دون الارتهان للسياسات الإسرائيلية التي تريد لفلسطيني 48 الانصهار والأسرلة وطمس الهوية الوطنية والقومية والدينية لهم.

لذلك، يقول خمايسي “تتم ملاحقة القيادات التي تعتبر البوصلة التي يمكن أن توجه الجماهير وتحركها ضد السياسات الإسرائيلية”.

وخلص إلى القول إن “من خلال قراءة السياسة الإسرائيلية ونهجها يتضح أنها لا تتراجع إلى الخلف وإنما تتقدم إلى الأمام، فبعد حظر الحركة وإغلاق مؤسساتها تتفرغ لقياداتها، وليس من المستبعد أن تعتمد أنظمة الطوارئ وتنفّذ اعتقالات إدارية واسعة وملاحقتهم في الداخل”.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى