تسهيلات لجذب المزيد من المسافرين.. الرحلة الأولى لفلسطينيين عبر مطار رامون الإسرائيلي
رام الله- “المعادلة صعبة إلا أن شعبنا يحب الحياة والسفر”.. بهذه الكلمات أعلن أحد مكاتب السياحة والسفر في مدينة الخليل جنوب الضفة، عن عروض لتنظيم رحلات سفر إلى أنطاليا التركية عبر مطار رامون الإسرائيلي، المقام على أراضي النقب، أقصى جنوب البلاد.
وصعوبة المعادلة التي تحدث عنها المكتب، هي في اختيار السفر عبر مطار إسرائيلي عوضا عن السفر البري عبر الأردن -منفذ فلسطينيي الضفة الغربية الوحيد إلى العالم- بعد إعلان إسرائيل فتح مطار رامون لإتاحة السفر لهم في رحلات تجريبية إلى تركيا.
ورغم أن هذا المكتب كغيره من مكاتب السياحة في جنوب الضفة الغربية، لم يكن له نصيب من تنظيم الفوج الأول للمسافرين عبر المطار، “لأسباب غير واضحة وبعكس ما كان مخططا له”، كما يقول القائمون عليه، فإن الرحلة الأولى من هذا المطار والتي ضمت مسافرين فلسطينيين، انطلقت اليوم الاثنين، في تحوّل له ما بعده في تاريخ سفر الفلسطينيين المعقّد إلى الخارج.
رفض رسمي
وفيما قوبلت هذه الخطوة برفض رسمي فلسطيني، ودعوات لمقاطعة السفر من خلال هذا المطار، فإن جانبا من الشارع الفلسطيني يرى فيها وسيلة للسفر الأرخص والأسهل -كما يتم الترويج له- مقارنة بالسفر عبر الأردن، وخاصة بعد أزمة المعبر الأردني بداية الصيف والازدحام الكبير الذي خلّف معاناة شديدة لعشرات الآلاف، واضطرهم للنوم لأيام فيه ودفع مبالغ مالية إضافية لشركات السفر.
وانطلقت الرحلة الأولى من مطار رامون -بالرغم من تضارب الأنباء حول تأجيلها- بمشاركة 24 فلسطينيا من محافظتي بيت لحم والخليل، والذين انضموا لرحلة مشتركة متجهة الى قبرص، وتقل إسرائيليين أيضا، عبر شركة طيران إسرائيلية وليس عبر شركات تركية كما كان مخططا.
يقول رامي الجعبري -مدير أحد مكاتب السياحة والسفر بالخليل- إن هناك قبولا من المسافرين لفكرة السفر عبر المطار، و”تلقينا اتصالات كثيرة للاستفسار حول التفاصيل والتكلفة وموعد الرحلات”.
ويعزو الجعبري هذا القبول إلى التكلفة العالية للسفر عبر الأردن وخاصة في ظل عدم الدوام على المعابر لـ24 ساعة، مما يرهق المسافرين ويزيد تكلفة رحلتهم في المعبر الذي تسيطر إسرائيل على أحد جوانبه، بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية، والأردن.
ووفقا للجعبري فإن “اختيار بدء الرحلات إلى تركيا ساعد في الإقبال على التسجيل للسفر عبر مطار رامون، فمعظم الرحلات التي نظمناها خلال هذا الموسم كانت لتركيا وأنطاليا”.
رفض لفظي
وكشف الجعبري عن تواصل مباشر بين مكاتب السياحة ومنسق مطار رامون لترتيب السفر عبره، وهو ما اعتبره البعض تجاوزا لدور السلطة الفلسطينية. ورغم ذلك لم يزد الموقف الفلسطيني الرسمي لهذه الخطوة عن الرفض اللفظي فقط.
وقال الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات في السلطة الفلسطينية، موسى رحال، إن هناك استحقاقات بموجب القانون الدولي تعطي لفلسطين الحق بتشغيل مطار القدس الدولي “مطار قلنديا” جنوبي المدينة، وإعادة إعمار مطار غزة، بالإضافة إلى إنشاء مطار جديد في شرق الضفة الغربية، وتخفيف القيود الإسرائيلية على السفر عبر معبر الكرامة مع الأردن.
وأضاف رحال للجزيرة نت أن “هذه الخطوة تمسّ بالسيادة الفلسطينية، وحقنا في إدارة مطارات تحت سلطتنا”.
وحول الخطوات التي ستتخذها السلطة الفلسطينية بحق المسافرين عبر المطار الإسرائيلي، نفى رحال وجود أي إجراءات. “وكل ما تقوم به الوزارة هو الدعوة لمقاطعة المطار كموقف وطني والتزام بما يصدر من المستوى السياسي بهذا الخصوص”.
وحول تحركات الفلسطينيين مع الجانب الأردني للتخفيف من الإجراءات عبر معبر الكرامة ردا على هذه الخطوة، قال رحال “مشكلة السفر الأساسية عبر المعبر هو من الجانب الإسرائيلي وليس الأردني”.
تسهيلات لجذب المزيد
وحظيت الرحلة الأولى عبر مطار رامون بتغطية إعلامية كبيرة من وسائل الإعلام الفلسطينية والعبرية، رافقها ترويج مكثف من قبل منسق خدمات السفر عبر مطار بن غوريون، والذي واكب أول رحلة للفوج الأول تحت شعار “اكدح -تعني بالعامية الفلسطينية شغّل- سيارتك واركب طيارتك وسافر من مطار رامون”، و”شبيك لبيك مطار رامون بين إيديك”، عبر فيديوهات مباشرة.
ولكن، لا يعكس كل ذلك الصورة الحقيقية لما ستكون عليه آلية السفر كما يقول إياد الرياحي الباحث في مرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية (منظمة أهلية مقرها رام الله).
وحسب التعليمات المنشورة، لن يُسمح للفلسطينيين من حملة الجواز الأردني من السفر عبر رامون، وكذلك سيمنع سفر “الممنوعين أمنيا”؛ أي الذين تمنعهم إسرائيل من السفر أو ترفض منحهم تصاريح عبور إلى الداخل، ومعظمهم من عائلات الأسرى والشهداء أو المعتقلين السابقين والناشطين السياسيين.
ويقول الرياحي إن الرحلة الأولى صممت لتكون “دعائية” بقصد الترويج للمطار مع تسهيلات من قبل الجانب الإسرائيلي، إلا أن الرحلات المقبلة لن تكون كذلك.
ويضيف الرياحي للجزيرة نت “في البداية نتوقع أن يكون هناك تسهيل في الإجراءات، وتخفيض في أسعار الرحلات لاستقطاب المسافرين، ثم عودة الإجراءات الأمنية المشددة، ولن تكون الرحلة أقل من حيث التكلفة ولا حجم الإذلال الإسرائيلي”.
وتحدث الباحث عن أهمية استقطاب الفلسطينيين للسفر عبر المطار بالنسبة لإسرائيل، لإنقاذ المطار اقتصاديا، “وإنجاح مشروع فاشل، حيث لم يلاقِ المطار منذ تشغيله إقبالا من الإسرائيليين للسفر عبره”.
وحول إقبال الفلسطينيين على السفر عبر المطار، أكد الرياحي أن هذا نتيجة انعدام الثقة بين المسؤولين والشارع الفلسطيني، فكيف يمكن الالتزام بالموقف الرسمي الرافض للمطار الجديد من قبل مسؤولين يحملون بطاقات الشخصيات المهمة “في آي بي” (VIP) ويتمتعون بامتيازات سفر إسرائيلية، وبعضهم يسافر عبر مطار اللد “بن غوريون” الإسرائيلي.