الاخبار العاجلةسياسة

بعد اتهامه بالإرهاب.. هل يعتقل عمران خان؟

إسلام آباد- من جديد، تنزلق الساحة الباكستانية إلى حالة من الاحتقان السياسي بين الحكومة وحزب الإنصاف المعارض بعد توجيه تهم بالتحريض والإرهاب ضد زعيم الحزب ورئيس الوزراء السابق عمران خان، وقرار محكمة في العاصمة إسلام آباد بمثوله أمام لجنة قضائية الأربعاء المقبل.

هذه الاتهامات جاءت على خلفية تصريحات له خلال مظاهرة في مدينة روالبندي المحاذية للعاصمة إسلام آباد تعهد فيها بمقاضاة ضباط من الشرطة وقاضية، متهما السلطات بتعذيب مساعده السابق شهباز غل أثناء الاعتقال.

وكان القيادي في حزب الإنصاف ووزير الإعلام السابق فؤاد تشودري قال في مؤتمر صحفي الأحد الماضي إن شهباز غل قد عُذب وأسيئت معاملته، وفقا لما ذكرته صحيفة “ذا نيوز إنترناشونال” الباكستانية. وقال تشودري إن حزبه سيرفع دعوى ضد المفتش العام في إسلام آباد ونائب المفتش العام.

من جهته، وصف وزير الداخلية الباكستاني رانا سناء الله -في مؤتمر صحفي في إسلام آباد الأحد الماضي- الادعاءات بتعذيب غل بأنها “دراما”، وقال “أستطيع أن أؤكد كوزير للداخلية أنه لم يمارَس أي تعذيب ضد غل”.

تصريحات وتهم

تصريحات عمران خان وتهديده بمقاضاة مسؤولين في الشرطة والقضاء والحكومة، جنبا إلى جنب مع تهم الإرهاب الموجهة له أثارت الجدل بشكل واسع حول الحالة القانونية للتصريحات، وكذلك التهم الموجهة لخان من الشرطة والحكومة.

وفي هذا السياق، يرى الخبير القانوني حيدر وحيد أن عمران خان كان متهورا عندما ذكر اسم القاضية وهددها بالعواقب، وسيكون من الصعب عليه أن يخرج من هذا المأزق.

وأضاف وحيد للجزيرة نت “عمران خان كسياسي مطالب باعتذار لفظي وإثبات أنه متأثر بما قيل إنه سوء معاملة لشهباز غل ولم يكن يقصد ما قال”.

في حين يرى الصحفي والمحلل السياسي جاويد رانا -في لقاء تلفزيوني على قناة “أي نيوز التركية”- أنه عندما يقول أي أحد إنه سيتخذ إجراءات قانونية ضد أي قاض أو قائد شرطة أو أي أحد في هرم السلطة بدعوى عدم تطبيقهم العدالة؛ فهذا قانوني تماما”.

ويضيف جاويد رانا أن عمران خان يستخدم مصطلح “الإجراءات القانونية” لأن أي شخص يأتي إلى الحكم يجب أن يتعامل بالإجراءات القانونية فقط، ولذلك فإن أي إجراءات قانونية ضد أي شخص لا يجب أن تشكل تهمة بالإرهاب.

Supporters of former Pakistani PM Imran Khan gather outside his residence in Islamabad
أنصار عمران خان يحتشدون أمام منزله أمس الاثنين بعد فتح محضر تحقيق ضده (الأناضول)

اتهامات بدوافع سياسية

ازداد الصراع السياسي حدة بعد الفوز الذي حققه حزب الإنصاف في إقليم البنجاب الشهر الماضي، والذي ترجم تصاعد شعبية حزب الإنصاف، كما أن عمران خان صعد خطاباته المعادية للحكومة الفدرالية، وأعاد تأكيد ضرورة عقد انتخابات عامة مبكرة، وهو ما زاد التصعيد السياسي حدة بين الفرقاء السياسيين في البلاد.

ويقول جاويد رانا إنه من الواضح أن هذه الإجراءات والاتهامات الموجهة لعمران خان كلها لها دوافع سياسية وليس لها معنى في إدانة خان، لأنه لم يهدد بتفجير المباني الحكومية أو شيء من هذا القبيل، حسب تعبيره.

في حين يقول الكاتب والمحلل السياسي زيغام خان في حديث للجزيرة نت إن أحد جوانب الصراع الهجوم الحاد الذي شنه عمران خان على المؤسسة العسكرية التي يبدو أنها أضرت بعلاقاته مع الجيش.

وعن إمكانية اعتقال عمران خان، فلا يرى زيغام خان أنه سيتم اعتقاله قريبا ما لم يكن هناك حكم ضده؛ فقضية الإرهاب ضعيفة للغاية، ولا يتوقع اعتقاله بحكم قانوني.

في حين يرى المحلل السياسي رعاية الله فاروقي في حديثه للجزيرة نت أنه منذ انتهاء حكومة عمران خان أزالت المؤسسة العسكرية الدعم المقدم له، ولذلك أصبح غاضبا من المؤسسة، وتجاوز كل الحدود وتجاوز الخط الأحمر أيضا.

معركة جديدة في أروقة القضاء

في هذه الأثناء، توجه محامو خان إلى محكمة إسلام آباد العليا، وقدموا طلب إفراج بكفالة ما قبل الاعتقال، حيث وافقت المحكمة على الكفالة الوقائية لخان حتى الخميس القادم.

لكن المحكمة قالت إن هذه القضية ليست من اختصاصها، وأمرت بالتوجه إلى محكمة مكافحة الإرهاب المختصة بحلول الوقت الممنوح لخان، وفقا لوسائل الإعلام الباكستانية.

وأفادت صحيفة “ذا نيوز إنترناشونال” بأن محكمة إسلام آباد العليا أصدرت مذكرة ازدراء للمحكمة ضد عمران خان، لتهديده القاضية زيبا تشودري.
وفي هذا السياق يقول زيغام خان إن ازدراء المحكمة يمكن أن يكون خطيرا ما لم يعتذر دون قيد أو شرط، ويمكن أن تمنعه ​​من خوض الانتخابات.

مستقبل غامض لحزب الإنصاف

هذه الرياح العكسية التي يواجهها حزب الإنصاف وزعيمه عمران خان تلقي بظلالها على المستقبل السياسي لخان وحزبه، خاصة في ظل عدم صدور الأحكام النهائية في قضية التمويل الخارجي المتهم بها الحزب، والتي لا تزال تراوح مكانها في القضاء.

في هذا السياق، يقول زيغام خان إن عمران خان وحزبه حققوا مكاسب شعبية بعد التصويت بحجب الثقة، و”من العوامل المهمة لهذا التغيير روايته الشعبوية بوجود تدخل أجنبي للإطاحة بحكومته، إضافة إلى الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها الناس حتى مع تغيير الحكومة”.

ويقول زيغام خان إن السيناريوهات المستقبلية تعتمد على مدى قدرة الحكومة على إدارة الاقتصاد، ومدة بقائها في السلطة، وأيضا عدد الصعوبات التي يمكن أن تخلقها لحزب الإنصاف. لكن رغم الهجمة الحالية فإن حزب الإنصاف ملزم بالبقاء كأكبر أو ثاني أكبر حزب حتى الانتخابات القادمة.

ويستطرد زيغام خان إن التهديد الأكبر لمستقبل عمران خان يكمن في خطر منعه من خوض الانتخابات من خلال بند في الدستور الباكستاني، ومن المثير للاهتمام أن عمران خان ارتكب خطأ في تقديم بيان الأصول إلى لجنة الانتخابات الباكستانية لمدة عامين متتاليين.

ويقول زيغام خان إذا حدث ذلك، فقد يجد حزب الإنصاف صعوبة في التغلب على منافسيه والظهور كأكبر حزب منفرد في الانتخابات المقبلة، كما سيكون من الصعب عليه إقناع الأحزاب السياسية الأخرى بالانضمام إليه في ائتلاف بسبب سلوك عمران خان وحزبه المهين تجاههم خلال الحملة الحالية.

في حين يقول رعاية الله فاروقي إنه في ظل الضغط الموجود على حزب الإنصاف، وفي حال اعتقال عمران خان بالفعل، ستتجه قيادة حزبه إلى أولئك الذين لا يوجهون أي خطاب مناهض للمؤسسة حتى اليوم، وهؤلاء الأشخاص ليس لديهم ثقل سياسي كافٍ للنجاح كقادة حزبيين؛ ولذلك فإن مستقبل الحزب أصبح موضع شك.

من جهة أخرى، عارض زعيم حزب الشعب الباكستاني والرئيس السابق آصف علي زرداري اعتقال عمران خان، إذ يعتقد أن الاعتقال سيلحق ضررا سياسيا بالتحالف الحاكم. بينما لم يعطِ رئيس الحركة الديمقراطية الباكستانية مولانا فضل الرحمن وجهة نظر واضحة بشأن اعتقال خان، وفقا لقناة “جيو نيوز” الباكستانية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى