الاخبار العاجلةسياسة

شطب التجمع الوطني.. هكذا تسعى إسرائيل لفرض يهودية الدولة على المكون الفلسطيني

القدس المحتلة- تترقب الأوساط السياسية والحزبية بالداخل الفلسطيني قرار المحكمة العليا الإسرائيلية المتوقع صدوره غدا الأحد في الاستئناف الذي قدمه مركز “عدالة” باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي ضد قرار شطب الحزب ومنعه من الترشح في انتخابات الكنيست الـ25 التي ستقام في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتداولت المحكمة العليا الخميس الماضي في جلسة خاصة بتركيبة 9 قضاة الاستئناف، بعد أن منعت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية التجمع من خوض الانتخابات البرلمانية، حيث أيد 9 من أعضائها من أصل 13 عضوا شطب ترشح قائمة الحزب للانتخابات بزعم “رفض التجمع طبيعة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، والتحريض على العنصرية”.

وواجه التجمع الوطني في السابق 5 مرات لمحاولات شطبه من قبل لجنة الانتخابات المركزية، حيث كانت المحكمة العليا تلغي قرار الشطب وتجيز للتجمع المشاركة والتنافس في الانتخابات البرلمانية، وذلك رغم انتقادات المحكمة للتجمع برفضه قبول إسرائيل كـ”دولة يهودية وديمقراطية”.

سامي أبو شحادة خلال إطلاق الحملة الانتخابية لحزب التجمع الوطني
رئيس قائمة التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة خلال إطلاق الحملة الانتخابية للحزب (الجزيرة)

الملاحقة السياسية

وأوضح مدير مركز “عدالة” المحامي حسن جبارين أن “كل ما قدم في طلب الشطب الأخير لا يمكن أن يصمد أمام المحكمة العليا، لأنه تم التداول فيه سابقا، وتبين أنه لا أساس قانونيا يستند إليه، علما أنه تمت مناقشة الطرح السياسي للتجمع في أكثر من مناسبة أمام الجهاز القضائي الإسرائيلي”.

وأكد جبارين أن ما يتعرض له التجمع يأتي في سياق الملاحقة وتجريم العمل السياسي لفلسطيني 48، وهو ما تجلى عام 2015 حين تم حظر الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح، وذلك في سياق محاولات إسرائيل لتحديد سقف العمل السياسي للفلسطينيين بالداخل وتقسيمهم إلى تيار معتدل وآخر متطرف.

من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن القيادات والتيارات الفلسطينية المعتدلة هم الذين يقبلون “يهودية الدولة” و”الفوقية اليهودية” والتمييز العنصري، بينما المعسكر والتيار المتطرف هو كل من يعارض المشروع الصهيوني بكافة مركباته وأحزابه، والذي يرفض أن يكون جزءا من اللعبة الإسرائيلية، وشروط يهودية الدولة والمشروع الصهيوني، وهو المعسكر الذي سيكون تحت طائلة الحظر، والإقصاء، والملاحقة السياسية، والتجريم.

المؤسسة الإسرائيلي تسعى لترويض فلسطينيي 48 وتحديد ملامح العمل السياسي لهم
السلطات الإسرائيلية تسعى لترويض فلسطينيي 48 وتحديد ملامح العمل السياسي لهم (الجزيرة)

إجماع صهيوني

وفي قراءة لتوجه المؤسسة الإسرائيلية لاستخدام القضاء في تصفية الوجود السياسي لفلسطينيي 48، يقول رئيس قائمة التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة إن “محاولات شطب التجمع ليست جديدة، وتأتي استمرارا لسعي المؤسسة الإسرائيلية لخلق قيادات وأحزاب عربية على مقاس وأهواء تل أبيب، وعليه مُنع الفلسطينيون بالداخل من إمكانية بناء أحزاب عربية وطنية مستقلة لهم حتى عام 1984”.

وعن استهداف التجمع الوطني تحديدا، يقول أبو شحادة للجزيرة نت إن التجمع “ملاحق سياسيا منذ تأسيسه، وذلك كونه يشكل تحديا لعنصرية الدولة في إسرائيل، ويقدم برنامجا ديمقراطيا وإنسانيا مبنيا على قيم العدالة والمساواة لجميع المواطنين”.

وأوضح أبو شحادة أن “النضال من أجل المساواة في الدولة اليهودية يعد تطرفا، وهناك إجماع صهيوني ضده، لذلك ستستمر محاولات الشطب والملاحقة لأي حركة أو حزب سياسي يطرح نقيض المشروع الصهيوني، ويرفض يهودية الدولة”.

وعن أسباب خشية المجتمع الإسرائيلي من كل من لا يعترف بيهودية الدولة، وحالة الإرباك الإسرائيلي من مشروع “دولة كل مواطنيها” أو فكرة “دولة ثنائية القومية”؛ يقول أبو شحادة إن “المجتمع الإسرائيلي يدرك عنصريته، وهو متمسك بها ومقتنع بفكرة الفوقية اليهودية، لذا علينا نحن أبناء الوطن الأصليين مواجهة العنصرية وإفشال مشروع يهودية الدولة”.

اقرأ ايضاً
في ظل الانقسام السياسي وفوضى الكتائب المسلحة.. كيف تبدو خارطة السيطرة العسكرية في ليبيا؟

ويعتقد أبو شحادة أن هناك إجماعا بين الأحزاب الصهيونية -يسارها ويمينها- على التمييز العنصري، ولذلك هم ضد فكرة “دولة جميع مواطنيها” التي تستند في الأساس إلى فكرة العدالة والمساواة لجميع المواطنين.

وعزا هذا الإجماع الصهيوني إلى أن مشروع “دولة لجميع مواطنيها” يتصادم مع فكرة “يهودية الدولة”، ويكشف زيف الديمقراطية الإسرائيلية، وهو المشروع الوحيد الذي يقدم حلا إنسانيا وديمقراطيا لجميع المواطنين في البلاد، ويناهض ويناضل من أجل إنهاء الاحتلال وإنهاء كل مظاهر التمييز العنصري تجاه أبناء الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده.

هندسة القيادات

وأكد القيادي في التجمع أن إسرائيل مستمرة منذ تأسيسها في محاولات هندسة القيادة العربية الفلسطينية في الداخل بما يتلاءم مع المشروع الصهيوني وأهدافه، مشيرا إلى أن هذه المحاولة ليست جديدة، ولكنها الآن لبست ثوبا جديدا من خلاله تحاول تقسيم القيادة الفلسطينية في الداخل إلى معتدلين ومتطرفين.

ويجزم أن هذه المحاولة أيضا ستفشل لأن البنية العنصرية في المشروع الصهيوني لا يمكن أن تسمح للفلسطينيين في الداخل بالاندماج داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن توفر المساواة لجميع المواطنين في الدولة.

وخلص للقول إن “عنصرية المشروع الصهيوني ستستمر في زيادة حالات الظلم والقهر والاضطهاد بشكل دائم، وهذه الحالة ستنتج نقيضها الذي سيناضل من أجل إنهاء الظلم والقهر وسيناضل من أجل العدالة والمساواة”.

صورة 9+10 محاولات إسرائيلية لتقسيم الفلسطينيين بالداخل إلى معتدلين ومتطرفين.
التجمع الوطني أكد تمسكه بالثوابت الفلسطينية في انتخابات الكنيست (الجزيرة)

القضاء الإسرائيلي

وفي قراءة للعقلية الإسرائيلية وتوظيف تل أبيب الجهاز القضائي في تصفية الوجود السياسي لفلسطينيي 48، يعتقد الباحث في القضايا الثقافية والاجتماعية الإسرائيلية والأدب العبري الطيب غنايم أن القضاء الإسرائيلي ليس قضاء محايدا، وحتى المحكمة العليا فيه باتت كفة الميزان فيها راجحة لليمينيين وللمستوطنين.

وأكد غنايم للجزيرة نت أن القضاء الإسرائيلي لم يتعد أو يتجاوز “التابوهات” الإسرائيلية المقدسة، ومنها يهودية الدولة بطبيعة الحال، بل كان في أفضل الأحوال يقوم بترقيع بعض الحالات وتليينها، إلا أنه يظل منحازا وغير موضوعي.

وعلى هذا الأساس يقول غنايم “لم ولن تقدم إسرائيل -على اختلاف تياراتها اليهودية والصهيونية- على الاعتراف أو تبني فكرة دولة كل مواطنيها أو دولة ثنائية القومية، لأنه وفق أُسسها التي أنشئت عليها فإنها بذلك ستقوض ما بنته”.

ثنائية القومية

وأوضح أنه في حال تنازلت إسرائيل عن فكرة يهوديّتها، بناء على معتقدات الأحزاب الإسرائيلية المختلفة، فإنها بذلك تدخل نحو “الهاوية”، مؤكدا أن إسرائيل لا تزال تخاف بعبع الديموغرافيا، وعداده يشغل كثيرين من العاملين في السياسة والإستراتيجيات في الدولة العبرية.

أما ثنائية القومية بالنسبة لإسرائيل، فيقول غنايم “تعني ديموغرافيا أكثر للعرب وللفلسطينيين، وحينها سينعكس الأمر كذلك على التمثيل العربي في البرلمان، فتكون أغلبية لغير اليهود، وهو ما يعدّ بقرة مقدسة لن يتم ذبحها. كما أن فكرة دولة كل مواطنيها مرفوضة جملةً وتفصيلا لدى اليهود الإسرائيليين، وما بنيت عليه الدولة من يهودية لن يتم تفويته بمعادلة كهذه”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى