تأخر إعلان «خليفة الظواهري»… ارتباك أم تخطيط؟
لا يعد مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، حدثاً عادياً يمر به التنظيم؛ لكن فيما يبدو أن التنظيم يواجه تحديات كثيرة الآن. وعقب مقتل الظواهري ترددت أسماء لخلافته، وتوقع كثيرون أن «يتم الإعلان عن (خليفة الظواهري) سريعاً كمحاولة (لمواجهة تشظي التنظيم)». لكن لم يعلن «القاعدة» عن اسم الزعيم الجديد؛ ما طرح تساؤلاً حول هل يكون تأخر الإعلان تخطيطاً من التنظيم لحمايته، أم أن هناك ارتباكاً داخلياً حول الزعيم؟ متخصصون في الحركات الأصولية أشاروا إلى أن «وجود خلافات وارتباك داخل (القاعدة) حول (خليفة الظواهري) وقد يأخذ الإعلان عنه وقتاً». وذكروا أن «التنظيم يواجه تحديات بسبب مصادر التمويل التي كان يوفرها الظواهري».
وقُتل الظواهري (71 عاماً) في غارة أميركية نُفذت مطلع الشهر الحالي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011.
وقال الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، عمرو عبد المنعم، إن «تنظيم (القاعدة) يعاني من حالة ارتباك؛ لأن الظواهري كان يشغل مكانة إعلامية، وحضوراً لتاريخ التنظيم واستمراريته ومرجعيته، رغم أن بقاء الظواهري في التنظيم السنوات الأخيرة كان (بقاءً مرجعياً) أكثر منه (بقاءً تنظيمياً) لقيادة مركزية موحدة تُعطي تكليفات للقواعد على مستوى الإطار المركزي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «التنظيم شغل الرأي العام (الخميس) عندما أعلنت مؤسسة (السحاب) الإعلامية الخاصة بالتنظيم، عن حدث مهم بقولها (انتظروا قربياً)». ولفت عبد المنعم إلى أن «الجميع توقع أن يتم إعلان اسم (خليفة الظواهري)؛ لكن أصدرت (السحاب) بياناً عن الأحداث في اليمن والصومال»، مشيراً إلى أن «الارتباك داخل (القاعدة) نتيجة عدم وجود شخصيات من الشخصيات القديمة (أي الهيكل التنظيمي)، لاختيار الزعيم الجديد، الذي سيعلب الدور الذي قام به بن لادن والظواهري».
من جهته، قال القيادي السابق في تنظيم «الجهاد» بمصر، نبيل نعيم، إن «هناك خلافات داخل (القاعدة) ولم يستقروا حتى الآن على من (سيخلف الظواهري)؛ لأن آخر شخص كان على مستوى تنظيمي هو الظواهري».
وشرح نعيم، أن «(القاعدة) قد يواجه التقسيم بسبب الضعف الحالي، وقد تنفصل بعض الأفرع عن التنظيم الأم»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن «التنظيم يعاني الآن من حالة (تشرذم) بسبب مصادر التمويل التي كان الظواهري يوفرها للتنظيم»، موضحاً أن «مقتل الظواهري أضعف التنظيم مالياً، كونه العقل المدبر لتوفير الدعم المادي للتنظيم».
في حين توقع عبد المنعم، أن «يأخذ التنظيم وقتاً لاختيار الزعيم الجديد»، لافتاً إلى أن «هناك شروطاً وضوابط ثلاثة وضعها التنظيم في الشخصية التي سوف تحمل الزعامة، وهو أن يكون من العناصر التي خاضت المعارك الكبرى في العراق أو أفغانستان، وأن يكون لديه عمل عسكري. أما الشرط الثاني هو أن يكون لديه رؤية علمية شرعية بحسب رؤية التنظيم. والثالث وهو الأهم هو أمنه، هل سيخرج باسمه الحقيقي أم باسم حركي». وقال عبد المنعم، إن «(القاعدة) يواجه تحديات في اختيار (خليفة الظواهري)، خاصة في ظل الدعاية المضادة التي يمارسها تنظيم (داعش) ضد (القاعدة)؛ الأمر الذي يجعل التنظيم لديه (حساسية) في الإعلان عن اسم (خليفة الظواهري) الآن». حول الأقرب لزعامة «القاعدة» الآن. رجّح عمرو عبد المنعم «خروج (سيف العدل) من المنافسة الحالية»، موضحاً أن «طرحه كان (عملية تمويه)، والأقرب قد يكون (المغربي)، أو أبو عبيدة يوسف».
لكن نبيل نعيم قال، إن «الشخصيات المرشحة لـ(لخلافة الظواهري) متساوية جميعاً في الفرص، وإن كانت فرصة سيف العدل ضعيفة وقد يصعب اختياره لوجوده في إيران، أيضاً المغربي تاريخه ليس بالقوي؛ لذا فالتنظيم لن يجتمع على قائد».
ومحمد أباتي المكنّى بـ«أبو عبد الرحمن المغربي»، كان الشخصية الأقرب للظواهري، كما أنه كان مسؤولاً عن تأمين اتصالات الظواهري والإشراف على إرسال الرسائل المشفرة إلى القواعد التنظيمية حول العالم، وكذلك كان مسؤولاً عن مؤسسة «السحاب» الإعلامية الخاصة بالتنظيم.
ويشار إلى أنه رغم أن التنظيم فقد قيادات بارزة، خلال العقدين الماضيين منذ هجمات نيويورك وواشنطن، ظلت له أفرع نشطة من الشرق الأوسط إلى أفغانستان وإلى غرب أفريقيا. ووفق مراقبين، فإن «التنظيم فقد عدداً من القيادات البارزة، أبرزهم أبو فراس السوري، وأبو الخير المصري، وأبو خلاد المهندس، وأبو خديجة الأردني، وأبو أحمد الجزائري، وسياف التونسي، وحسام عبد الرؤوف المعروف بـ(أبو محسن المصري)، بالإضافة إلى مقتل 17 قيادياً من ذراعه (جبهة النصرة)».