الاخبار العاجلةسياسة

تزامنا مع بدء العام الدراسي.. إسرائيل تهدد بهدم 9 مدارس فلسطينية

رام الله- منذ سنوات والفلسطيني طارق نعيرات من بلدة كفر مالك شمال شرق رام الله يفكر في كيفية مساعدة أطفال التجمع البدوي “عين سامية” -الذي يعيش أفراده على أرض قريته- لإكمال تعليمهم المدرسي.

يتابع معاناتهم وهم يقطعون مسافة طويلة تقدر بـ5 كيلومترات ليصلوا إلى مقاعد الدراسة في مدارس قريته القريبة، وقد دفعت ظروف وتكلفة التنقل الصعبة الكثيرين منهم إلى التسرب من مدارسهم، فخسروا حقهم في التعليم، وهو ما جعله يتبرع بدونم أرض لإقامة مدرسة للتجمع عليه.

يقول نعيرات للجزيرة نت إن من حق هؤلاء الأطفال تلقي تعليمهم الأساسي على الأقل، فهم لا يعرفون مكانا للسكن غير أراضي القرية التي قدموا إليها منذ السبعينيات.

وبالتنسيق مع المجتمع المحلي ووزارة التربية والتعليم وبتمويل من الاتحاد الأوروبي بنيت المدرسة، لكنها لم تكن كباقي المدارس، فقد بنيت صفوفها بالكامل من الصفيح، 3 غرف من الصفيح رُصت بجانب بعضها، وبعيدا عنها مبنى رابع يستخدم حمّاما، دون وجود أي مرافق أساسية كالساحات والمختبرات، فضلا عن شبكات المياه والكهرباء.

ورغم هذه الظروف فإن المدرسة كانت بمثابة “الهدية المنتظرة” لطلبة التجمع، فقد التحق 8 منهم بها مع البدء ببنائها في مطلع يناير/كانون الثاني 2022، وكان من المقرر أن يصل العدد إلى 50 طالبا مع بدء العام الدراسي الجديد.

إبراهيم جاسر كعابنة (10 أعوام) كان من الطلبة الذين التحقوا بالمدرسة، وكانت فرحته كبيرة، فلن يضطر إلى المسير الشاق الذي اعتاد عليه طوال سنواته الأربع السابقة، ولكن هذه الفرحة لم تكتمل كما يقول جده مختار التجمع محمد الكعابنة.

فلسطين- رام الله- عزيزة نوفل- مدرسة خلة الضبع إحدى المدارس التسعة المهددة بالهدم في مسافر يطا حاليا، كانت قد هدمت في السابق في العام 20018 - مواقع التواصل الاجتماعي
هكذا يتعلم أطفال فلسطين جراء هدم الاحتلال مدارسهم (مواقع التواصل الاجتماعي)

إخطار فوري بالهدم

بعد أيام من التحاق الأطفال بصفوفهم وقبل إكمال باقي البناء كان إخطار الهدم الأول، والآن تواجه المدرسة خطر الهدم في كل لحظة.

وبحسب محمد الكعابنة، فإن أطفال التجمع كانوا في السابق يسلكون طريقا وعرا ومحفوفا بالمخاطر في ظل اعتداء المستوطنين عليهم، هذا بالإضافة إلى صعوبة الطريق خلال فصل الشتاء والأمطار الشديدة، مما يجعل الكثيرين منهم يتغيبون عن مدارسهم لأيام، إضافة إلى حرمان الكثيرين منهم من الدراسة بسبب ظروف عائلاتهم المادية.

سلطات الاحتلال لم تكتف بإخطار الهدم الأولي، فكانت الإجراءات القانونية السريعة وصولا إلى قرار الهدم النهائي الذي صدر في 10 أغسطس/آب الحالي، أي قبل أيام على بدء العام الدراسي الجديد الذي ينطلق غدا الاثنين.

الآن، تواجه المدرسة قرارا نهائيا بالهدم قد لا يتمكن الطاقم القانوني من تجاوزه في ظل تسريع إجراءات كما يقول المحامي وائل القط من مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، والذي يتابع قضية المدرسة في المحاكم المركزية الإسرائيلية.

ويوضح للجزيرة نت أنه كان من المقرر أن يكون الرد على الاستئناف المقدم في سبتمبر/أيلول المقبل، ولكن قاضية المحكمة -وهي مستوطنة تسكن إحدى مستوطنات الضفة الغربية- حددت موعدا متقدما، وطلبت من المحامي الذي حضر الجلسة أن يقرر خلال ربع ساعة فقط بشأن هدم ذاتي للمدرسة أو هدمها من قبل القوات الإسرائيلية على أن يتم تحميل الأهالي تكاليف الهدم، إلى جانب شطبها الالتماس المقدم من قبله.

ورغم ذلك استطاع طاقم المحامين المتابع للقضية الحصول على قرار احترازي بوقف الهدم المؤقت مقابل دفع غرامة مالية باهظة، ويقول القط “تعامل القضاة مع هذه القضية غير مسبوق، فكأن هناك قرارا مسبقا بالهدم، وكل ما يجري هو محاولة تعجيز من خلال الغرامات الباهظة التي فرضت”.

ويتابع طاقم المحامين قرارات هدم لمدارس أخرى، ورغم الجهود القانونية التي تبذل فإن التوجه العام لدى السلطات الإسرائيلية هو الهدم كما يقول القط “نشهد تشددا غير مسبوق في ظل قوانين وأوامر عسكرية جديدة لردع الفلسطينيين بشكل كامل عن البناء في مناطق ج”.

فلسطين- رام الله- عزيزة نوفل - خلال زيارة ممثلي الاتحاد الأوروبي لمدرسة عين سامية بعد صدور قرار هدم نهائي بحقها في 10أب الحالي- الجزيرة نت
ممثلو الاتحاد الأوروبي خلال زيارة دعم لمدرسة “عين سامية” بعد صدور قرار نهائي بهدمها (الجزيرة نت)

هدم في أي لحظة

ويتابع مركز القدس القانوني أوامر الهدم التي صدرت بحق عدة مدارس ضمن 30 مدرسة تصنفها وزارة التربية والتعليم “مدارس بنيت بشكل بدائي”، ويهددها خطر الهدم بقرارات أولية أو نهائية.

وبالإضافة إلى مدرسة “عين سامية” هناك 8 مدارس صدرت بشأنها قرارات هدم نهائية في أي لحظة، وهي 4 مدارس في تجمع الفخيت ومدرسة “أم قصة”، وجميعها في “مسافر يطا” جنوب الضفة الغربية، ومدرسة تجمع “رأس التين” القريبة من رام الله، ومدرسة “التحدي 5″، ومدرسة “شعب البطم” في بيت لحم، بحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.

ويوضح الناطق باسم الوزارة صادق الخضور للجزيرة نت أن هناك 54 مدرسة تابعة للوزارة في مناطق “ج”، منها 30 صدرت بحقها قرارات هدم، بعضها بإخطارات أولية والأخرى نهائية.

وتطلق الوزارة على هذه المدارس “مدارس التحدي”، في إشارة إلى مواصلتها العمل على تقديم التعليم للأطفال في تلك المناطق المهمشة على الرغم من الإخطارات أو الهدم الفعلي كما جرى مع العديد منها في السابق.

وتابع الخضور “هذه ليست المرة الأولى التي تُهدم فيها مدارس في تلك المنطقة، وفي كل مرة نعيد بناء المدرسة ومواصلة التعليم، وفي بعض الأوقات لجأنا لتعليم الطلبة في العراء بعد الهدم”.

وتقوم الوزارة -حسب الخضور- بتدخلات عملية لدعم هذه المدارس، منها تقديم التسهيلات للطلبة وتوفير المدرسين، إلى جانب الخطوات القانونية من خلال التنسيق مع مؤسسات قانونية محلية ودولية، إضافة إلى التنسيق مع السفارات والقنصليات الأجنبية للتدخل، خاصة الاتحاد الأوروبي.

ويقول الناطق باسم الاتحاد الأوروبي في فلسطين شادي عثمان إن الاتحاد ساعد في بناء وتجهيز 12 مدرسة من هذه المدارس.

وأضاف عثمان في حديثه للجزيرة نت أن “هناك متابعة دائمة من قبل الاتحاد مع الجانب الإسرائيلي لتأمين حق الأطفال الفلسطينيين في هذه المناطق بالحصول على التعليم”.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يقوم بمطالبة إسرائيل بالتعويض أو إعادة بناء أي مدرسة مولها الاتحاد الأوروبي ويتم هدمها، أو تقديم بديل للسكان دون أن يتعارض مع حق الأطفال بالتعليم.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى